الوقائع المربكة لسيدة النيكروفيليا.. رواية حازم كمال الدين عن دار فضاءات

رام الله - دنيا الوطن
صدرت حديثًا عن دار فضاءات للنشر، بالعاصمة الأردنية عمان، رواية "الوقائع المُربكة لسيدة النيكروفيليا"، والتي تقع في 252 صفحة من القطع المتوسط.

تروى حكاية اختطاف سيدة لأسباب مجهولة، وتحويلها من خلال حقنها بعقار إلى جثة لتقديمها لأصحاب الرغبات الشاذة في مضاجعة الأموات.

والعقار رغم تحويل الجسد لجثة لكنه لا يفقد صاحبه الوعي بما يدور حوله.

مع طول الفترة التي يتم حقن جسدها به، تبدأ تنتابها هلاوس بسمعها لأصوات وامرأة مجهولة تحكي، ومع حكيها تبدأ المرأة الجثة تتذكر تفاصيل حياتها على مراحل ويتعرف عليها القارئ وأنها لاجئة سياسية عراقية إلى بلجيكا.

ووصف الناقد والروائي محمود الغيطاني، الذي قدّم الرواية التيتدور أحداثها في بلجيكا، وكتب كلمة الغلاف، العمل بأنه سرد يقترب من تقنيات السينما "ويحافظ الروائي على تساؤل القارئ حتى اللحظة الأخيرة. ينجح الكاتب في التلاعب بالقارئ من خلال تماهيه مع السرد في نهاية الرواية والدخول بشخصيته واسمه فيها". 

وجاء على ظهر الغلاف:

ثمة مقدرات سردية تتأتى لبعض الكتاب تجعلهم قادرين على الإمعان في أسلوبيتهم الروائية التي تساعدهم على ابتكار طُرق سردية من شأنها أن تجعلهم يغوصون في العالم الروائي الذي يكتبونه للدرجة التي تجعل الكاتب والمُتلقي معا لا يتخيلان أي عالم آخر خارج هذا العالم الروائي المُنغمسين فيه، حتى لكأن العالم من حولهما قد ذاب.. مثل هذه الحالة هي ما تصيبنا حينما نقرأ رواية "الوقائع المُربكة لسيدة النيكروفيليا" التي يحرص فيها كاتبها على درجة من الإدهاش، والتساؤل، والانتظار، والإثارة؛ الأمر الذي يجعلنا أسرى للحدث الروائي غير قادرين على التخلص منه، أو التخلي عنه، أو إعطائه ظهرنا إلا بانتهائنا من الرواية بالكامل.

أما الناقدة  د.فاطمة واياو فقد كتبت عن الرواية تقول:-

منذ الصفحات الأولى يحبس الكاتب أنفاس القارئ حيث الأحداث تلاحق السرد والسرد يلاحق الأحداث، غير أن ما يمكن أن نضيفه فيما يتعلق بنصه الأخير وقائع سيدة النيكروفيليا هي الوصف البصري، إن صح التعبير، من خلال اللوحات التشكيلية والتي اختار الروائي أن تكون تناصا من خلال استلهام أعمال الفنان البلجيكي رينيه ماغريتRene Magritte وهو توظيف ينم على توظيف تقنيات المابعد حداثية المتمثة في الميتاسرد والكولاج في نص حازم حيث يصبح الفن التشكيلي من خلال لوحات الرسام البلجيكي رينيه ماغريت (1898 -1967) والمعروف بأسلوبه المتميز والذي نستشفه من قوله: ” كل ما نراه يخفي ضمنه شيئا آخرا، ودائما ما نهتم بالمخفي فيما نراه…” حازم كمال الدين بدوره يسير على خطى ماغريت فيأخذنا في متاهات وسوريالية التخييل ونحن نلهث وراء سيدة النيكروفيليا وذات الصوت المبحوح، صعودا ونزولا أبواب تفتح وأخرى تغلق في دينامية رمزية ربما هدف من وراءها الروائي الإغراق في التخفي في محاولة لتمويه مطارديه من المخبرين. بل إنه يموه الحياة برمتها من خلال أسلوبه المتميز الذي يشكل متنه من خلال كتابة الهوية وإشكالاتها الأنطلوجية والمعرفية. هكذا يسبح الروائي حازم جمال الدين كعادته في ملكوت المتناقضات التي تسم الشخصية العراقية من خلال حديث سيدة النيكروفيليا الراوية حيث تسترجع كل المتناقضات التي شهدتها وقرأتها عن المجتمع العراقي المقسم بين الطائفية والايديولوجيات المستوردة، بل إن أفظع ما يمكن أن يصيب مجتمعات عقيمة هي تضخم المصطلحات المستوردة وهو ما أحسنت الراوية تضمينه :

“ديالكتيك فائض القيمة. التناصّات البنيوية للميتا سرد. كونفوشيوس.. الابستيمولوجيا…” إن استلهام كمال الدين لرينييه ماغريت لم يكن اعتباطيا بل إنهما يلتقيان في مقاربة الأضداد والمتناقضات كما هي الحياة التي لا تمثل سوى الشيء ونقيضه. فالتأرجح بين الموت والولادة في أعمال حازم كمال الدين، فمن كاباريهت ومياه متصحرة وصولا إلى إصداره الأخير الوقائع المربكة لسيدة النيكروفيليا مرورا بمروج جهنم نقف عند تيمة الموت والولادة مشفوعتين بالتعذيب على أشكاله وصنوفه المختلفة والمغرقة في السادية. إنها رواية الإدانة لكل أدعياء الثقافة ومروجي الأفكار لبيئة قاحلة لم تتجذر فيها ولو ذرة حداثة أو عقلانية..

حازم كمال الدين روائي عراقي يعيش في بلجيكا، صدرت له من قبل رواية "مياه متصحرة"، ورواية "مروج جهنم"، ومياه متصحرة التي وصلت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية.

التعليقات