كيف يمكن للتكنولوجيا أن تساعدك على تجاوز الاكتئاب الشتوي خلال الجائحة؟

كيف يمكن للتكنولوجيا أن تساعدك على تجاوز الاكتئاب الشتوي خلال الجائحة؟
إذا كان الاكتئاب الشتوي مشكلة في السنوات العادية فإن المشكلة تتضاعف هذا الشتاء، صحتك النفسية ربما تتلقى ضربة قوية نظراً إلى جائحة فيروس كورونا.

أسهم كوفيد-19 بالفعل في زيادة التوتر إلى مستويات تاريخية. أكثر من ثلاثة أرباع المستجيبين للاستطلاع السنوي من جمعية الطب النفسي الأمريكية قالوا إن الجائحة من المصادر الكبرى للتوتر.

والأهم أنه ليس من الواضح متى وكيف ستنتهي هذه الجائحة، فبعدٍ انخفاض أعداد الإصابات الجديدة لفترة من الزمن، عاودت الحالات الارتفاع، في موجة عبر العلماء عن قلقهم من استمرارها حتى نهاية الشتاء، فانخفاض درجات الحرارة سيدفع عددًا متزايدًا من الناس إلى البقاء داخل بيوتهم، ما سيزيد من أعداد الإصابات الجديدة.

تقول دورين دودجن ماغي، عالمة النفس التي تكتب وتتحدث عن تأثير التكنولوجيا علينا، إن البقاء في الداخل والانعزال بدرجة أكبر قد يدفعنا إلى الشاشات للترفيه والإلهاء.

ويمكن أن يشكل هذا ضغطاً علينا؛ لأننا نعلم أن الاختلاط الاجتماعي مفيد لصحتنا العقلية.

تقول دودجن ماغي: "تعد شاشاتنا وسيلة إلهاء سهلة لدرجة أننا سلمنا أنفسنا لفكرة أنها تشبعنا بالفعل، وهي كذلك في بعض الأحيان، لكن ليس على الدوام".

ومع ذلك، فهي تقر بأنه من غير الواقعي التخلي تماماً عن الهواتف وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بنا، خاصةً عندما يعمل الكثير منا من المنزل ونقضي ساعات لا نهاية لها على Zoom، سواء للمدرسة أو العمل. ما يحتاجه الناس حقاً هو انحسار الوباء والأزمة الاقتصادية أو الوصول إلى نهاية لهما، ولن يحدث ذلك إلا عن طريق القيادة والسياسة. لكن الشتاء سيختبر قدرتك على التحمل، لذا من الجيد أن تبدأ في الاستعداد الآن. في الواقع، هناك طرق لاستخدام التكنولوجيا دون الإضرار بصحتك العقلية، وتوفر لك أيضاً الاقتراب من الأصدقاء والعائلة. وعندما تحتاج إلى ذلك، يمكنك الابتعاد عن الأجهزة دون تدمير عملك وحياتك المدرسية. إليك الطريقة.

1. فصل تكنولوجيا العمل عن تكنولوجيا المرح

لقد طمس الوباء الخطوط الفاصلة بين عملنا وحياتنا الشخصية. يمكنك استخدام نفس منصة مؤتمرات الفيديو لاجتماعاتك الأسبوعية مع رئيسك في العمل ولقضاء ساعات التسكع مع أصدقائك، ولكن لا ينبغي أن تكون الأجواء هي نفسها.

يجب أن تكون المساحة المادية التي تستخدمها للالتقاء رقمياً مع الأصدقاء مختلفة عن تلك التي تستخدمها في العمل، وفقاً لد. لين بوفكا، كبير مديري تحول الممارسات والجودة في جمعية علم النفس الأمريكية. يعمل مكتبها على تطوير السياسات والقضايا المتعلقة بالممارسة المهنية لعلم النفس.

تقول بوفكا: "في حين أن الإعداد قد يكون ملائماً في مكتبك بالمنزل، إذا كنت محظوظاً لامتلاك مكتب في منزلك، فلا تقم بالتواصل الاجتماعي في نفس المكان، لكي تحصل على الأقل على استراحة بين العلم والأنشطة الاجتماعية".

إذا لم تكن لديك بمنزلك مساحة كافية لذلك، فقم بتزيين هذه المساحة عندما تتسكع مع الأصدقاء. فكر في إضاءة الشموع أو تغيير شدة الإضاءة لمساعدتك على الاسترخاء، كما تقول بوفكا. أي طريقة يمكنك تفرق بين الإعدادين يمكن أن تساعدك. وتقول بوفكا إن التحدي، عندما نكون عالقين في المنزل، هو إيقاف نزيف كل يوم إلى اليوم التالي، وأن الفصل بين العمل وبيئات المرح يخفف من تلك الرتابة.

وبالمثل، تقترح دودجن ماغي تخصيص مناطق معينة في منزلك لأنواع مختلفة من استخدام الشاشات، مع توفير منطقة خالية من الشاشات أيضاً. غرفة النوم، على سبيل المثال، يمكن أن تكون غرفة غير مسموح باستخدام الهواتف فيها لمنحك فرصة لإعادة الشحن الذهني بعيداً عن أجهزتك.

2. قد يكون اتصال الفيديو سببًا في الاكتئاب الشتوي

عندما انتقل الجميع إلى العمل عن بُعد لأول مرة، كان هناك تركيز كبير على مؤتمرات الفيديو، وفقاً لبوفكا. الآن، تشجع جمعية علم النفس الأمريكية الناس على تقييم ما إذا كانت اجتماعات الفيديو ضرورية أو ما إذا كان يمكن الاستغناء عنها لصالح المكالمات الهاتفية.

هذا لأن النشاط البدني هو أساس الصحة الجيدة. مع وجود الكثير من الأشخاص الذين يعملون عن بُعد هذه الأيام، ليس لدينا الكثير من الأسباب التي تدفعنا إلى النشاط البدنياً نظراً لرحلاتنا القصيرة أو المنعدمة، والعديد من الأشخاص عالقون في العمل من غرفة واحدة لا غير.

تقول بوفكا إن مكالمات الفيديو تميل إلى تقييد الأشخاص في مكان واحد، بينما يمكن أن تسمح المكالمة الهاتفية للأشخاص بالتنقل في منطقة عملهم أو حتى الخروج من المنزل. (إذا كنت تعيش بالقرب من الأجواء الطبيعية، فاعلم أن قضاء الوقت في الخارج يمكن أن يعزز من صحتك العقلية).

يمكنك إجراء مكالمة فيديو بالخارج ولكنها تتطلب مجموعة مختلفة من المهارات المعرفية عن التي تتطلبها المكالمات الهاتفية، وفقاً لبوفكا. في مكالمة الفيديو، قد تبحث عن إشارات مرئية من المشاركين، وتتفحص بعينك شاشات متعددة أمامك. لكن على الهاتف يمكنك الاستماع دون بذل الطاقة العقلية اللازمة لتفسير تعابير الناس.

إذا لم يكن لديك خيار التواصل بالصوت فقط، فحاول تحسين التجربة لتقليل العبء على صحتك العقلية. قد يكون من الصعب التركيز على أشخاص آخرين في مكالمة Zoom إذا احتل وجهك نصف الشاشة أمامك، وفقاً لدودجن ماغي. ويمكنك أيضاً مقارنة نفسك بأشخاص آخرين في الاجتماع. هذا يعني أنك قد لا تكون متصالحاً مع نفسك أو حاضراً في المحادثة، كما تقول دودجن ماغي.

إذا وجدت نفسك تفعل هذا، قم بإخفاء صورتك. إذا كانت منصة الفيديو لا تسمح بذلك، فضع ورقة لاصقة على كاميرا الفيديو الخاصة بك. ويمكنك أيضاً إيقاف الكاميرا إذا كان مكان عملك يسمح بذلك.

3. نظِّم وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك

حوّل حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مكان يبعث على السعادة. تتابع بوفكا، على سبيل المثال، حسابات تويتر مثل Thoughts of Dog وExploding Unicorn، وكلاهما يشتركان في محتوى مضحك وخفيف. وتقول إن هذه الحسابات تجعلها دائماً تشعر بالرضا، مما قد يوفر استراحة ذهنية من المحتوى الثقيل مثل الأنباء السياسية.

تقترح دودجن ماغي إضافة حسابات تدعم قبول النفس ولا تدفعنا إلى مقارنة أنفسنا بأشخاص آخرين. أحد حساباتها على إنستغرام هو The Nap Ministry، الذي يحث الناس على قضاء بعض الوقت في أيامهم للراحة ويصف الحرمان من النوم بأنه "قضية عدالة عرقية واجتماعية"، كما توصي بالبحث عن مواقع ويب تعزز الإيجابية الجسدية.

يمكنك أيضاً إلغاء متابعة الحسابات التي تسبب لك القلق أو الضيق. انتبه إذا كانت الحسابات تجعلك تشعر بالغضب أو الانفعال بعد التفاعل معها، وفقاً لبوفكا. ومن الإشارات على ذلك التنفس السريع أو صعوبة التركيز.

4. تجنب التمرير المهلك

إذا وجدت نفسك تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي وتستهلك الأخبار السيئة إلى ما لا نهاية، فأنت ضحية للتمرير المهلك.

تقول بوفكا: "عندما نشعر بالقلق حيال شيء ما، فإننا نميل إلى البحث عن معلومات لتهدئة قلقنا. ومع ذلك، في الوقت الحالي، نميل إلى الانغماس أكثر في دورة إخبارية مقلقة وتصبح مجرد حلقة سلبية".

وتقول دودجن ماغي بالمثل إنه عندما تتكون حياتنا من نفس الروتين اليومي، فيمكن أن نشعر بالرتابة والاكتئاب. وعندما تنغمس في التمرير المهلك، فأنت غالباً ما تبحث عن زيادة في الكثافة العاطفية للتمييز بين الأوجه المتشابهة في حياتنا.

في حين أن التمرير قد يجعلنا نشعر في البداية بالرضا، إلا أنه في النهاية يضر بصحتنا العقلية، كما توضح. "يمنحنا التمرير المهلك هذا الدفعة من الدوبامين في كل مرة نجد فيها شيئاً آخر مثيراً للغضب أو الإحباط أو اليأس. هذا يبدو وكأنه يمنحنا لمسة من العاطفة لكنه في الواقع يؤلمنا".

للحماية من دورة التمرير المتكرر، فإن الخطوة الأولى، كما تقول بوفكا، هي التعرف على الوقت الذي نشعر فيه بعدم الاستقرار وما نأمل في أن يحققه التمرير المستمر في صفحات التواصل الاجتماعي. بمجرد التعرف على تلك الدورة، تجنبها قدر الإمكان، كما توصي بوفكا. حاول ضبط المؤقت والابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي عندما تسمع رنينه.

5. استخدم الشاشات في التواصل مع الأصدقاء والعائلة

يمكن أن تتسبب الشاشات في العزلة، لكنها يمكن أن تساعدك أيضاً على الاقتراب من أحبائك.

تستخدم دودجن ماغي تجارب Airbnb عبر الإنترنت لقضاء الوقت مع عائلتها المنتشرة في ولايات متعددة. تتوفر مجموعة متنوعة من الخبرات، من دروس الرقص إلى الرحلات الافتراضية في الخارج للتحقق من فن الشارع في بلد ما إلى عروض السحر. يدفع كل شخص مبلغاً معيناً لكل فصل (يمكن أن يصل إلى 5 دولارات أمريكية). كما أنشأت دودن ماغي نادياً افتراضياً للكتب مع ابنة أختها، حيث يقرأ كلاهما نفس الكتب ثم يناقشاها معاً عبر الإنترنت.

تقترح أيضاً الخروج جسدياً إلى العالم بشيء مثل مطاردة الصور. يمكن القيام بذلك مع البالغين والأطفال. يقوم شخص ما بإنشاء قائمة بالأماكن التي يجب زيارتها وتتنافس كل مجموعة أو شخص للسفر إليها جميعاً أولاً (مع صورة مختومة زمنياً لإثبات وجودهم هناك). ثم يجتمع الجميع في مكالمة فيديو للتحدث عن التجربة ومقارنة الصور.

في النهاية، الاختلاط الاجتماعي على العلاقات أمر مهم. تقول دودجن ماغي: "التأكد من أننا نتواصل مع الناس، سيكون ضرورياً لصحتنا".

والأهم أنه ليس من الواضح متى وكيف ستنتهي هذه الجائحة. فبعدٍ انخفاض أعداد الإصابات الجديدة لفترة من الزمن، عاودت الحالات الارتفاع، في موجة عبر العلماء عن قلقهم من استمرارها حتى نهاية الشتاء. فانخفاض درجات الحرارة سيدفع عدداً متزايداً من الناس إلى البقاء داخل بيوتهم، ما سيزيد من أعداد الإصابات الجديدة.

* عربي بوست

التعليقات