ما هو الديتوكس الرقمي؟ وكيف يخلّصنا من سموم التكنولوجيا؟

ما هو الديتوكس الرقمي؟ وكيف يخلّصنا من سموم التكنولوجيا؟
صورة تعبيرية
التطور الكبير فرض نمط حياة يختلف كلياً عما كانت عليه الأمور سابقاً. وهكذا دخلت التكنولوجيا حياتنا وتغلغلت في يومياتنا، وبتنا بشكل أو بآخر لا نعرف كيف نعيش من دونها. 

فكرة الديتوكس الرقمي بدأت تظهر وبشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، هدفها باختصار التخلص من سموم الأجهزة الإلكترونية التي أثرت في التواصل بين البشر، وسمّمت أسس العلاقات، وحولت "نحن" الى "أنا"، وجعلت البشر خاضعين لهيمنة التكنولوجيا وليس العكس.

الهدف من التخلص من السموم الإلكترونية، إعادة إحياء العلاقات بين أفراد العائلة، وإعادة التواصل الحقيقي بينهم، كما يمكنها أن تكون بين الأصدقاء أيضاً. هي إعطاء الأشخاص الفرصة لقضاء الوقت مع الذين يعنون لهم، وتعلم تقدير الأمور المهمة في العالم الواقعي، وإعادة شحن الطاقة وتنمية المهارات العقلية التي تخدّرت بفعل (السموم) المتراكمة.

ما أسسها ؟ 

الحمية قائمة على الابتعاد عن كل الأجهزة والانفصال عن العالم الافتراضي. أي عليك أن تطفئ هاتفك وجهازك اللوحي والكمبيوتر، لمدة زمنية معينة، تكون في حدّها الأدنى 24 ساعة، وفي حدها الأقصى 72 ساعة. هذه المرحلة هي فرصة للابتعاد، والراحة وشحن الطاقة الإيجابية بالطرق التقليدية.. القيام بما تحب القيام به مع أشخاص فعليين.

ولكن بما أن النظريات أسهل من التطبيق فهناك بعض المقاربات التي تسهّل القيام بهذه الحمية:

إيجاد المحفزات 

عليك أن تملك مجموعة من المحفزات التي تقنعك، وبشكل كلي، بضرورة الإبتعاد عن الأجهزة الالكترونية لبعض الوقت. فأمر بسيط كإطفاء الأجهزة الإلكترونية سهل نظرياً، ولكنه صعب التنفيذ، لذلك المحفزات ضرورية. 

فكر مليّاً بما تحتاج إليه، أو بالتأثير السلبي لهذه الأجهزة، وذكّر نفسك بها دائماً. لا تقارب الأمر من منظور سلبي، بل اجعله فرصة إيجابية لتنقية عقلك، وللراحة من دون أي إزعاج افتراضي.

اجعلها حمية جماعية 

 الحمية هذه لن تنفع ما لم تكن جماعية، لأن الهدف منها إعادة الروابط الطبيعية مع مجموعة من الأشخاص؛ قدم أسبابك وأقنعهم، وقوموا بحمية جماعية، سواء مع عائلتك أو مع مجموعة من الأصدقاء. 

ولكن في حال لم تتمكن من ذلك، يمكنك القيام بذلك بمفردك، شرط أن تكون الساعات التالية مخصصة لك وحدك، بعيداً من التكنولوجيا ومن يستخدمونها.

أبلغ الآخرين بغيابك 

بعض الأشخاص لا يمكنهم الاختفاء بشكل مفاجئ، لسبب أو لآخر. لذلك اترك ملاحظة على حساباتك على مواقع التواصل، بأنك لن تكون موجوداً خلال الايام القادمة. ولكن ما عليك الحذر منه، هو عدم الانزلاق الى إغراء الإجابة عن كل سؤال يطرح عن السبب.

كلّف شخصاً متابعةَ حياتك الافتراضية

بعض الأشخاص يخافون إغلاق هواتفهم، لأن أن أحد أفراد العائلة قد يختبر ظرفاً طارئاً، أو قد يصله بريد إلكتروني مهم أو غيرها من الأمور. هذا الخوف يجعل مدة حمية الديتكوس حافلة بالتوتر، ومن ثمّ كل ما يفكر فيه الشخص، هو ما يحاول عدم التفكير فيه.

لذلك أفضل طريقة هي تكليف شخص تثق به متابعة الأمور الأساسية.

حضّر نفسك تدريجاً

بعض الناس لا يمكنهم الابتعاد عن التكنولوجيا بشكل مفاجئ، فالأمر أكثر من قدرتهم على التحمل. 

لذلك قم بذلك بالتدريج، أي تقصير عدد الساعات التي تمضيها أمام أجهزة الكمبيوتر والهواتف والأجهزة اللوحية. 

إن كان عملك يفرض عليك العمل أمام شاشة الكمبيوتر طوال النهار، فما يمكنك التحكم به هو الساعات التي تمضيها بعد دوام العمل.

حدّد العقاب 

وسيلة فعالة جداً تُستخدم للمساعدة على الإقلاع عن التدخين، وهي تحديد العقاب حين تغشّ. العقاب يجب أن يكون من النوع الذي يزعجك، كي تفكر مرتين قبل الغش. 

في حال كان العقاب غير مؤثر، فحينها ستغشّ وستتحمّل المسؤولية، ثم تكرر الأمر. ولكن حين تدرك بأنه سيتوجب عليك القيام بأمر ما مزعج، فلن تغشّ.

التعامل مع الخوف من عدم المعرفة

الأغلبية مدمنة مواقع تواصل لأنها تعاني هذا الخوف، فهي تريد أن تعرف وأن تكون جزءاً مما يحدث.. ولو كانت هذه المشاركة افتراضية. 

من أهداف الديتوكس الرقمي، التخلص من هذا الهوس، والتخلص من التركيز على الآخر، وتوجيه الاهتمام كله نحو "أنا".

تعامل مع الأمر، وكأنه إعادة تعريف لشخصك ولدورك في الحياة الواقعية.

قم بنشاطات مختلفة

النشاطات (الواقعية) لا تعدّ ولا تحصى، وهي مفيدة بدنياً وعقلياً ونفسياً. تنزّه في الطبيعة، تسلّق الجبال، أو حتى أمراً يسيراً، كتناول وجبة مع من تحب، والحديث معهم وجهاً لوجه من دون أجهزة إلكترونية.

العقل كأي عضلة في الجسم، يحتاج إلى الوقت للتعافي والنمو، فحين تختار أن تغلقه، فأنت تمنع نفسك من التطور. لا تنهك نفسك بالنشاطات التي تقوم بها، ولا تبالغ؛ فالهدف ليس تمضية الوقت بأي نشاط كان، كي يمرّ سريعاً بل اختياره بشكل طبيعي براحة وهدوء.

دلّل نفسك 

برغم أن الديتكوس الرقمي، قد يبدو كعقابٍ لبعضهم، ولكنه في الواقع ليس كذلك، فالفوائد كثيرة جداً، لذلك كافئ نفسك، لأنك تملك الدوافع والقوة، وامضِ يوماً في منتجع ما، أو احصل على تدليك مريح، أو اشترِ شيئاً لطالما أردته. عندما تربط مدة الديتوكس الرقمي بما هو إيجابي، فإن تلك المشاعر ستتعزز في العقل، ومن ثمّ حين تقوم بها مجدداً، فلن تختبر المشاعر السلبية، بل الإيجابية.

التعليقات