الصين تتعهد بتوسيع نطاق الانفتاح الشامل في الذكرى 40 لتأسيس المناطق الاقتصادية الخاصة

رام الله - دنيا الوطن
أعلنت الصين يوم الأربعاء عن عزمها الراسخ بتوسيع نطاق الانفتاح الشامل لاقتصادها، حيث عقدت تجمعاً كبيراً بمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيس منطقة شنجن الاقتصادية الخاصة في هذه المدينة المزدهرة في مقاطعة جوانغ دونغ الجنوبية.

وفي 26 أغسطس 1980، وافق المجلس التشريعي الصيني على إنشاء مناطق اقتصادية خاصة في شنجن وزوهاي وشانتو بمقاطعة جوانغ دونغ وشيامن بمقاطعة فوجيان. وعلى مدى العقود الأربعة الماضية، تحولت شنجن من قرية صيد صغيرة إلى مدينة حديثة يبلغ تعداد سكانها الدائمين أكثر من 13 مليون نسمة.

 وتوّجه الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الحاضرين في التجمّع بالقول: "يواجه الاقتصاد العالمي حالياَ تحديات معقّدة. ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن نسمح للتوجّهات العكسية والمد والجزر بعرقلة أعمالنا. ويجب أن نختار الجانب الصحيح من التاريخ لتوسيع نطاق انفتاحنا بثبات وبطريقة شاملة، والترويج لبناء اقتصاد عالمي مفتوح ومجتمع ذا مصير مشترك للبشرية جمعاء".

وفي الوقت الذي شهد فيه الانتعاش الاقتصادي العالمي تعقيدات جمّة بسبب تفشي جائحة كوفيد-19 وبروز النزعات المناهضة للعولمة، طرحت الصين في مايو من هذا العام نمطاً جديداً للتنمية. ويُعرف هذا النمط باسم "التداول المزدوج"، حيث يَعتبر السوق المحلي الدعامة الأساسية ويسمح للأسواق المحلية والأجنبية بتعزيز بعضها البعض.

وفي سياق خطابه، شدد الرئيس شي الذي يشغل أيضاً منصب الأمين العام للجنة المركزية في الحزب الشيوعي الصيني ورئيس اللجنة العسكرية المركزية أنّ: "نمط التنمية الجديد ليس تداولاً محلياً مغلقاً، وإنما تداول مزدوج محلي ودولي مفتوح".

وأشار الرئيس شي إلى الحاجة لاستكشاف نظام سياسي أكثر مرونة ونظام إدارة أكثر علمية في التجارة المحلية والدولية والاستثمار والتمويل والشؤون المالية والضريبية والابتكار المالي والدخول والخروج عبر الحدود.

شنجن، معجزة في التنمية العالمية

وأضاف شي إن شنجن هي مدينة جديدة تماماً أنشأها الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني منذ إصلاح وانفتاح البلاد، وتعكس تنميتها على مدار الأربعين عاماً الماضية معجزة في تاريخ التنمية العالمية.

ووفقاً لشي، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لشنجن بين عامي 1980 و2019، من 270 مليون يوان إلى 2.7 تريليون يوان (ما يعادل 40 مليون إلى 400 مليار دولار أمريكي)، بمتوسط ​​معدل نمو سنوي يبلغ 20.7 في المائة.

كما ارتفعت الإيرادات المالية لشنجن من أقل من 100 مليون يوان إلى 942.4 مليار يوان (ما يعادل 14.9 مليون إلى 139.8 مليار دولار أمريكي) خلال هذه الفترة.

وأوجز شي حديثه قائلاً أنّ إجمالي واردات وصادرات شنجن ارتفعت من 18 مليون دولار أمريكي عام 1980 إلى 431.5 مليار دولار أمريكي عام 2019، بمتوسط ​​معدل نمو سنوي يبلغ 26.1 في المائة، مساهمة بذاك في الانفتاح الشامل للصين.

هذا وتحسّنت سبل عيش الشعب بشكل كبير في شنجن، وتحققت تطورات هائلة في قطاعات التعليم والرعاية الطبية والسكن ومجالات أخرى. وارتفع نصيب الفرد من الدخل المتاح للإنفاق ارتفاعاً سريعاً ليصل إلى 62,500 يوان (9,272 دولار أمريكي) عام 2019، مسجلاّ زيادة تبلغ 31.6 أضعاف مقارنةً بعام 1985.

تجربة قيّمة

شدد الرئيس شي على التجربة القيّمة لمعجزات التنمية في المناطق الاقتصادية الخاصة ومن ضمنها شنجن.

فيما يلي بعض النصائح التي قدّمها الرئيس:

- التمسك بمفهوم أن التنمية تتسم بأهمية قصوى، والإصرار على الممارسات الجريئة لنكون أول من يقوم بمحاولات جديدة والسعي وراء تحقيق إنجازات إصلاحية من خلال أفكار إبداعية.

- مواصلة الالتزام بالانفتاح على جميع الجبهات والعمل باستمرار على تعزيز جاذبية "استقطاب" المعارف والخبرات من البلاد الأجنبية والقدرة التنافسية لتصديرها إلى الخارج.

- اعتبار الابتكار قوة دافعة أساسية وأن تكون لنا اليد العليا في الثورة التكنولوجية العالمية والتحول الصناعي.

- اتباع فلسفة التنمية المتمحورة حول الأفراد لتمكينهم من الاستفادة بشكل أكبر من إنجازات الإصلاح والتنمية بطريقة أكثر إنصافاً.

- ضمان تطبيق التشريعات العلمية، والإنفاذ الصارم للقانون، والحياد القضائي، والالتزام العامّ بالقانون لجعل سيادة القانون ضمانة هامة لتطوير المناطق الاقتصادية الخاصة.

- تنفيذ فلسفة "المياه النقية والجبال الخصبة هي أصول لا تقدر بثمن" لتحقيق التنمية المستدامة للاقتصاد والمجتمع والنظام البيئي والبيئة بطريقة شاملة ومنسّقة.

- تنفيذ المبدأ الأساسي "دولة واحدة ونظامان" بطريقة شاملة ودقيقة، وتعزيز التنمية المتكاملة للبر الرئيسي وهونج كونج وماكاو.

- إفساح في المجال بشكل كامل للدور الريادي والنموذجي التي تؤديه المناطق الاقتصادية الخاصة مع وضع خطط شاملة للبلاد، حتى تتمكّن من المساهمة بشكل أكبر في التنمية الوطنية.

"محرك" لمنطقة خليج جوانغ دونغ وهونج كونج وماكاو الكبرى

أشاد الرئيس شي بشنجن باعتبارها "محركاً" لتنمية منطقة خليج جوانغ دونغ وهونج كونج وماكاو الكبرى، وطالب منطقة شنجن باتخاذ خطوات نشطة لتعزيز بناء المنطقة، كما دعا إلى بذل الجهود لتحقيق التآزر بين القواعد والآليات الاقتصادية في المناطق الثلاثة.

 وذُكرت مبادرة منطقة خليج جوانغ دونغ وهونج كونج وماكاو الكبرى للمرة الأولى في الخطة الخمسية الثالثة عشرة للصين (بين عامي 2016 و2020) وتهدف إلى الجمع بين المناطق الثلاثة من أجل تحويلها إلى واحدة من أفضل مناطق الخليج في العالم وتجمعات المدن على مستوى العالم.

وتشمل هذه المنطقة المناطق الإدارية الخاصة في هونج كونج وماكاو، بالإضافة إلى مدن قوانغتشو وشنجن وزوهاي ودونغ غوان وهويزو وزونغشان وفوشان وزاوشينغ وجيانغمن في مقاطعة جوانغ دونغ جنوب الصين.

وأوضح شي أن الحكومات المحلية بحاجة إلى بناء خطوط سكك حديدية إقليمية، ما يسمح للمواهب والسلع بالتدفق بين أنحاء المنطقة بفعالية أكبر، ما يسهم في تحسين تكامل السوق.

وستعمل البلاد على تعميق الإصلاحات والانفتاح في منطقة التعاون التجريبية تشيانهاي - شنجن - هونج كونج، وتسريع بناء مركز علمي وطني شامل في منطقة خليج جوانغ دونغ وهونج كونج وماكاو الكبرى لتعزيز التنسيق والتعاون مع هونج كونج وماكاو.

وتابع الرئيس حديثه قائلاً بأنه ينبغي استخدام منصة منطقة خليج جوانغ دونغ وهونج كونج وماكاو الكبرى بالكامل لاستقطاب المزيد من المواهب الشابة من هونج كونج وماكاو إلى المنطقة للدراسة والعمل وبناء حياتها، وتزويدها بمستوى أعمق وأوسع يمكّنها من التواصل وفهم بعضها البعض.

ورحّب شي بمشاركة أوسع للدول الأجنبية في إصلاح وانفتاح وتنمية المناطق الاقتصادية الخاصة في الصين.

وقال إن المشاركة الأجنبية لا غنى عنها في بناء المناطق الاقتصادية على مدى السنوات الأربعين الماضية، والمساعدة في خلق فرص تنمية واسعة وتوفير مزايا تنموية للدول الأجنبية.

شنجن، أفضل مثال على الحاجة إلى المزيد من الانفتاح، وفقاً للخبراء:

كان الإصلاح المستمر والانفتاح الأوسع نطاقاً من المصطلحات الرئيسية في خطاب الرئيس شي خلال التجمع الكبير، أو كما أشار بعض الخبراء، فإن المدينة الواقعة في جنوب الصين هي أفضل مثال يوضح الحاجة إلى المزيد من الانفتاح.

وفي معرض تعليقه، قال ماتيو جيوفانيني، أحد المتخصصين الماليين المقيمين في بكين: "باعتبارها المنطقة الاقتصادية الخاصة الأولى في الصين، ومن خلال إطلاق مخطط قائم على السوق السوق يدعم اجتذاب عدد كبير من الاستثمارات الأجنبية، أصبحت المدينة ذات أهمية حيوية في جعل الصين جهة فاعلة بارزة في الاقتصاد العالمي اليوم".

تعد المدينة موطناً للعديد من شركات التكنولوجيا الصينية الرائدة، بما في ذلك شركة الاتصالات العملاقة "هواوي" وتكتل التكنولوجيا " تينسينت"، وهما من الشركات الكبرى التي تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً عليها في إطار تصاعد التوتر مؤخراً في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية. وبحسب بعض هذه الشركات، فإن رحلة الرئيس شي إلى شنجن من شأنها المساهمة في "تهدئة الأعصاب".

ومن جهته، صرّح دان وانغ، كبير الاقتصاديين في بنك هانغ سانغ لجريدة جنوب الصين الصباحية أن "زيارة الرئيس شي إلى شنجن وكشف النقاب عن خطته يهدفان إلى تشجيع تطوير قطاع التكنولوجيا".

وبحسب جيوفانيني، فإن الرحلة هذه تسلط الضوء أيضاً على تصميم الصين المستمر على فتح ذراعيها أمام المجتمع الدولي.

وقال إن "(رحلة شين) تمثّل فرصة للتأكيد على التزام الصين المستمر بتعزيز التكامل المحلي وانفتاح السوق على بقية العالم".

التعليقات