هل تسقط الاحتجاجات في إسرائيل نتنياهو؟

بقلم د. هاني العقاد
هذا الاسبوع خرج اكثر من 200 الف اسرائيلي في اكبر حدث احتجاجي الي الشوارع والساحات والطرقات والجسور للمطالبة برحيل نتنياهو وذلك بالرغم من قانون الكنيست الذي دفع به الليكود لتحديد اعداد المتظاهرين و وصولهم الي الساحات العامة وسط تل ابيب كساحة (رابين) وساحة مسرح "هبيما". وولاول مرة منذ انطلاق الاحتجاجات تعم المظاهرات كل من المدن الكبرى في اسرائيل كالقدس الغربية ، حيفا و بئر السبع , ولعل قمع الشرطة الاسرائيلية المتواصل للمتظاهرين وخاصة (اصحاب الرايات السوداء) لم يؤد الي تقليل اعداد المتظاهرين وبل دفع لاستجابة المزيد من الإسرائيليين للنزول الي الشوارع وهذا ما يجعلنا نتوقع تضاعف اعداد المتظاهرين الاسابيع القادمة وخاصة ان الجميع الان يخشي الخطر الكبير علي اسرائيل لفشل حكومة نتنياهو تحسين الوضع الاقتصادي والقضاء علي الكورنا التي باتت تهدد كل بيت بوصول اعداد الاصابات الي ارقام خيالية في غضون بضعة اشهر مما يؤكد فشل نتنياهو في ادارة هذه الازمة وعدم الانتباه لخطورتها او حتي إيلاء هذه الازمة الاولوية علي العمل السياسي الخارجي الذي لن يجني منه الاسرائيلين الكثير.
تضيق الدائرة علي نتنياهو من جانب اخر بفعل الازمة التي تعود للطفو علي سطح الخلاف الائتلافي مع كحول لفان الذي بات مستنفرا بدرجة كبيرة لرفض نتنياهو اعتماد الميزانية العامة لعامين قادمين والتلكؤ في ذلك حتي يصل مارس 2021 وهو الوقت المتفق عليه ليتولى بني غانتس رئاسة الحكومة . هجوم متبادل بين اعضاء لليكود واعضاء لكحول لفان واتهامات مختلفة كان اهمها اتهام رئيس ائتلاف الليكود "ميكي زوهر" لكحول لفان والتي قال فيها ا"ن كحول لفان لم يعد شريكا في الائتلاف واصبح خطراً علي اسرائيل" مما دفع كحول لفان بالرد علي زوهر "بانه لا يعرف سوي الثرثرة والكلام الفارغ" . كحول لفان يخشي ان يقوم نتنياهو بحل الائتلاف والدعوة الي انتخابات جديدة بحلول مارس 2021 لذلك بدأ كحول لفان باجراء اتصالات لقطع الطريق علي نتنياهو والتوصل الي اتفاق حول حكومة ضيقة بالاتفاق مع رئيس كتلة (يش عتيد – تيليم ) المعارضة بزعامة "يائير لبيد" والتجمع وبدعم القائمة العربية وبعد اقناع كل من (يوعاز هندل )و(تسفي هاوزر) المنشقان من حزب تيليم برئاسة (موشية يعلون) بالعودة الي هذا الجناح والقبول بتشكيل حكومة ضيقة تضع نتياهو في الزاوية وتقلل من خياراته الائتلافية . يزداد لعل خصوم نتنياهو قوة هذه المرة بفعل تحرك الشارع الاسرائيلي ضده ولم تعد الاحتجاجات المطالبة باسقاط نتنياهو تقتصر علي بضع مئات من اليسار والوسط وبالرغم من محاولة نتنياهو وزمرته الدفع باليمن للنزول الي الشوارع لدعم ىحكومتة في مواجهة الرفض الشعبي الكبير يوما بعد اخر .
مازال نتنياهو قويا برغم تدني رصيده الانتخابي حسب استطلاعات الرأي الاخيرة التي اظهرت تراجع مقاعد الليكود في اي انتخابات تجري اليوم وظهور حزب (يمينا) بزعامة (نفتالي بينت) كحزب ينافس الليكود بل وينافس (بنيت) نفسه ( نتنياهو) علي رئاسة الوزراء من جديد , كل هذا بالاضافة الي اهتزاز صورة نتنياهو لدي الشارع الاسرائيلي بعد تجرؤ كثيرين من قادة الحركات والاحزاب الاخري بالتطاول عليه واتهامه بالفساد والتغطرس وسوء ادارة الحكم وعدم الاكتراث لمصلحة الإسرائيليين, هذا بالاضافة الي ملفات الفساد التي سوف تفتح قريبا بالمحاكم الاسرئيلي وسوف يمثل نتنياهو كمتهم بتلقي الرشوة وسوء استخدام السلطة . لعل سقوط نتنياهو مازال مبكراً توقعه ومازال مستبعدا في الوقت الحالي الا اذا حدثت هزات دراماتيكية وقلبت الموازين لصالح خصومة وزاد ضغط الشارع الاسرائيلي علي نتنياهو وهذا قد يحدث فقط في حال وصلت التظاهرات والاحتجاجات والمطالبات باستقالة نتنياهو لحالة شبه يومية باعداد تفوق المليون متظاهر حتي في ظل ارتفاع منحني الاصابات بالكورونا في اسرائيل , بالمقابل يسجل كحول لفان نجاح دراماتيكي ايضا في مساعيه بتشكيل حكومة ضيقة مع المعارضة الاسرائيلية وبالتالي اسقاط ائتلاف نتيناهو لصالح تشكيل هذه الحكومة وهذا ليس مستبعدا ان يحدث هذا قريبا اذا ما عززت الاحتجاجات بالشارع الاسرائيلي هذا التوجه .
التعليقات