ترامب مريض فعلا أم يتمارض

ترامب مريض فعلا أم يتمارض
ترامب مريض فعلا أم يتمارض

السفير منجد صالح

من أكثر الناس على هذا الكوكب، الذين أثاروا ضجة حول فيروس الكورونا هو بالذات الرئيس الأمريكي، الطاووس الأشقر، دونالد ترامب.

لقد جعل ترامب جائحة الكورونا مادة للتندّر تارة، ومخلبا سياسيا ضد الصين تارة أخرى. وكان على إستعداد أن يُصدر "تغريدتين" مُتناقضتين بالصدد في نفس اليوم.

يوم الجمعة الماضي أعلن ترامب عن إصابته بمرض فيروس الكورنا، بصحبة زوجته ميلانيا، ومن ثمّ تمّ نقله للمستشفى العسكري في ميريلاند من أجل التطبيب والرعاية، وتمّ حقنه بأدوية، وتشكيل "كونسورسيوم"، فريق طبّي، للإشراف على وضعه، ووضع الشعب الأمريكي اولا، بأوّل، والعالم ثانيا، بصورة تطوّر حالته الصحيّة وتماثله للشفاء.

هذا إلى جانب التغريدات التي لا يستغني عنها ترامب وما فتيء يُطلقها، سليما معافا كان أو مريضا، بالصدد وحول أمور أخرى.

فمن المعروف عن فخامته أنه "مغرم" بالتويتر، ويتخد قرارات كبرى وحاسمة، على مستوى عال، كإقالة وزير الخارجية الأسبق، ريكس تيليرسون، بتغريدة تويتوريّة.

العرّافة البلغارية الكفيفة فانغيليا بانديفا غوشتيروفا، المعروفة باسم "بابا فانغا"، التي توفيت عام 1996، والتي تنبأت بالكثير من الأحداث التي حصلت بالفعل، كانت قد تنبأت لعام 2020 بأن "الرئيس الأمريكي سيصيبه مرض غامض".

هل صدقت المّنجّمة البلغارية بخصوص إصابة الرئيس ترامب بهذا المرض الغامض، الذي وصفته حينها، المعروف الآن والمُعرّف لدى ترامب؟؟

من جهة أخرى نشر مدوّنا أمريكيا تغريدة على تويتر بتاريخ 18 سبتمبر الماضي أكد فيها أن الرئيس ترامب سيُعلن في أكتوبر عن إصابته بفيروس كورونا من أجل حشد تضامن شعبي معه ومن أجل ان يُغطّي على منافسه الديمقراطي جو بايدن وأن يستحوذ على نشرات الأخبار في وسائل الإعلام.

إذن هناك نبوءة وهناك معلومة بخصوص الرئيس ترامب ومرضه، نبوءة تتوقّع مرضه ومعلومة تؤكد تمارضه.

فاين الحقيقة؟؟

وهل ترامب مريض حقا أم متمارض فعلا؟؟!!

هناك تغريدة للرئيس ترامب بعد إعلانه عن مرضه يقول فيها بما معنا: "أنه عرّض حياته للفيروس ولم يكن بيده إلا أن يفعل ذلك بحكم أنه رئيس البلاد ولا يمكنه أن يبقى قابعا في غرفته المُعقّمة الأمينة في البيت الأبيض، وإنما كان عليه من موقعه أن يتحرّك وأن يتعرّض للخطر!!!"

ربّما تغريدة ترامب هذه تتوافق وتتوائم مع كونه يتمارض أكثر من كونه مريضا لأنها تحمل في طيّاتها دعوة للشعب الأمريكي بأنّه "مستعدّ أن يمرض من أجله"، وأعتقد أن هذا غير صحيح، فمن يعرف ترامب خلال السنوات الأربعة من تمترسه في البيت الأبيض، ومن يعرفه خاصة منذ زمن بعيد سيؤكّد جازما بأنه ليس من هذا النوع الذي يُضّحي من أجل أحد، لأن بوصلته تُرشد سفينته وتؤشّر فقط إلى المال والثروة والحكم والقوّة.

بالنسبة لنا نحن الشعب الفلسطيني فالأمر سيّان إذا كان ترامب مريضا أم متمارضا لأن ضرره وحقده علينا سبق وحصل وما زالت آثاره تُخيّم علينا بمزيد من المآسي، علينا وعلى قضيّتنا الفلسطينية العادلة وعلى محيطنا وخط الدفاع الأول عنّا، الدول العربية.

من الممكن أن يُساعد مرض الرئيس أو تمارضه وأن يزيد من فرصه في هزيمة منافسه الديمقراطي وبالتالي الإستمرار في البيت الابيض لأربع سنوات عجاف علينا وعلى العديد من شعوب الأرض، وأربعة أعوام سمان على إسرائيل وتمدّدها في الخليج العربي وصولا بالنهاية إلى حُلمهم في إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.

أمُا إذا "سقط" ترامب في الإنتخابات وجاء المرشّح الديمقراطي بايدن إلى البيت الأبيض، فأعتقد أن السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط لن تتغيّر كثيرا، ولكن وقع حدّتها ستكون أخف علينا وعلى قضيّتنا الوطنية.

فبالنهاية وفي أمريكا، ليس الرئيس هو وحده من يحكم فيها وإنما مجموعة من المؤسسات ومراكز القوى، إلى جانب الرئيس، منها اللوبي الصهيوني، والعائلات والكارتيلات المالية المُتنفّذة، روكفلر وروتشيلد، والكنغرس والمجمّع الصناعي الحربي والشركات متعددة الجنسيات وصندوق النقد الدولي.

فأمريكا ومنذ أن ورثت الإستعمارين البريطاني والفرنسي في منطقتنا العربية، في الشرق الأوسط والشرق الأدنى والشرق الأقصى، فإن سياستها كانت ثابتة في دعم إسرائيل وتقويتها وحمايتها، وثابتة في عدائها للأمتين العربية والإسلامية، وفي مداهنتها وضحكها على ذقون الحُكّام العرب والمسلمين، ولفظهم كنوات التمر والتخلّي عنهم في مصيرهم الحرج أمام شعوبهم، كما فعلت مع شاه إيران محمد رضا بهلوي ومع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.

لا يتوجّب على حكام وشعوب الخليج العربي، الذين يعتقدون بأنهم "يطيشون" على بركة من العسل في تطبيعهم مع إسرائيل و"سيرهم" وراء ترامب، أن يفرحوا وأن يفركوا أيديهم هناء وسعادة بهذه العلاقة الجديدة "القديمة" المُتجددة.

فهم كمن يضع حيّة رقطاء في عبّه في يوم شتاء زمهريري، ما أن تلبث الحيّة بالشعور بالدفئ حتى تعض بسم زعاف من يضعها في عبّه وفي دفئه.

كاتب ودبلوماسي فلسطيني     

التعليقات