انخفاض السلع مدفوعاً بقوّة الدولار.. والفضّة هي الأكثر تضرّراً

انخفاض السلع مدفوعاً بقوّة الدولار.. والفضّة هي الأكثر تضرّراً
رام الله - دنيا الوطن
شهدت تداولات السلع انخفاضاً ملحوظاً مع ارتفاع الدولار وانخفاض مخاوف التضخم، ما وجّه صفعة قويّة للقطاع، وتلقّت المعادن الثمينة، وعلى رأسها الفضّة، القسم الأكبر من الضرر، بينما تلاشى الزخم القويّ الذي شهده النحاس منذ شهر مارس.

وحقق تجار الحبوب الأرباح، لا سيما مع انخفاض حجم الطلب على الصادرات بسبب ارتفاع الدولار، وصمد النفط الخام بشكل جيد بالرغم من مخاوف الطلب ومخاطر زيادة العرض.

وانخفضت تداولات السلع خلال الأسبوع، حيث ألحقت قوة الدولار الضرر بالعديد من الأسواق، وشهد مؤشر بلومبرج للسلع الرئيسية، والذي يقيس أداء العقود الآجلة لمجموعة من السلع الرئيسية المتنوّعة تشمل الطاقة والمعادن والزراعة، تداولات منخفضة بنسبة 3.2%، ونظراً للمكاسب القوية في الغاز الطبيعي، كانت الطاقة هي القطاع الوحيد الذي يتمتع بالقوة الكافية لمقاومة التأثيرات السلبية لارتفاع أسعار الدولار.

وارتفع الدولار نحو أعلى مستوياته خلال شهرين مقابل اليورو جرّاء عودة المخاطر، وجاء ذلك رداً على الارتفاع المستمر في أعداد المصابين بفيروس (كورونا) المستجدّ حول العالم، فضلاً عن الصراعات الداخلية التي تشهدها واشنطن، ما يثير الشكوك حول قدرة الكونجرس على المضيّ قدماً في حزمة تحفيز أخرى. 

وبحسب صفقات المضاربة في سوق العقود الآجلة، شهدت الشهور الماضية نموّاً لوجهة نظر سلبية حيال الدولار، تمثّلت في شراء اليورو بمستويات شبه قياسية.

وبالتالي، أحدث الهبوط إلى أقل من 1.1700 يورو بعض التوتر حيال وقوع تصحيح أكثر عمقاً، ما ألحق الضرر بالأسواق التي تشهد ازدياداً في معدلات الطلب، مثل المعادن الثمينة والصناعية.

وتراجعت أسعار الفضة، وسجلت تصحيحين بنسبة +20% منذ أن بلغ سعر أونصتها 30 دولار أمريكي قبل ستة أسابيع فقط، وأصيب المستثمرون بالإنهاك جرّاء هذه التقلّبات الجامحة، ما أثار بعض الشكوك حول قدرة المعدن على الارتفاع.

وانتهى زخم ارتفاع الأسعار الذي شهدته أسواق الحبوب طيلة شهر، حيث أثار ارتفاع الدولار ومؤشرات تباطؤ الطلب الصيني تساؤلات حول الحد الذي قد تصل إليه أسعار فول الصويا والذرة في هذه المرحلة.

ويحتفظ المضاربون بأكبر إجمالي عقود شراء للقمح والذرة وفول الصويا لمثل هذا الوقت من العام منذ عام 2013، ومع تسارع وتيرة موسم الحصاد دون أي عوائق كبيرة، يحتمل الآن أن يضطروا لتخفيض مستوى انكشافهم.

واتجه فول الصويا، والذي كان أكبر المستفيدين من الطلب الصيني القوي، نحو أكبر انخفاض أسبوعي له في ستة أشهر، حيث أدى ارتفاع الأسعار فوق 10 دولار للبوشل إلى تحوّل المشترين الأجانب نحو البرازيل.

ومع أن الدولار الأمريكي لم يُظهر أي مؤشرات على الارتفاع حتى الآن، إلا أن الآراء كانت إيجابية حيال تحسّن مستوياته قبل عطلة نهاية الأسبوع، وبالرغم من المواجهة الناجمة عن اعتزام ترامب ترشيح بديل للمحكمة العليا في الأسابيع الماضية قبل ما يمكن أن يتحول إلى انتخابات قبيحة، يضع الديمقراطيون، العالقون في وضع صعب بسبب ارتفاع أسهم ترامب بحسب استطلاعات الرأي، خططاً لمحفزات جديدة وصغيرة نسبياً بقيمة 2.4 تريليون دولار، وقد أدلى منوتشين، وزير الخزانة في إدارة ترامب، بتصريحات إيجابية حول آفاق المفاوضات. 

وتراجعت أسعار الذهب إلى أقل من 1900 دولار أمريكي للأونصة لتجد الدعم الرئيسي عند 1837 دولار للأونصة، بنسبة ارتداد 38.2% عن الأسعار المرتفعة بين شهري مارس وأغسطس.

وبعد أن سجّلت ثاني هبوط لها في السوق (بنسبة 20% عن ذروتها الأخيرة)، شهدت الفضة انخفاض قيمتها النسبية مقابل الذهب إلى أدنى مستوى لها في شهرين تقريباً.

وعلى المدى القصير، سيواجه المعدنان بعض التحديات جراء الانخفاض الأخير لتوقعات التضخم، ما سيؤدي إلى ارتفاع العائدات الحقيقية فضلاً عن قوة الدولار والارتباط الكبير مع الأسهم مؤخراً، ما قد يتسبب في استمرار المخاوف في سوق تداول العملة قبل موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر.

ويسلّط ذلك الضوء على كيفية استمرار الأسواق في فئات الأصول المختلفة بإظهار مستوى ارتباط عالٍ، ونظراً للتحركات الأخيرة في الأسعار، من السهل للغاية رؤية مقدار القوة التي ينقلها الدولار إلى السوق فيما يخص المستوى العام للرغبة في المخاطرة، فانه من غير المستغرب أن تتمكن العديد من الأسواق المختلفة من مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وزوج الدولار الأمريكي مقابل الدولار الأسترالي إلى الذهب، والنفط والبن، من العثور على الدعم ومحاولة الانتعاش من معدلها المتغير على مدى 100 يوم.

وكان النحاس من بين المتضررين من ارتفاع أسعار الدولار وانخفاض الرغبة في المخاطرة، وبدأ انتعاش المعدن الأبيض من أدنى مستوياته في مارس بالتباطؤ، حيث صارع النحاس عالي الجودة لتوسيع مكاسبه أكثر من 3.1 دولار للرطل، واستند الارتفاع الذي شهدته المعادن الصناعية - وليس أقلها النحاس - خلال الأشهر الأخيرة على حالة انتعاش الطلب الصيني بعد الجائحة مدعوماً بالائتمان والاستقرار النسبي لعمليات التوريد.

وفيما لا تزال التوقعات الأساسية إيجابية، إلا أن الافتقار إلى محفزات صعودية جديدة، وارتفاع صافي عقود الشراء التي يحتفظ به مضاربون مثل صناديق التحوّط واستشاريّو تداول السلع (CTAs)، ساعد في دفع التصحيح نحو 2.91 دولار للرطل خلال الأسبوع الماضي.

وبناء على المرونة بين المضاربين والتطورات في أماكن أخرى، يمكن أن يمتد تصحيح السعر أكثر نحو أدنى مستوياته في مطلع أغسطس عند 2.77 دولار للرطل.

ونجح النفط الخام في تجنّب عمليات البيع التي شهدتها السلع الأخرى، حيث شهد انخفاضاً طيلة الأسبوع الماضي، إلا أنه حافظ على مستوياته على الرغم من الشكوك حول انتعاش الطلب، لا سيما مع تزايد إجراءات الإغلاق، إلى جانب خطورة زيادة العرض وارتفاع قوة الدولار. 

وقد يشير ذلك إلى أن السوق قد لاحظت التدخل اللفظي القوي لوزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان، ففي الاجتماع الأخير لمجموعة أوبك بلس، أدان سموّه الدول الأعضاء التي حاولت التملّص من تعهداتها، وضخّ كميات كبيرة من النفط الخام، وتحدّى البائعين على المكشوف في سوق العقود الآجلة، الذين بلغ إجمالي حيازاتهم حتى الأسبوع المنتهي بتاريخ 11 سبتمبر 250 مليون برميل من خامي برنت وغرب تكساس الوسيط.

وجاء الدعم الإضافي من انخفاض أسبوعي شامل لمخزونات النفط الخام والمنتجات الأمريكية، ودراسة استطلاعية شهرية أجراها بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، حيث طرح البنك أسئلةً على 160 مسؤولاً تنفيذياً من شركات النفط والغاز حول الوضع الراهن للسوق.

وأشار حوالي 66% منهم أن إنتاج الولايات المتحدة قد بلغ ذروته بالفعل؛ وبيّنت الغالبية العظمى حاجتها لارتفاع سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط فوق 50 دولار أمريكي لتحقيق زيادة ملموسة في عدد منصات الأمريكية للتنقيب عن النفط.

وبناء عليه، ومع الحاجة الحالية للتقدم نحو أسعار أكثر ارتفاعاً، قد نشهد مزيداً من الانخفاض في حجم إنتاج النفط الأمريكي خلال الأشهر المقبلة.

وبفضل انخفاض الإنتاج الأمريكي وارتفاع مستوى المخزونات حول العالم، تم دعم الانخفاض في الفارق بين سعريّ خام برنت وغرب تكساس الوسيط إلى أقل من 2 دولار للبرميل.

وبشكل عام، ما زلنا متشككين بشأن قدرة النفط الخام على الارتفاع خلال المدى المنظور، وبحسب الرسم البياني أدناه، يبدو خام برنت عالقاً حالياً في نطاق بين 39.50 دولار للبرميل متجهاً نحو الانخفاض، بينما تبدو المقاومة عند 43.60 دولار للبرميل، حيث يلتقي المعدل المتحرك لـ 50 يوماً و200 يوماً.