نحو مصالحة حقيقية وليس إدارة انقسام

نحو مصالحة حقيقية وليس إدارة انقسام
 بقلم أ.د خالد محمد صافي
لم نعد بحاجة لمزيد من التصريحات والاتفاقيات واللجان وحتى المراسيم. نحن بحاجة إلى نوايا صادقة، وممارسة فعلية على أرض الواقع. ما نحتاجة هو تغيير في الواقع المعيشي لندرك أن هناك مصالحة، ما دون ذلك يبقى ضمن الهرطقات السياسية. فربما تكون الانتخابات تغييرا في الوجوه فقط. والأصعب من ذلك أن تكون شرعنة لواقع الانقسام. وبالتالي تكون الانتخابات تكريسا لواقع قائم. وكل ما تقوم به أطراف الانقسام هو إدارة له. وهنا تكمن الخطورة بحيث يبقى واقع الشعب كما هو من فقر وجوع وتميز. فسلطة رام الله تعتبر غزة البطة السوداء وبالتالي تمارس ضدها العقوبات والخصومات المالية ومن بينها التقاعد الإداري المالي الذي يثقل كاهل نحو سبعة آلاف موظفا. هذا ناهيك عن ضياع علاوات عن باقي الفئة الأخرى من الموظفين. أما في غزة فإن بقاء الوضع على حاله يعني أن هناك تنظيما بعينه يحكم الشعب. وفي الحقيقة هو يأسر الشعب لهيمنته بالقوة دون إشراك الشعب في إدارته ومستقبله. ويتم من خلال هذا الأسر امتصاص خيرات غزة الداخلية وما يأتي لها من مساعدات خارجية للصرف على تنظيمه. فما يوجد في غزة ليس سلطة شعب بل سلطة تنظيم. فخير السلطة هنا للتنظيم الحاكم, وشرها للشعب. وبالتالي من يتوظف هم ابناء التنظيم بتزكية من قائد أو أمير مسجد. وبالتالي يعامل الشعب هنا أيضا كأبناء البطة السوداء. فيصبح المواطن في غزة الذي لا يؤيد التنظيم الحاكم مواطنا من الدرجة الرابعة. فالاحتلال مرتبة اولى, وسلطة رام الله وأهلها مرتبة ثانية, وسلطة حماس وأهلها مرتبة ثالثة ومن بقي هو مرتبة رابعة هذا في وطن يعيش على المساعدات. وفي قيادات تطالب العالم بالعدالة والمساواة وعدم الكيل بمكيالين في وقت تمارس فيه التمييز ضد أبناء الأغلبية من أبناء شعبنا. وربنا فوق ذلك فإن إدارة الانقسام تعني بقاء الشرذمة الوطنية والتيه الوطني فكرا وسلوكا ممارسا في واقع يعاني من أزمة في المشروع المقاوم وأزمة اكبر في مشروع التسوية أو المشروع المفاوض. فكلاهما وصل لطريق مسدود لاسيما مشروع التفاوض العبثي من أوسلو حتى الأن والذي كان نتيجته تضخم الاستيطان وتهويد القدس. ولذلك إن لم تكن المصالحة مصالحة حقيقية تنهي الانقسام، وتحقق الوحدة الوطنية وفق رؤية سياسية وطنية تتحول لاستراتيجية تتضمن الثوابت الفلسطينية ثم تترجم لبرنامج سياسي توافقي يجمع بين المقاومة والتفاوض كأساليب نضالية وليس غايات بحد ذاتها. وأن تجرى الانتخابات من أجل اختيار الشخصيات التي تصلح لتنفيذ البرنامج السياسي وليس على أساس مصالح شخصية أو عائلية أو فصائلية. وأن يتم إصلاح مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية بحيث تشكل مظلة نضالية حقيقية للكل الفلسطيني وتفعيل هذه المؤسسات في الداخل والخارج. وأن تشكل المنظمة مرجعية للسلطة وليس تابعا لها. وترفد بقيادات قادرة على مواجهة التحديات القائمة وليس قيادات تبحث عن مناصب من أجل استحقاقات ذاتية.
غزة

التعليقات