(1882) القوات البريطانية تحتل القاهرة وتنفي أحمد عرابي لجزيرة سيلان

(1882) القوات البريطانية تحتل القاهرة وتنفي أحمد عرابي لجزيرة سيلان
صورة أرشيفية
في مثل هذا اليوم 15 سبتمبر 1882م قامت القوات البريطانية باحتلال القاهرة بعد مواجهات مع العرابيين في معركة التل الكبير في الإسماعيلية والتي هزم فيها الجيش المصري ودخل الإنجليز بعدها القاهرة واستقبلهم الخديو ووقع عرابي في الأسر وحكم عليه بالإعدام ثم خفف للنفي إلى جزيرة سيلان ووقعت البلاد تحت الاحتلال الإنجليزي ونفي أحمد عرابي وزملائه .

ولد الزعيم أحمد عرابي سنة 1841 بقرية هرية رزنة في الشرقية حيث تبعد عن الزقازيق العاصمة نحو 3 كيلو مترات والده محمد عرابي تعلم في الأزهر سنوات طويلة على أيدي كبار المشايخ ليصبح بعد ذلك شيخ القرية أمه تدعى فاطمة سليمان السيد زيد، وتزوج والده ثلاث مرات وأنجب أربعة ذكور وست بنات وكان أحمد عرابي الابن الثاني في ترتيب الذكور.

قام أحمد عرابي بتظاهرة على رأس الجيش المصري في ميدان عابدين بالقاهرة لعرض مطالب الأمة على الخديو توفيق بعد أن اتجهت إليه الأنظار وتعلقت به الآمال لإنقاذ البلاد من مهاوي الظلم، وتحقيق أمانيها في الحياة الكريمة وحملت مطالب القائد الثائر إسقاط وزارة رياض باشا وتشكيل وزارة وطنية، وقيام مجلس نيابي حديث ويعتبر هذا الحدث من المواقف التاريخية المشرفة في حياة الأمة العربية حيث قال كلمته الخالدة: "نحن خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم".

استجاب الخديو لمطالب الأمة وعزل "رياض باشا" من رئاسة الوزارة، وعهد إلى "شريف باشا" بتشكيل الوزارة وكان رجلاً كريمًا مشهودًا له بالوطنية والاستقامة، فألف وزارته في 14 من سبتمبر 1881 وسعى لوضع دستور للبلاد، ونجح في الانتهاء منه وعرضه على مجلس النواب الذي أقر معظم مواده ثم عُصف بهذا الحلم الجميل، فتدخلت الدولتان الاستعماريتان إنجلترا وفرنسا في شئون البلاد، وتأزمت الأمور، وتقدم "شريف باشا" باستقالته في 2 فبراير 1882.

تشكلت حكومة جديدة برئاسة "محمود سامي البارودي" وشغل "عرابي" فيها منصب "وزير الجهادية" (الدفاع) وقوبلت وزارة "البارودي" بالارتياح والقبول من مختلف الدوائر العسكرية والمدنية لأنها كانت تحقيقًا لرغبة الأمة، ومعقد الآمال، وكانت حقًا عند حسن الظن فأعلنت الدستور وصدر المرسوم الخديو به في7 من فبراير 1882، ثم نشب الخلاف بين الخديو ووزارة البارودي حول تنفيذ بعض الأحكام العسكرية ولم يجد هذا الخلاف مَن يحتويه من عقلاء الطرفين فاشتدت الأزمة، وتعقد الأمر، ووجدت بريطانيا وفرنسا في هذا الخلاف المستعر بين الخديو ووزرائه فرصة للتدخل في شئون البلاد، فبعثتا بأسطوليهما إلى شاطئ الإسكندرية بدعوى حماية الأجانب من الأخطار.

 أخذت الدولتان "بريطانيا وفرنسا" تخاطبان الحكومة المصرية بلغة التهديد والبلاغات الرسمية، ثم تقدم قنصلا الدولتين إلى البارودي بمذكرة مشتركة في 25 من مايو 1882، يطلبان فيها استقالة الوزارة وإبعاد عرابي وزير الجهادية عن القطر المصري مؤقتًا مع احتفاظه برتبه ومرتباته وإقامة "علي باشا فهمي" و"عبد العال باشا حلمي" وهما من زملاء عرابي وكبار قادة الجيش في الريف مع احتفاظهما برتبتيهما ومرتبيهما. 

وجاء رد وزارة البارودي برفض هذه المذكرة باعتبارها تدخلا مهينًا في شئون البلاد الداخلية وطلبت من الخديو توفيق التضامن معها في الرفض، ولكن جاء موقفه مخيبًا للآمال إذ أعلن قبوله لمطالب الدولتين، وإزاء هذا الموقف المخزي قدم البارودي استقالته من الوزارة، فقبلها الخديو.

ظل عرابي في منصبه بعد أن أعلنت حامية الإسكندرية أنها لا تقبل بغير عرابي ناظرًا للجهادية فاضطر الخديو إلى إبقائه في منصبه وتكليفه بحفظ الأمن في البلاد، إلا أن الأمور في البلاد ازدادت سوءًا بعد حدوث مذبحة الإسكندرية في 11 من يونيو 1882 وكان سببها قيام رجل من مالطا من رعايا بريطانيا بقتل أحد المصريين، فشب نزاع تطور إلى قتال سقط خلاله العشرات من الطرفين قتلى وجرحى.

بعد الحادث تشكلت وزارة جديدة ترأسها "إسماعيل راغب"، وشغل "عرابي" فيها نظارة الجهادية، وقامت الوزارة بتهدئة النفوس، وعملت على استتباب الأمن في الإسكندرية، وتشكيل لجنة للبحث في أسباب المذبحة، ومعاقبة المسئولين عنها.

ولما كانت إنجلترا قد بيتت أمرًا فقد أعلنت تشككها في قدرة الحكومة الجديدة على حفظ الأمن وبدأت في اختلاق الأسباب للتحرش بالحكومة المصرية، ولم تعجز في البحث عن وسيلة لهدفها فانتهزت فرصة تجديد قلاع الإسكندرية وتقوية استحكاماتها وإمدادها بالرجال والسلاح وأرسلت إلى قائد حامية الإسكندرية إنذارًا في 10 من يوليو 1882، بوقف عمليات التحصين والتجديد وإنزال المدافع الموجودة بها.

رفض الخديو ومجلس وزارئه هذه التهديدات، فقام الأسطول الإنجليزي في اليوم التالي بضرب الإسكندرية وتدمير قلاعها وواصل الأسطول القذف في اليوم التالي، فاضطرت المدينة الباسلة إلى التسليم ورفع الأعلام البيضاء، واضطر أحمد عرابي إلى التحرك بقواته إلى "كفر الدوار" وإعادة تنظيم جيشه.

استقبل الخديو المحتلين في قصره بالإسكندرية الأميرال "سيمور" قائد الأسطول البريطاني وانحاز إلى الإنجليز وجعل نفسه وسلطته الحكومية رهن تصرفهم بعد أن احتلوا الإسكندرية وأرسل إلى أحمد عرابي في كفر الدوار يأمره بالكف عن الاستعدادات الحربية ويحمّله تبعة ضرب الإسكندرية ويأمره بالمثول لديه في قصر "رأس التين" ليتلقى منه تعليماته.

التعليقات