ما هي الخيارات الفلسطينية أمام الزحف العربي للتطبيع؟

ما هي الخيارات الفلسطينية أمام الزحف العربي للتطبيع؟
ما هي الخيارات الفلسطينية أمام الزحف العربي للتطبيع؟

الكاتب : علي الأعور*

في اقل من شهر يحتفل نتنياهو للمرة الثانية في مؤتمر صحفي ويوجه خطاب الى الجمهور الإسرائيلي قائلا" ازف اليكم بشرى  اتفاق سلام بين إسرائيل والبحرين في اقل من 29 يوما على توقيع اتفاق التطبيع مع الامارات وأضاف مضى اكثر من 26 عاما على توقيع اتفاق السلام مع مصر والأردن حتى وقعت الامارات على اتفاق سلام مع إسرائيل  وفي غضون 29 يوما تم توقيع اتفاق سلام مع دولة عربية ثانية وهي البحرين " تحت شعار " السلام مقابل السلام وبالقوة ونتنياهو يضرب على صدره وكانه حقق إنجازا تاريخيا مع دول لم تكن تمثل شيئا في خارطة الشرق الأوسط.

لم تكن تصريحات صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره الخاص للشرق الأوسط جاريد كوشنير محض الصدفة عندما تحدث عن " شرق أوسط جديد " وربما كان محقا لأنه يملك المعلومات والقوة العسكرية لرسم خارطة جديدة في الشرق الأوسط مع علمه ويقينه بانه لن يحقق شرق أوسط جديد بدون الفلسطينيين وفي ظل الاستيطان ومصادرة الأراضي وخطة الضم التي ينتظرها نتنياهو وينتظر الضوء الأخضر من البيت الأبيض لتنفيذ خطته التي تقوم على الاستيطان والابارتايد ضد الشعب الفلسطيني وتحويل الأراضي الفلسطينية المحتلة الى كنتونات لمنع إقامة دولة فلسطينية ويعلن عن تشييع اتفاق أوسلو في جنازة رسمية امام العالم .

ولكن السؤال المركزي والمهم : ما هي الخيارات المطروحة امام القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني  للتصدي للزحف العربي نحو التطبيع مع إسرائيل على أساس تصفية القضية الفلسطينية وانكار الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني ؟؟

في الأسبوع الماضي أعلنت الجامعة العربية وبكل صراحة انها ضد القضية الفلسطينية وضد الثوابت الوطنية الفلسطينية وتشكل في داخلها حلف قوي يمثل مجموعة من الدول التي تملك المال ولديها قوة الضغط السياسية على الدول التي لا تملك المال وبالتالي تم ولادة حلف عربي صهيوني  داخل الجامعة العربية لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل وفتح التطبيع السياسي والاقتصادي مع اسرائيل وإنكار حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والدينية والقانونية والدولية على الأرض الفلسطينية واعتقد ان الخيارات المطروحة أمام الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية تتمثل في استراتيجية وطنية على النحو التالي:

أولا: اعلان انهاء حالة الانقسام بقرار عملي يتمثل بإعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية ودخول حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي الى عضوية منظمة التحرير الفلسطينية بالتوافق في عدد الأعضاء ورئاسة اللجان لجميع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بما فيها حماس والجهاد الإسلامي.

ثانيا: تشكيل حكومة فلسطينية جديدة او تعديل حكومي جديد بدخول وزراء جدد من حركة حماس والجهاد الإسلامي او مقربين منهم  لوقف حالة الشلل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتمكين حكومة فلسطينية واحدة بقيادة الرئيس أبو مازن لقيادة الشعب الفلسطيني باسم منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية.

ثالثا: تحديد العلاقة مع إسرائيل في اطار اتفاق أوسلو والذي يقضي بحل سياسي للقضية الفلسطينية في اطار حل الدولتين حيث ان هناك شبه اجماع إسرائيلي على حل الدولتين باستثناء نتنياهو واليمين المتطرف في إسرائيل ، بينما الغالبية العظمى من الجمهور الإسرائيلي تدعم وتؤيد حل الدولتين " دولة فلسطينية الى جانب إسرائيل" وترى في إعادة المفاوضات مع الرئيس أبو مازن والتوصل الى سلام مع الفلسطينيين اهم بكثير من اتفاق مع الامارات والبحرين.

رابعا :  تحالفات دبلوماسية  جديدة مع دول عربية وإسلامية في منطقة الشرق الأوسط ،  واذا أصرت إسرائيل ونتنياهو وترمب على تجاهل الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية والحقوق السياسية للشعب الفلسطيني و معهم الدول التي تهرول للتطبيع مع إسرائيل والدول التي تؤيدها في هذه الهرولة ، وهنا لا بد من القرار التاريخي للقيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني لعقد تحالفات جديدة ولو على الصعيد الدبلوماسي  مع مجموعة من الدول العربية التي ترفض التطبيع مع إسرائيل وتشكيل لوبي عربي واضح في الاسم والمسميات  وأيضا تشكيل تحالفات دبلوماسية مع دول إسلامية لمواجهة السياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة و مواجهة التطبيع مع إسرائيل.

خامسا: الصمود والرفض للتطبيع العربي مع إسرائيل ورفض  لصفقة القرن والضغوط الاقتصادية التي يمارسها نتنياهو وترمب على القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني  ، وهذه السياسة الإسرائيلية  و مأساة دول التطبيع العربي لم تكن المأساة الأولى التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني فقد تعرض للنكبة عام 1948 وتعرض للاحتلال عام 1967 وتعرض لمذابح كثيرة وتمكن من الصمود والتحدي وبقي على موقفه " فلسطين ليست للبيع " القدس  فلسطينية عربية إسلامية "   والصمود والرفض لكل مشاريع التطبيع وصفقة القرن لا تعني الهزيمة ولا تعني الخسارة على الرغم من الرهان الذي يتحدث عنه الساسة والباحثين و المحللين الإسرائيليين و حتى كوشنير " بان الفلسطينيين سوف يقبلوا في النهاية بصفقة القرن "

سادسا:  التواصل مع الشعوب العربية ومنظمات المجتمع المدني في الدول العربية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي و تمكين الشباب الفلسطيني  من فتح قنوات ومجموعات على شبكات الانترنت والتواصل الاجتماعي مع الشباب العربي  وتشكيل مواقع فلسطينية مهمتها الحديث عن القضية الفلسطينية وقدسيتها واهميتها الدينية وخاصة فيما يتعلق بالمسجد الأقصى المبارك والقدس العربية وإصدار فتاوي دينية تشجع على الوقوف والتضامن مع الشعب الفلسطيني .

وأخيرا.. لم تعد الشعارات والادانات لها قيمة في ظل السلوك العملي الشيطاني لمجموعة من الحكام العرب وانكارهم  للحقوق السياسية للشعب الفلسطيني وتضحياته على مدى 72 عاما من التهجير وحياة اللجوء والظلم والقتل وهدم البيوت ومصادرة الأراضي و الاستيطان  وبالتالي لا بد من اتخاد خطوات عملية دبلوماسية ضد دول التطبيع وقطع العلاقات معها بشكل كامل ولم يعد هناك ما نخسره .. فنحن نعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي ولم تعد السلطة الفلسطينية تملك سلطة في الأراضي الفلسطينية بسبب سياسة نتنياهو تجاه الرئيس أبو مازن والشعب الفلسطيني .. ومهما يكن من امر فلنا شرف مقاومة الاحتلال و الصمود والرباط في ارضنا و بيوتنا بدون غطاء شرعي للاحتلال وعلى الاحتلال ونتنياهو ان يتحمل مسؤولية الإقليم المحتل ( القدس الشرقية و الضفة الغربية وقطاع غزة)  وهي الأراضي الفلسطينية المحتلة التي اقرتها قرارات مجلس الامن الدولي والشرعية الدولية .

*باحث وخبير في الشؤون الاسرائيلية

التعليقات