ما الفرق بين الاعتراف بإسرائيل ووجود إسرائيل وحق إسرائيل في الوجود

ما الفرق بين الاعتراف بإسرائيل ووجود إسرائيل وحق إسرائيل في الوجود
ما الفرق بين الاعتراف بإسرائيل ووجود إسرائيل وحق إسرائيل في الوجود

الكاتب : د. علي الأعور*

تمثل العلاقات الدولية والإقليمية مجموعة من المعاهدات والاتفاقيات بين الدول وكانت تحمل نصوص واضحة في المفردات والكلمات والتفسير ، ولو نظرنا الى التاريخ المعاصر والحديث نجد ان اتفاقية فرساي  عام 1919 بعد الحرب العالمية الأولى كانت شروطها مجحفة وقاسية وواضحة ضد الالمان كما ان معاهدة سايكس بيكو عام 1916 بين بريطانيا وفرنسا لتقسيم الوطن العربي كانت واضحة وأن فلسطين تمثل جزء من نفوذها في المنطقة العربية لتنفيذ وعد بلفور . ولكن عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني نجد ان هناك مجموعة من المفردات والكلمات التي يتم استخدامها من أجل الاختلاف في التفسير و التنفيذ وتطبيق القرارات التي تتعلق بالحل السلمي للقضية الفلسطينية.

وبداية القصة مع قرار مجلس الامن الدولي (242) الذي اعقب حرب عام 1967 والاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية حيث ان التفسير الفرنسي باللغة الفرنسية  للقرار السابق ذكره ينص" على الانسحاب من أراضي محتلة " بينما التفسير البريطاني باللغة الإنجليزية ينص على " الانسحاب من الأراضي المحتلة "

اما فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط ومسألة الاعتراف بإسرائيل فقد تناولت ثلاث مصطلحات بمعنى ثلاث مفردات تمثلت في الاعتراف بإسرائيل كدولة في الشرق الأوسط والنوع الثاني الاعتراف بوجود إسرائيل كدولة في الشرق الأوسط والنوع الثالث وهو الأخطر شمولية وحقوقا فهو " الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود كدولة في الشرق الأوسط"

اما النوع الأول فهو الاعتراف بإسرائيل كدولة وهو ما تم الاتفاق عليه في اتفاق أوسلو عام 1993 وهو ما تم الاتفاق عليه تحت مسمى الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة إسرائيل وإقامة السلطة الفلسطينية على اثر توقيع اتفاق أوسلو وكذلك الامر ما عبرت عنه حركة حماس في وثيقتها الأخيرة قبل عام عندما اعلن رئيس حركة حماس في حينه " خالد مشعل " في الأول من مايو 2017 الاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وهو ما اعتبره المحللين السياسيين وكثير من قادة الدول على انه اعتراف ضمني  من قبل حركة حماس بدولة إسرائيل.

اما النوع الثاني وهو الاعتراف بوجود إسرائيل كدولة في الشرق الأوسط وهو ما عبرت عنه اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 بين مصر وإسرائيل واتفاق وادي عربه  بين الأردن وإسرائيل عام 1994 وتمثلت في الاعتراف بوجود إسرائيل كدولة من دول الشرق الأوسط باعتبارها امر واقع وموجود وبالتالي كان الاعتراف بها ضمن اتفاق سلام بين تلك الدول  وإسرائيل لإنهاء حالة الحرب بين تلك الدول من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.

اما النوع الثالث وهو الأخطر على مدار تاريخ القضية الفلسطينية بشكل خاص والقضية القومية العربية بشكل عام وهو ما تحدث عنه وزير خارجية أمريكا " بومبيو " عندما صرح الأسبوع الماضي بأن محمد بن زايد اعلن اعترافه وحق إسرائيل في الوجود وتمثل سابقة خطيرة جدا في تاريخ القضية الفلسطينية ولكن حتى هده اللحظة لم يصدر عن دولة الامارات ما يشير الى ذلك وبالتالي الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود يمثل لأمريكا وإسرائيل الكثير من الخصائص والدلالات السياسية  والتاريخية .

وهنا لا بد من الوقوف عند هدا النوع من الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود وتحليل هده النقطة الخطيرة على القضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط مستقبلا:

أولا: الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود يعني ان لإسرائيل حقوق تاريخية ودينية  و ديموغرافية في هذه الأرض الفلسطينية ويصبح الصراع من صراع على الأرض الى صراع ديني وجدال ديني بطرح السؤال الديني التالي وفقا للرواية( النصوص التوراتية )  الدينية اليهودية او  النصوص القرآنية والاحاديث النبوية : لمن تعود ملكية هده الأرض دينيا ؟ لمن الحق الديني في هذه الأرض ؟ وهذا يقودنا الى صراع دموي تدخل فيه الأيديولوجيا الدينية التي لا تقبل القسمة على 2 .

ثانيا: الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود يعني أن لإسرائيل حقوق تاريخية وجذورها عميقة في هذه الأرض ويبرز الصراع القومي  من جديد " من استوطن هذه الأرض أولا ؟ الإسرائيليون ام الكنعانيون أي اجداد الفلسطينيون ؟ وبالتالي هذا يقودنا أيضا الى صراع دموي يركز على احقية من على هذه الأرض وبالتالي سوف يتم تغييب الحل الوطني وتحول الصراع الى صراع على  القومية اليهودية  و العربية.

ثالثا: الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود يعني انكار حقوق الاخرين بمعنى انكار وجود الشعب الفلسطيني على هذه الأرض وانكار حقوقه السياسية التي تتمثل في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية الى جانب إسرائيل ومعاملة الفلسطينيين كأقليات مسلمة  او مسيحية ومنحها حقوق تتعلق بحقوق الانسان والعيش بدون حقوق سياسية  وكأن ترمب  وبومبيو يكرر ما اعلنه بلفور في وعده المشؤوم عام 1917 .

وأخيرا.. فان الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود يمثل كارثة سياسية للقضية الفلسطينية وتصفية لكل الحقوق السياسية للفلسطينيين وبالتالي تدمير لعملية السلام في الشرق الأوسط  التي اقرتها الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة  والرباعية الدولية على قاعدة حل الدولتين وهذا ما يقودنا الى المجهول ربما لا احد يدرك مخاطر صفقة القرن واتفاق التطبيع بين محمد ابن زايد ونتنياهو وترمب .

*باحث وخبير في الشؤون الإسرائيلية   

التعليقات