أمريكا وإسرائيل ما بين الأمن والتفوق العسكري

أمريكا وإسرائيل ما بين الأمن والتفوق العسكري
 أمريكا وإسرائيل ما بين الأمن والتفوق العسكري
دكتور ناجى صادق شراب 

ترتكز السياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط على عدد من المبادئ والثوابت أبرزها ضمان أمن وبقاء إسرائيل,وهذا إلتزام أمريكى التزمت به كل الإدارات الأمريكية منذ عهد ترومان إلى اليوم وإلى أي إدارة قادمة.ولقد أخذ هذا الإلتزام صورا كثيرة منها الدعم العسكري والمالي وتزويد إسرائيل بأسلحة غير مسموح لغيرها بامتلاكها، وحكمت السياسة الأمريكية إتجاه المنطقة وفيعلاقاتها مع الدول العربية ليس فقط ضمان أمن إسرائيل وبقائها ولو اقتضى ذلك اللجوء للوسائل العسكرية ، وفي دعم إسرائيل في كل حروبها مع الدول العربية وكما رأينا كيف كان لها الفضل في نصرها في حرب 1967، وكيف أقامت جسرا جويا مع إسرائيل في حرب 1974. ولم يتوقف الالتزام بأمن إسرائيل وبقائها، بل بالإلتزام بتفوق إسرائيل عسكريا على كل الدول العربية إن لم يكن كما فكيفا ، بمعنى اقتناء أحدث ما تملك ترسانة الأسلحة الأمريكية ، وبتشجيع إسرائيل على بناء ترسانة نووية متفوقة ، والعمل على الحيلولة دون إمتلاك أي دولة عربية أو إقليمية إمتلاك أسلحة تهدد هذا التفوق ، وقضية الملف النووي الإيراني وفرض عقوبات على إيران مثال على ذلك، وقبل ذلك ضرب القدرات النووية للعراق وسوريا بضرب منشآتها النووية . الفرضية الأساسية التي تقوم عليها السياسة الأمريكية تحييد الموقف العربي وحماية إسرائيل وتفوقها، اختزال الصراع بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتحوله لمجرد نزاع ثنائى، بل ذهبت أبعد من ذلك مع إدارة الرئيس ترامب وصفقة القرن العمل على تشجيع إقامة علاقات سلام تمهيدا ووصولا لبناء تحالف أمنى إقليمى برعاية أمريكيا وبدور فاعل وقيادى لإسرائيل في مواجهة المخاطر والتهديدات التي تمثلها إيران ووكلائها من المنظمات كحزب الله والحوثيين.ودون الدخول في تفاصيل العلاقات الأمريكية  الإسرائيلية فإن هذه العلاقات وصلت ذروتها في التحالف الاستراتيجى الذى وقع مع إسرائيل عام 1980.و بقراءة تاريخ العلاقات بين الدولتين تحظى إسرائيل بمكانه خاصه في السياسة الأمريكية لن تصل إليها أي دولة عربية حتى مع عقد معاهدات سلام مع إسرائيل، وتفوق حتى مكانة دول عظمى كما في الإتحاد السوفيتي سابقا والصين اليوم. . هذه حقيقه سياسية وتاريخية .وهذه المكانة الخاصة تعتقد إسرائيل أنها تعطيها الحق على الإعتراض على التزامات يمكن أن تقدمها أمريكا  لأى دولة عربية ، ومن موقفها من القضية الفلسطينية وحل المشكلة ، وتجسد هذا في صفقة القرن التي تم التوصل اليها بما يرضى أمن إسرائيل دون حضور غير مسبوق لفلسطين ،وفى التصريحات الأخيرة التي خرجت من نتانياهو يبدي فيها عدم موافقته لتزويد الإمارات بطائرات إف 35، وفى مسألة الضم لمنطقة الأغوار الفلسطينية. والولايات المتحدة تقدم لإسرائيل كل عام أكثر من ثلاثة مليارات دولار ، ولا ننسى الحماية القانونية لإسرائيل في الأمم المتحدة والفيتو الأمريكي الذى يقف في وجه أي مشاريع قرارات تفرض عقوبات على إسرائيل ، و بمعاقبة المنظمات الدولية التي تأخذ قرارات ضد إسرائيل,وكانت إدارة الرئيس ترومان وهى أول من اعترفت بإسرائيل أول إداره تؤيد توسع إسرائيل خارج إطار قرار التقسيم وضم أراضي عربية جديدة.وكما قال الرئيس إسحق رابين في مذكراته أنه بعد عام 1964 تحولت أمريكا كمستودع أسلحة الجيش الإسرائيلى , وكما قال ليفى أشكول في حرب 1967: إسرائيل لا تستطيع البقاء دون مساعدة دولة عظمى.واحتلت إسرائيل في السياسة الخارجية الأمريكية مكانة الحليف الإستراتيجي في العالم.والأسباب كثيرة دور اللوبي الصهيوني ، وأهمية إسرائيل العسكرية والسياسية كأداة أو دولة بالوكالة لتنفيذ أهداف السياسة الأمريكية ، دولة يمكن التعويل والاعتماد عليها بعكس الحال بالنسبة للدول العربية التي يمكن أن تتغير مواقفها بتغير حكامها وهذا هو الفارق.والسياسة الأمريكية تجاه العالم العربي لا تقوم على التوازن والتعادل في العلاقات بقدر ما تقوم على الهيمنة والنفوذ والسيطرة ، وإسرائيل تلعب دورا مهما في هذه السياسة.ولا شك أن قرار الدعم الأمريكي لإسرائيل ساهم في أن تكون إسرائيل الأقوى على كل الدول العربية.وهو ما مكنها في الإنتصار الكبير في حرب 1967 التي قال عنها الكاتب الأمريكي ستيفن جرين: هذه الحرب أسهمت في تحقيق الأهداف الأمريكية ضد الاتحاد السوفيتي وضد نظام الرئيس جمال عبد الناصر. أهداف السياسة الأمريكية واضحة: أمن وبقاء إسرائيل. وتفوقها عسكريا. والاعتراف العربى بإسرائيل ، والتأسيس لسلام إقليمي تحكمه إسرائيل، والفصل بين العرب والقضية الفلسطينية.. في سياق هذه الأهداف يأتي إلتزام كل رؤساء أمريكا بأمن إسرائيل وتفوقها. ترومان الاعتراف بإسرائيل بعد 11 دقيقة، أيزنهاور رغم موقفه من عدوان 1956 إلا أنه أعلن التزامه بامن إسرائيل، كيندى وتأسيس التحالف العسكرى الأمريكى الإسرائيلى.جونسون ومشروع سلام منحاز لإسرائيل، نيكسون ومبادرة كيسنجر الأمن مقابل السيادة. كارتر ومعاهدة كامب ديفيد، بوش الأب ودعم إسرائيل وحرب الخليج بالوكالة عن إسرائيل، وبوش ألأبن وخارطة الطريق، وأوباما ومكافأة إسرائيل بالدعم المالي السخي . وأخيرا ترامب وصفقة القرن والسلام الإقليمي واولويته. والعلاقات مرت بمرحلة الإعتراف ثم مرحلة التأسيس وبعدها مرحلة البناء واليوم مرحلة التفوق.ويبقى التساؤل هل لو أقامت إسرائيل علاقات دبلوماسية وعلاقات سلام كامله مع كل الدول العربية ستتخلى عن تفوقها العسكري وتسمح بامتلاك الدول العربية لترسانات عسكرية  متفوقة؟ من منظور نشأة إسرائيل بالقوة ، ون منظور ايديولوجيتها الصهيونية الأمن والتفوق له الأولوية على السلام.

التعليقات