وثائق جديدة تكشف خفايا عملية (ميونيخ)

وثائق جديدة تكشف خفايا عملية (ميونيخ)
‪بقية أعضاء البعثة الإسرائيلية يغادرون ميونيخ بعد خسارة زملائهم‬ (غيتي إيميجز)
كشفت إسرائيل عن محاضر جلسات الحكومة واتصالاتها مع ألمانيا خلال وبعد عملية ميونيخ عام 1972 عندما خطفت مجموعة "أيلول الأسود" الفلسطينية لاعبي البعثة الأولمبية الإسرائيلية وطالبت بإطلاق أسرى فلسطينيين مقابلهم، حيث تبين هذه المحاضر استثمار إسرائيل للعملية سياسيا وفشل الألمان مقابل مهارة الفدائيين.

وتكشف الوثائق السرية التي ظلت طي الكتمان حتى اليوم، أن العملية أصابت القيادة الإسرائيلية بالذهول والإحباط، كما تعكس غضبها على ألمانيا وتنصلها من أي مسؤولية، حيث ضغطت عليها للقيام بعملية عسكرية ضد الفدائيين.

وتحوي الوثائق برقيات عاجلة تصف تسلسل العملية بالتفصيل حتى انتهت بمقتل البعثة الإسرائيلية (11 رياضيا) وخمسة من الفدائيين الثمانية نتيجة هجوم فاشل للشرطة الألمانية، حيث رفضت إسرائيل شروط الفدائيين الذين تحدث باسمهم محمد توفيق مصالحة، على الرغم من تمديده مدة الإنذار مرات عدة.

وتبين الوثائق أن بعض الوزراء الإسرائيليين اقترحوا في الجلسة الطارئة يوم وقوع العملية أن تبادر إسرائيل بخطف سفراء عرب لمساومة الفدائيين.

وبعد ساعات من المفاوضات وافق الفدائيون على طلب ألمانيا بانتقالهم مع الرهائن لمطار ميونيخ ثم السفر إلى دولة عربية، واتضح أن الشرطة الألمانية نصبت كمينا هاجمت فيه الفلسطينيين قبيل صعودهم لمروحيتين كانتا في ملعب القرية الرياضية.

وخلال تبادل لإطلاق النار قتل الرياضيون الإسرائيليون وخمسة من الفدائيين واشتعلت النار في المروحيتين، كما توقفت الألعاب الأولمبية ليوم واحد.

استثمار العملية

وفي وقت لاحق، لعبت رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مائير دورا في عدم تدهور العلاقات مع ألمانيا طمعا في استثمار العملية الفاشلة لصالحها.

وتشير الوثائق إلى أن إسرائيل أصيبت بالصدمة جراء قيام ألمانيا بإطلاق سراح الفدائيين الثلاثة الذين نجوا بعدما نجحت جماعة أيلول الأسود في خطف طائرة ألمانية.

ويشير أحد محاضر الجلسات الحكومية إلى أن إسرائيل بعثت على الفور رئيس الموساد تسيفي زمير إلى ميونيخ، حيث وجه زمير في جلسة الحكومة الإسرائيلية لاحقا انتقادات قاسية للألمان بعد مراقبته للهجوم، وقال إن الشرطة الألمانية لم تستطع تحديد عدد الفدائيين إلا بعد انتهاء العملية وإن قائدي المروحيتين قتلا برصاص الشرطة.

وأضاف أن الألمان استخدموا مسدسات بدلا من بنادق قناصة وأنهم أحجموا عن تقديم الإسعافات الأولية للمصابين حتى ماتوا نزفا، كما لم يبذلوا الجهد المطلوب لإنقاذ الرهائن ورموا النار بطريقة عشوائية، واصفا أداءهم بالفاشل والمأساوي.

وفي المقابل، أطلع زمير الوزراء الإسرائيليين على شجاعة وحرفية الفدائيين في إدارة المعركة، وقال "هؤلاء ليسوا المخربين الذين نعرفهم، وقد تظاهر أحدهم بالموت مدة طويلة لكنه انتصب فجأة وأطلق نيرانه بدقة".

ابتزاز ألمانيا

من جهته، قال المؤرخ مصطفى كبها للجزيرة نت إن الوثائق لا تكشف أمورا جوهرية جديدة ما عدا بعض التفاصيل، وأضاف أن إسرائيل قررت منذ اليوم الأول النأي بنفسها وإلقاء المسؤولية على ألمانيا.

وقال إن الوثائق تؤكد أن إسرائيل حاولت ابتزاز ألمانيا من خلال إشعارها بذنب مقتل اليهود مجددا على أراضيها، لافتا إلى أن إسرائيل تخلصت من الأزمة دون تغيير موقفها بشأن عدم التفاوض مع الفدائيين.

وفي المقابل، رجح المدير العام للخارجية الإسرائيلية الأسبق د. ألون ليئيل في حديث للجزيرة نت أن إسرائيل فرضت السرية على تلك الوثائق للحفاظ على العلاقات الحساسة مع ألمانيا، مضيفا أن انتقادات رئيس الموساد للألمان كانت ستثير موجة غضب كبير في إسرائيل، بينما كان قادة إسرائيل مهتمون بتدفق الأموال والدعم من ألمانيا التي ارتبط وجود إسرائيل بها.

أما الخبير الأمني يوسي ميلمان فقال للجزيرة نت إن أهم ما جاء في الوثائق هو فشل المؤسسة الأمنية رغم ورود معلومات هامة عن تخطيط لعملية عسكرية فلسطينية كبيرة في أوروبا. وأضاف "بدلا من الاهتمام بأمن البعثة الإسرائيلية، اهتمت السلطات بتغطيتها التلفزيونية، وهذه فضيحة".

التعليقات