هل إصابة العامل بفايروس كورونا خلال عمله تعتبر إصابة عمل

هل إصابة العامل بفايروس كورونا خلال عمله تعتبر إصابة عمل
هل إصابة العامل بفايروس كورونا خلال عمله تعتبر إصابة عمل

الكاتب: عمر رمضان صبره – باحث قانوني

مقدمة: تواجه فلسطين جائحه وبائية فيروس كورونا (كوفيد-19)، وبسببها تقوم الدولة بالعمل على التوازن ما بين مواجهة الوباء من جهة وإعادة الحياة للاقتصاد الفلسطيني من جهة اخرى.

ونتيجة لهذا الوباء أصبحنا بحاجة الى دراسات قانونية لدراسة العلاقة بين أصحاب العمل والعامل بسبب عدم معالجة قانون العمل للمستجدات التي تلبي احتياجات طرفي العمل، وطرحت تساؤلات عده هل يحق لصاحب العمل ان يجبر العامل بالعمل خلال فترة الطوارئ نتيجة الوباء، وهل يحق للعامل الأجر وهو في بيته حفاظا على صحته من اجل ان لا يصاب بهذا الوباء.

فقانون العمل الفلسطيني (7) لسنة 2000 لم يتعرض لأحكام اعلان حالة الطوارئ بالبلاد، ولم يحدد العلاقة بين أطراف الإنتاج خلال انتشار الوباء، وترك باب النقاش المجتمعي مفتوح حول علاقة العامل وصاحب العمل نتيجة تعرضه للإصابة وهو على راس عمله لمستجداتها.

بل وطرحت العديد من التساؤلات حول العلاقة بين صاحب العمل والعامل في ظل الوباء:

1-  هل إصابة العامل بفايروس كورونا وهو على راس عمله تعتبر إصابة عمل؟

2-  هل يحق لصاحب العمل إجبار العامل على العمل بظل انتشار الوباء؟

3-  هل موافقة العامل بالعمل في ظل انتشار الفايروس موافقة ضمنية على العمل في ظل المخاطر وقبوله بالمخاطر قبل البدء بالعمل؟

4- هل يستحق العامل التعويض عن الإصابة بالفيروس ام لا، وهل تعتبر الإصابة بفايروس كورونا مرض من امراض المهنة؟

فمن هو العامل الخاضع لقانون العمل، فعرفه بالمادة الاولي منه بأنه "كل شخص طبيعي يؤدي عملا لدي صاحب العمل لقاء أجر ويكون أثناء أدائه العمل تحت إدارته وإشرافه".

فالشخص حتى يأخذ صفة العامل يجب ان تكون الشروط الأربعة مجتمعة لأخذ صفته واحقيته بالتعويض عن إصابة العمل والشروط الاربعة هي: شخص طبيعي، ويؤدي عمل لدي صاحب العمل، وواقع تحت إدارة وإشراف صاحب العمل، ولقاء أجر يناله لقاء العمل.

وماهية إصابة العمل: لقد نظم قانون العمل الفلسطيني (7) لسنة 2000 التزامات صاحب العمل عن إصابة العمل والمرض المهني بالمواد من 116 الى 130 واحكامها، فعرفها القانون بالمادة الاولي إصابة العمل "الحادث الذي يقع للعامل أثناء العمل أو أثناء ذهابه لمباشرة عمله أو عودته منه، ويعتبر في حكم ذلك الإصابة بأحد أمراض المهنة التي يحددها النظام".

فإصابة العمل حددها القانون ولكن لم يحدد تعريف لمرض المهني واعتبر إصابة العمل ومرض المهني بأحكام مشتركة، وماهية إصابة العامل بمرض مهني: ولم يحدد قانون العمل تعريف لمرض المهنة ضمن التعريفات، فترك تعريفها للفقهاء فعرفها المحامي حسام عرفات بأنه "المرض الذي يصيب العامل أثناء عمله، أو بعد مدة معينة من انتهاء العمل، ويكون سببه العمل نفسه".

ولكن أورد المشرع الأمراض التي تعد أمراض مهنية على سبيل الحصر في ملحق أمراض المهنة بقانون العمل الفلسطيني، وقد نصت المادة 128 على الأمراض الواردة بجدول امراض المهنة الملحقة بالقانون.

فالمرض المهني يصاب به العامل تدريجياً ولا يظهر بشكل سريع، وقد لا يظهر إلا بعد ترك العامل للعمل، كما أن الأمراض المهنية قد ذكرها المشرع على سبيل الحصر بجدول بالقانون أما إصابة العمل فهي كل أمر مفاجئ وخارجي يسبب للإنسان إصابة في جسمه، وهي لا حصر لها.

 علما بأن الفقهاء يرجعون أسباب إصابة العمل بفئتين رئيسيتين الاولي لأسباب العامل نفسه بسبب الحالة الصحية او الحالة النفسية، والثانية عائدة لبيئة العمل كالضجيج والرطوبة والحرارة والتهوية.. الخ.

ولكن ما هي عناصر حادث العمل: بالرجوع الى تعريف إصابة العمل نجد المشرع لم يعرفها ويحيل النص الى الفقه والقضاء لمعرفة عناصر ومشتملات عناصر حادث العمل، حيث ان القضاء المصري والفرنسي اعتبر ان الحادث هو الفعل المفاجئ الذي يحدث مساساً بجسم الإنسان، او هو كل واقعة تتسم في تحققها بالمباغتة، وينتج عنها آثار ضارة بجسم الإنسان. فمن خلال هذه التعريفات فان عناصر حادث العمل تتكون من ثلاث عناصر هي: أن يكون الفعل مباغتاً أو مفاجئاً، وان يكون الفعل خارجيا، وان يكون المساس بجسم العامل.

متي يصبح الحادث إصابة عمل: قد تجتمع العناصر الثلاثة ولا نكون اما إصابة عمل بسبب تحديد القانون الأوقات التي تكون إصابة عمل وخاضعة لقانون العمل ويستحق التعويض المستحق نتيجة لإصابة العمل، والعناصر الثلاثة وهي وقوع الإصابة أثناء العمل، او وقوع الإصابة بسبب العمل، او وقوع الإصابة أثناء الذهاب الى العمل والعودة منه.

ما دور الإثبات وأهميته بالتفرقة بين الإصابة والمرض المهني: تكمن أهمية الإثبات على الطرف الذي يدعى اصابته بالمرض المهني او إصابة العمل من الطرف الذي عليه عبء الاثبات، وهنا نكون أمام ادعاء إصابة العامل بمرض مهني هل هو من ضمن قائمة الأمراض المهنية المرفقة بقانون العمل من عدمه، وأن المرض نشاء بسبب العمل، فيتوجب على العامل في حال ادعاءه بالمرض الموجب ضمانه من صاحب العمل ان يثبت ما يلي:

1-  اثبات ان المرض هو أحد الأمراض المثبت في قائمة الامراض المهنية الواردة بملحق قانون العمل.

2-  اثبات أن العمل الذي يقوم به هو يسبب المرض المهني وأن المرض المهني نشأ بسبب العمل.

3-  اثبات أن ظهور المرض كان خلال سنتين من تاريخ الانتهاء من العمل لدي صاحب العمل وفق المادة 128 من قانون العمل.

حق العامل بالرعاية الصحية والسلامة المهنية: اهتم قانون العمل الفلسطيني بحق العامل بان يحصل على الرعاية الصحية والسلامة المهنية وقد اصدر مجلس الوزراء ووزير العمل الكثير من التشريعات بصيغة أنظمة او تعليمات او قرارات من أجل الرعاية الصحية واهم هذه الأنظمة محور دراستنا هو قرار مجلس الوزراء رقم (15) لسنة 2003 بنظام الشروط الصحية اللازمة في أماكن العمل، وكذلك ما نص عليه قانون العمل بنص المادة 91 بالزام صاحب العمل بان يقوم بإصدار التعليمات اللازمة لشروط الصحة والسلامة، بالإضافة لما تضمنه نص اعلان الدولة لحالة الطوارئ بفلسطين بأهمية اتخاذ إجراءات اللازمة لمواجهة الفايروس واتباع اجراءات السلامة.

فحق العامل الرجوع على صاحب العمل أو المسؤول عن الضرر وفق نص الفقرة الثانية المادة 127 من قانون العمل.

وحق العامل بقيمة التعويض عن الإصابة والإصابة بسبب المرض المهني.

متى يسقط الحق بالتعويض: يسقط حق العامل بمطالبة التعويض بحالتين وفق نص القانون الاولي بسبب العامل نفسه بأن يقوم بعمل إضرار بنفسه او وقوعه بمؤثرات الخمر والمخدرات مع استثناء الوفاء او العجز الدائم بنسبة 35% فأكثر وفق نص المادة 123، علما بان النص بقانون العمل الأردني بان النسبة المقررة بهذه الحالة هو 30% وليس 35% كما بالقانون الفلسطيني، والحالة الثانية مرور الزمن المانع لاستماع الدعوى أي بمرور سنتين على وقوع الإصابة مادام عدم وجود عذر، والمدة الزمنية سنتين من تاريخ ترك العمل في حالة إصابة بمرض المهنة، وتحتسب المدة من تاريخ انتهاء العمل حتى قبل انتهاء 24 شهر.

وفي حال اكتشاف مرض المهنة بعد انتهاء مدة أربعة وعشرون شهر ويثبت العامل العلاقة السببية للمرض مع صاحب العمل يتم رفع دعوى عادية بالمحكمة المختصة كمطالبة مالية وفق القواعد العامة وليس قانون العمل.

اما بالقانون الأردني فيتم الاحتساب وفق قانون الضمان الاجتماعي النافذ والمشرفة عليه مؤسسة الضمان الاجتماعي للخاضعين له، فقد خسرت فلسطين فرصة إنشاء مؤسسة الضمان الاجتماعي وتطبيق قانون الضمان الاجتماعي وما يحققه للعاملين من حقوق.    

فما هي التزام صاحب العمل بتدابير الوقاية والسلامة: الزم قانون العمل الفلسطيني صاحب العمل بأن يصدر التعليمات الخاصة بالسلامة والصحة المهنية وفق نص المادة 91 مع ضرورة، بالإضافة لما يصدر من تعليمات حكومية بخصوص الوقاية والسلامة وتأكيد القانون على صاحب العمل بعدم تحميل العامل أي مبالغ مالية بخصوص شروط الصحة والسلامة وفق نص المادة 92 من قانون العمل الفلسطيني، مع تحمله المسؤولية التقصيرية في حال عدم الالتزام بتوفيرها.

هل تعتبر الإصابة بفايروس كورونا إصابة عمل:

ما هو فايروس كورونا: "يعتبر فايروس كورونا أحد الفايروسات التي قد تسبب المرض للحيوان والانسان. ومن المعروف أن عددا من فيروسات كورونا تسبب لدى البشر أمراض تنفسية تتراوح حدتها من نزلات البرد الشائعة الى الأمراض الأشد وخامة مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس)، ويسبب فيروس كورونا المكتشف مرض كوفيد-19 وهو مرض معد يسببه آخر فيروس تم اكتشافه من سلالة فيروسات كورونا ولم يكن هناك أي علم بوجود هذا الفيروس الجديد ومرضه قبل بدء تفشيه في مدينة ووهان الصينية في كانون الأول/ ديسمبر 2019 وقد تحول كوفيد-19 الآن الى جائحة تؤثر على العديد من بلدان العالم" إذن هو فايروس ضمن كافة الفيروسات (وفق منظمة الصحة العالمية).

 إن إصابة العامل بفايروس كورونا ليس إصابة عمل لأن من شروط إصابة العمل أن تحدث ضرر جسدي مادي في الجسم ولا تنطبق شروط الإصابة، ولكن هل ممكن ان يكون الفايروس إصابة بمرض المهنة وبالرجوع الى ملحق أمراض المهنة بقانون العمل وقد حددها القانون على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال، والفايروس غير مدرج ضمن الملحق، وعليه لا تعتبر الإصابة بفايروس كورونا هي إصابة عمل او مرض مهني لأنه فايروس عام وجائحة عامة، وهنا الإصابة ليس بسبب المهنة ولا طبيعة العمل التي أدت الى مرض المهني او لاعتبارها إصابة عمل، مع ضرورة التأكيد بأن على صاحب العمل الالتزام بتوفير شروط الصحة والسلامة بالإضافة لحق العامل المصاب بمكان العمل او خارجه الإجازة المرضية وفق القانون وفي حال إنهاء عمله خلالها يعتبر فصلاً تعسفياً.

ولكن هل يعتبر فايروس كورونا للعاملين بالحقل الصحي مرض مهني؟

إن العاملين بالحقل الصحي كالأطباء والممرضين وسائقي الإسعاف والمختبرات والذين يتصلوا اتصال ملاصق ومتصل بالمرضي المصابين بفايروس كورونا لتأكيده على أنه مرض معدي وهذا من طبيعة عملهم ليقدموا الخدمات الصحية اللازمة لعلاج المرضي، وهنا عندما يصاب أحدهم اعتقد براي ان هذه الإصابة هي إصابة عمل كمرض مهني من طبيعة العمل ونتيجة مباشرة لعمله، وبالرجوع للبند 31 من الملحق بقانون العمل بان الحميات والامراض المعدية الأخرى (العمل في المستشفيات والمعامل ومراكز الأبحاث المختصة بهذه النوعية من الأمراض)، وهذا النص يدعم راينا بأن العاملين بالحقل الصحي في حال إصابتهم فإن الإصابة هي إصابة عمل.

ختاماً:

اعتقد براينا المتواضع بأن العامل الذي قبل العمل بعد طلب أو إجبار صاحب العمل وبقبوله الطلب هو قبول بالمخاطر المسبقة على قاعدة (نظرية القبول بالمخاطر) وهذا القبول هو إقرار منه، في حال إصابته بمرض فايروس كوفيد 19 فإنه لا تعتبر إصابة عمل أو مرض مهنة بل يستحق الإجازة المرضية المقرة بالقانون ولا يجوز فصله او انهاء عمله ولكن لا يستحق التعويض عن إصابة العمل لأن الإصابة بالفيروس هي وباء عام وليس بسبب المهنة او طبيعتها، ولكن العاملين بالحقل الصحي المعالجين للمرضي او المتصل اتصال مباشر بهذا المريض وطبيعة عمله في حال إصابته اعتقد اننا هنا أمام إصابة عمل بسبب المهنة ويستحق التعويض حتى الشفاء من هذا الفايروس.

اما في مصر فتقدمت إيمان خضر عضو مجلس النواب المصري بمقترح برلماني، بموجبه يتم اعتبار العامل بالقطاع الخاص المصاب بـ"كورونا"، إصابة عمل تستلزم استمرار دفع مستحقاته، ويُحظر إقالته بسبب غيابه، والحصول على تعويض عند وفاته ولم يقر ذلك بقانون.

والله ولي التوفيق

التعليقات