"ناجي العلي".. حين سكنت ريشة فلسطين مقابر "البروكوود" للأبد

"ناجي العلي".. حين سكنت ريشة فلسطين مقابر "البروكوود" للأبد
ناجي العلي
اقتربت الذكرى الـ33 استشهاد "حنظلة" فلسطين، ناجي العلي الرسام الكاريكاتيري الفلسطيني الشهير، الذي سقطت ريشته في لندن عام 1987 على يد سلاح مجهول انطلقت منه رصاصة سكنت أسفل عين كتبت في هويتها المفقودة عندما يتم سؤالك في جواز سفرك الفلسطيني المفقود "لون العين ومين عبمتشوف؟".

حنظلة الذي ترجل في عدد من المدن في العالم، ما بين الكويت وبيروت ولندن، بعد نزوحة من قرية الشجرة شمال فلسطين إلى لبنان إبان النكبة الفلسطينية عام 48 وهو بعمر الـ10 سنوات، التي ابتكر عمره فيما بع دفي شخصية "حنظلة الشهيرة"التي بلا وجه حتى الآن مكتوفة الأيدي عام 1969 في الكويت وأداره وجعل يدديه معقودتين للخلف بعد 1973 في بيروت".

عمل حنظلة في عدد من الصحف الكويتية، وحينما لم ترد الكويت تحمل دمه الذي كان سيهدر بسبب تهديد قادة له بسبب رسوماته، انتقل فيما بعد إلى بيروت في خطوة كانت غامضة وجريئة.

ومن ذلك الحين لم يعرف الاستقرار أبدا، فبعد أن مكث مع أسرته في مخيم عين الحلوة بجنوب لبنان اعتقلته القوات الإسرائيلية وهو صبي لنشاطاته المعادية للاحتلال، فقضى أغلب وقته داخل الزنزانة يرسم على جدرانها، وكذلك قام الجيش اللبناني، باعتقاله أكثر من مرة وكان هناك أيضاً يرسم على جدران السجن.

وظهر اسم ناجي_العلي "حنظلة" لأول مرة رساما للكاريكاتير عام 1961 عندما اكتشفه الصحفي والكاتب الشهير غسان كنفاني ونشر بعض رسوماته في مجلة الحرية التابعه للقوميين العرب والتي كانت تصدر في بيروت.

ويرجع ناجي العلي الفضل دائما لغسان كنفاني، الذي دعا له ليعمل معه في الكويت، وبعدما أرسلته الكويت إلى لندن ليعمل في جريدة القبس الدولية هناك، كانت وداد زوجته تريد ان تثنيه عن رسوماته خوفا على حياته.

"كان يترجل  كعادته في لندن إلى مكتبه، فجاة اتصلت بي ابنته قالت لي ألحقني عمو قتلوه قتلوه"، هكذا وثق المؤرخ الفلسطيني، إلياس نصر الله، في كتابه شهادات على القرن الأول الفلسطيني، مقتل ناجي العلي على يد مجهول بطلقة واحدة، وبعدها أخذوه على المستشفى حتى لفظ انفاسه بعدها بأيام ودفن في مقابر "البوركوود" في انجلترا.

ويوضح نصر الله في حديث لـ"المصري اليوم" أن من أكثر المشاحنات التي ضاقت في صدر ناجي هي خناقة تليفونية مع شاعر القضية الفلسطينية، محمود درويش".

وتابع نصر الله في حديثه:"رن هاتف ناجي وعند رده تلقى بعض الكلمات التي أسرها في صدره من درويش إذ قال درويش لناجي بعد انتقاده: "إسمع ناجي، إنت مش قدي".. ورد الأخير: "شو هي مسألة مراجل وسحب عصى".. ورغم استياء ناجي إلا أنه كان يكن الاحترام لدرويش الذي لم يتحمل نقد الرسم الكاريكاتيري قبيل اغتيال "حنظلة" بشهرين فقط في لندن!!

ولكن بعد اغتياله انفطر قلب درويش وأثناء في قصيدة "كنت اكتب.. وكان يرسم" وقال درويش وقتها: "وحين استبدل عبارتي ” بيروت خيمتنا الأخيرة “ بعبارته اللاذعة ” محمود خيبتنا الأخيرة “ كلمته معاتبًا: فقال لي: "لقد فعلتُ ذلك لأني أُحبك، ولأني حريص عليك من مغبة ما أنت مقدم عليه، ماذا جرى.. هل تحاور اليهود؟ اخرج مما أنت فيه لأرسمك على الجدران".

وتابع درويش: "لم يكن سهلاً أن تناقش ناجي العلي الذي يقول: لا أفهم هذه المناورات.. لا افهم السياسة، لفلسطين طريق واحد وحيد هو البندقية".

وقالت جودي ابنته التي رأت مقتل والدها لصحيفة البيان : "أعتقد أن لوحات ناجي العلي تعبر عن نفسها بنفسها وبالتالي فإن مساحة التعليق عليها تبقى ضيقة. دائما ما تعود شريط الذكريات الألمية إلى ذهني، واعتبرت جودي العلي أن لخسارة والدها وقع كبير في نفسها، خسارة من الجانب الفني وكذلك من الجانب الإنساني".

وتساءلت قائلة:"ما الذي كان يمكن أن يرسمه ناجي طوال كل سنوات الغياب تلك"، لكنها أكدت كذلك أن عزاءها في فقد والدها تستمده من زخم حضوره وحضور حنظلة المتواصل قلوب الناس في كافة أرجاء الوطن العربي حيث من السهولة بمكان رؤية رسما كاريكاتوريا لناجي أو حنظلة المنتشر حتى على أبدان السيارات في الشوارع.

التعليقات