أهمية التفاعل مع الأمم و الحضارات و الثقافات الأخرى

أهمية التفاعل مع الأمم و الحضارات و الثقافات الأخرى
الدكتور منجد فريد القطب

أدرك المسلمون الأوائل أهمية التفاعل مع الثقافات و الشعوب الأخرى و أهمية التعددية الفكرية و الأخذ من تراث الحضارات السابقة لبناء الفكر و الحضارة الإسلامية فكان خيرهم في الجاهلية خيرهم في الاسلام و لم يصل الإسلام إلى أرجاء المعمورة قاطبة إلا عندما رفع من قيمة بلال الحبشي و صهيب الرومي و سلمان الفارسي و أبو ذر الغفاري و أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رسلا و سفراء إلى هرقل عظيم الروم و كسرى عظيم الفرس سفراء للهداية و الرحمة و أرسل طلائع من المسلمين الأوائل المضطهدين ليطلبوا اللجوء و السلام في بلاد الحبشة عند ملك عادل النجاشي النصرانيهذا ما أعطى الإسلام هويته المتميزة و الجامعة التي استمرت خلال حكم المسلمين للأندلس قرابة ثمانمائة سنة تحققت خلالها مفاهيم التكامل و الأخوة الإنسانية و التقارب بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة بما اتسمت به رسالة الإسلام بالعالمية و الشمولية و الرحمة و السلام و الحكمة و الموعظة الحسنة و المجادلة بالتي هي أحسن و الحوار العقلاني بعيداً عن التخوين و استصغار الآخر و القطيعة و العداء و مفاهيم العنصرية و العصبية القبلية عملا بالآية الكريمة يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم صدق الله العظيم

لم يتفاعل العالم العربي مع افريقيا بالقدر المطلوب و مع أثيوبيا تحديدا موطن النجاشي و لم يتفاعل مع العالم الغربي و تركوا المجال لإسرائيل و شرعوا باقتتال شبيه بحكام الطوائف الذين أضاعوا الأندلس

لم يزدهر الإسلام و بلاد الأندلس إلا عندما كان التعارف و التفاعل الحضاري لا يعني القطيعة أو ذوبان الحضارة في حضارة كما يطالب به دعاة الغلو و التطرف في وقتنا الحاضر بل إحترام الآخر و إثراء المعرفة و التجربة الإنسانية و الإهتمام بالعلم و البحث العلمي و الترجمة و قيم العدالة والتنمية الإجتماعية فازدهر المسلمون و نشروا الإسلام حتى الهند و السند و الصين و ازدهر أتباع الأديان والثقافات المختلفة تحت ظلال الخلافة الإسلامية

نحن بحاجة لإعادة إحياء فهم الفكر الإسلامي النير في وقت ذهبت فيه الأمة للإقتتال و حروب على خطوط دينية و طائفية و نبذ الآخر.

التعليقات