حوار التسامح والسلام

حوار التسامح والسلام
حوار التسامح والسلام
 بقلم:د.يسر الغريسي حجازي


"من يقول التسامح، يقول المؤانسة والمرونة والحساسية والزعامة. دعونا نتسامح مع الحب والمشاركة والعيش بسلام !." 

لماذا نحتاج الي التسامح؟ هل سيكون ذلك جيدا للصحة العقلية والجسدية؟ كيف نصبح متسامحًا؟ يعني مصطلح التسامح في اللغة اللتينية "التحمل" و "التسامح والصبر و القدرة على السماح بما يرفضه المرء، كمبدأ أو الذي يجب أن يرفضه عادةً. ان التسامح هو أيضًا، جزء من الأخلاق والقواعد والمبادئ والمحظورات المتعلقة بالتقاليد والأخلاق.

في الأخلاق، يميز المنطق القيم بما في ذلك الخير من الشر، و ما هو مفيد للبشر دون إيذاء الآخرين من حوله. في حين ترتقي التقاليد والانسجام ومبادئ السلام، إلى أعلى مستوى من الأخلاق والأعراف في الأشكال الجماعية و التنظيمية و الاجتماعي من اجل مصلحة الجميع.  يعد التسامح جزءًا من المخطط الأخلاقي والثقافي، وذلك من اجل التعايش المدني الأفضل. في الأنواع المختلفة من الثقافة، لدينا التزام بالحفاظ على قواعد السلوك الغارقة في المذاهب الدينية والأخلاقية. يجب ألا تتغير المبادئ، ولكن على العكس يجب أن تعلمنا التكيف و مشاركة الأعمال الجماعية والثقافية. في التمثيل البشري ووفقًا للنهج الفلسفي، يتطلب السلوك الأخلاقي مرونة لأن الشعوب والعصور تختلف وفقًا للعقل البشري والفهم وحقوق الإنسان. كما ان التصرف الجيد هو المبدأ الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار، بعيدًا عن النوايا التي تلزمنا علي سلوك معين. بالمعنى الأخلاقي، فإن التسامح هو صفة تجبرنا على الاعتراف بما لا نقبله عادةً.

من الصعب مواجهة معتقداتنا الخاصة، ولكن إذا فعلنا ذلك سيكون بمنتهي الإلتزام والأخلاق. ببساطة، تعني الحرية بالضرورة واجب التسامح للعيش بسلام. وفقا للفيلسوف والفيزيائي الإنجليزي جون لوك (1686) في كتابه "خطاب التسامح"، يعني التسامح "توقف عن محاربة ما لا يمكن تغييره"، بينما بالنسبة للفلاسفة البراغماتيين الآخرين، يرتبط التسامح بفكرة الخير والشر المطلق. ان التسامح لا حدود له، إلا إذا كان يسبب الألم. في الدول المتسامحة على سبيل المثال، الفكر الحر هو سيد التحرر و تندمج معه أصوات القانون لتشكل مزيجًا من الوعي الجماعي. كما لا يتصرف المرء ضد رغبته، ولا يخوض صراع غير معترف به أيضًا. في السياسة على سبيل المثال، هل يمكننا تحمل الصمت أمام شر لا جدال فيه، من أجل حماية أنفسنا والتستر على بعض الأوغاد في السلطة؟ نحن نتحدث هنا عن التمسك بمفاهيم الشر، وهذا يحدث بوعي كامل و دون أي صراع عقلي. لذلك، يمكننا أن نكون متسامحين مع الضرر الذي يلحق بالاخرين. فما هي الأشياء التي نرفض تحملها؟ بالنسبة للفيلسوف الهولندي سبينوزا (1670) في كتابه "المعاهدة اللاهوتية السياسية" ، لكل شخص الحق الطبيعي في استخدام عقله وبالتالي للتعبير عن أفكاره ونقلها. هذا يعني أنه لا يمكن للمرء أن يتسامح مع الخطأ، أو يفرض أفكاره حتى لو كانت باطلة و متعصبة. لماذا نكون في موقف دفاعي طوال الوقت، ونجد صعوبة في قبول الآراء الأخرى؟ نحن ببساطة، تعلمنا ان نؤمن دائمًا بأن رؤيتنا هي الأكثر صدق. ومع ذلك و من خلال إصرارنا، نصبح متطرفين وغير عقلانيين، مما ينتج الكراهية والحقد لكل فكر جديد وثقافة غير مألوفة. ومع ذلك، فمن الضروري اتباع الأخلاق التي تنسجم مع الأبعاد الاجتماعية والسياسية والدينية حتى لا تؤذي الآخرين أو تنتهك حقوقهم وحرياتهم.  
 
السبيل الوحيد لمكافحة التعصب، هو تعزيز الأخلاق الحميدة واعتماد المبادئ التي تسمح بالمصالحة الاجتماعية والسياسية والتنظيمية.

ان التماسك الاجتماعي هو بالضبط ثمرة مبدأ الحكمة، الذي يسمح بالتوفيق والحوار و يمنح أفضل الظروف المهيئة لحماية الحياة الاجتماعية المشتركة. لا يمكن للمرء أن يستهين بتطابق القيم الأخلاقية عندما تحمي الجميع، لكن يمكن للمرء أن يشك في صحتها عندما تجعل من الممكن تشريع الشر وتبرير الحظر. ان التسامح هو المبدأ الذي يحرر العقل البشري من الذنب، و الكليشيهات والموانع. إنه أيضًا موقف للعيش بشكل أفضل، والسماح بالاندماج المجتمعي الجيد وإدراك مشاعر الآخرين. لذا دعونا نكون متسامحين و رحيمين، وان نهتم  بكل شيء يحيط بنا وأن نتعلم كيف نحب ما يجعل الآخرين سعداء دون قيد أو شرط.

التعليقات