بوسطن كونسلتينج: ضريبة الكربون على المستوردات قد تؤثر "إيجاباً" على مصدّري النفط

بوسطن كونسلتينج: ضريبة الكربون على المستوردات قد تؤثر "إيجاباً" على مصدّري النفط
رام الله - دنيا الوطن
سلّطت بوسطن كونسلتينج جروب في بحث جديد لها الضوء على الفرص والتحديات التي يمكن أن تفرضها الخطة التي وضعتها المفوضية الأوروبية لفرض ضريبة على الانبعاثات الكربونية الناتجة عن المنتجات المستوردة. 

وأشارت الدراسة إلى أن هذا القرار يمكن أن يخلق مزايا تنافسية للشركات الأجنبية التي تصدّر منتجات قليلة الأثر على انبعاثات الغازات الدفيئة – إلا أنه يفرض "تحديات خطيرة على المدى القريب" للمصدّرين الآخرين، لا سيما في ظل الضغوطات المالية الناجمة عن أزمة فيروس كوفيد - 19. 

ويمكن أن تخفض الضريبة المزمع فرضها الأرباح على المنتجات المستوردة مثل النفط والصلب المسطح ولب الخشب بنسبة تتراوح بين 10٪ و65٪، إلى جانب تأثيرها المحتمل على منتجي مجموعة من السلع مثل المواد الكيميائية والآلات في دول الاتحاد الأوروبي والدول غير الأعضاء في الاتحاد.

وخلُصت الدراسة، التي تم نشر نتائجها في مقال بعنوان "كيف ستؤثر "ضريبة الكربون في الاتحاد الأوروبي على التجارة العالمية"، إلى أن فرض الاتحاد الأوروبي "ضريبة الكربون" على المنتجات المستوردة يمكن أن يعيد صياغة شروط ومفاهيم الميزات التنافسية في السوق الأوروبي؛ أحد أكبر الأسواق في العالم. فمن الممكن أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط الخام الروسي، على سبيل المثال، إلى توجه منتجي المواد الكيميائية الأوروبيين نحو المملكة العربية السعودية لاستيراد المزيد، حيث تساهم طرق الاستخراج في تقليل انبعاثات غازات الكربون في هذه المنتجات، وبالتالي يمكن فرض ضرائب عليها بمعدل أقل من المنتجات التي يتم استيرادها من المنتجين الروس. كما أن الصلب المُنتَج في المطاحن الصينية أو الأوكرانية باستخدام تقنية أفران الصهر سيصبح أقل قدرة على المنافسة في الاتحاد الأوروبي مقارنة بالصلب من الدول الأخرى المصنعة في مصانع تستخدم الكربون بكفاءة وتقلل من انبعاث غازاته.

وعلى الرغم من أن تفاصيل السياسة الجديدة وتوقيتها لم يتم تحديدهما بعد، وبانتظار اعتمادهما من قبل المشرعين، إلا أن دراسة بوسطن كونسلتينج جروب تؤكد أنه من المرجح أن يتم فرض آلية ما لتسعير الكربون على المنتجات المستوردة - وعلى الشركات أن تستعد لذلك.

وقال مايكل ماك أدو، شريك ومدير مساعد لدى بوسطن كونسلتينج جروب الشرق الأوسط: "لدى منتجي النفط في دول مجلس التعاون الخليجي فرصة لكسب حصة سوقية في سوق الاتحاد الأوروبي لأن منتجاتهم النفطية ستخضع لضرائب أقل مقارنة بالعديد من موردي الوقود الآخرين، مما قد يترك أثره في النهاية على قرارات دول الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بآلية استيراد هذا النوع من المنتجات بالإضافة إلى أثره على العلاقات التجارية. ومع ذلك من الحكمة أن تباشر شركات دول مجلس التعاون الخليجي بإدارة آثارها الكربونية بشكل سريع مع التركيز على مراعاة المزيد من سياسات إزالة الكربون".

تعد ضريبة الكربون على المنتجات المستوردة واحدة من العديد من التدابير التي تنظر فيها المفوضية الأوروبية في إطار "الميثاق الأخضر الأوروبي"، وهي مبادرة جريئة لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الاتحاد الأوروبي بنسبة 50٪ خلال العقد القادم - مقارنة بالهدف الحالي البالغ 40٪ - وجعل أوروبا أول قارة محايدة مناخياً في العالم. ويحظى فرض "ضريبة الكربون" على الواردات بدعم قوي من المفوضية الأوروبية وخبراء البيئة والعديد من الشركات المصنعة الأوروبية، التي تدفع ثمن انبعاثات الكربون منذ عام 2005 بموجب نظام الاتحاد الأوروبي لتداول الانبعاثات (ETS) وتطالب بنظام أكثر تكافؤاً وعدلاً مع المنتجات المستوردة، خاصة من الدول ذات المعايير البيئية غير الصارمة.

وفقاً لنتائج تقرير بوسطن كونسلتينج جروب، ستغير ضريبة الكربون على المنتجات المستوردة الديناميكيات التنافسية للنفط الخام وحده، مع احتمال قيام منتجي النفط الفعالين مثل المملكة العربية السعودية بدفع ضريبة كربون أقل بنسبة بين 30-50% من دول مثل روسيا والعراق. وعلى الرغم من أن هذه الضريبة ستؤثر على جميع المنتجات ذات الأثر الكربوني، إلا أن 25٪ من بصمة الكربون في الاتحاد الأوروبي تأتي من السلع المستوردة غير المشمولة بآليات تسعير الانبعاثات الحالية. وسيكون التأثير الضريبي أقل حدة على الموردين الذين لديهم معدلات منخفضة نسبياً من انبعاثات الغازات الدفيئة، مثل إنتاج المملكة العربية السعودية من النفط الخام مقارنة مع إنتاج روسيا.

ومن جهته قال كريستيانو ريزي، شريك ومدير مفوّض في بوسطن كونسلتينج جروب: " للاستفادة من مثل هذه السيناريوهات، يحتاج المديرون التنفيذيون الإقليميون لصياغة وتنفيذ استراتيجيات جديدة من شأنها المساهمة في خفض الانبعاثات عبر عملياتهم وضمان بقائهم في وضع جيد لجني ثمار المزايا التنافسية. ويمكن لمنتجي النفط في الشرق الأوسط التفكير في مزايا هيكلية أكبر من خلال اعتماد بدائل جديدة منخفضة الانبعاثات. علاوة على ذلك، يجب على المديرين التنفيذيين أولاً إجراء دراسة مفصلة لجميع القطاعات التي قد تتأثر "بضريبة الكربون التي يخطط الاتحاد الأوروبي لفرضها"، مثل الصادرات المشتقة من النفط الخام والصلب المسطح. ويجب عليهم بعد ذلك التصرف وفقاً لذلك وبشكل استباقي لضمان القدرة على تحقيق الاستفادة الكاملة. وبالنظر إلى حالة الغموض التي تلف العالم وعدم القدرة على التنبؤ نتيجة استمرار تفشي وباء كوفيد - 19، يجب على الموردين اغتنام كل فرصة لضمان الاستمرارية والمنافسة".

وحددت بوسطن كونسلتينج جروب مجموعة من النقاط التي يمكن أن تساعد المديرين التنفيذيين على الاستعداد لضريبة الكربون على المنتجات المستوردة التي ينوي الاتحاد الأوروبي فرضها:

• قياس الأثر الكربوني في الإنتاج: تحديد بصمة الانبعاثات الكربونية للشركة وتقييم موقفها بالنسبة إلى منافسيها.

• اعتماد تسعير الكربون الداخلي: من خلال اعتماد آليات المحاسبة الموازية بهدف تتبع تكلفة انبعاثات الكربون ودمج تكاليف الكربون في عملية صنع القرار.

• وضع قواعد العمل: من خلال تطوير خطط مشتركة مع الموردين الرئيسيين وخيارات محددة للمباشرة باتخاذ الإجراءات المناسبة مع اقتراب سياسة الاتحاد الأوروبي من التنفيذ.

• دراسة السياسة والمساهمة في صياغتها: من خلال مواكبة التطورات المتعلقة بالسياسة الجديدة لتشكيل اقتصاد متوازن منخفض الكربون.