لماذا تردت الأحوال المعيشية للبنانيين إلى هذا الحد؟

لماذا تردت الأحوال المعيشية للبنانيين إلى هذا الحد؟
ارشيفية
خاص دنيا الوطن - صلاح سكيك
شهد لبنان الأسبوع الماضي، عدة حالات انتحار، بفعل ضيق العيش، وتدهور الأحوال الاقتصادية في البلاد، الأمر الذي دعا البعض للقول: إن البلاد دخلت مرحلة جديدة ومتطورة في أزمتها المعيشية، وفي ظل انهيار متسارع في الأحوال الاقتصادية.

وتردّت بشكل غير مسبوق قيمة الليرة اللبنانية، والتي تخطى سعر صرفها مقابل الدولار، حاجز التسعة آلاف ليرة للدولار الواحد، خلال الأيام الماضية، في حين يشير الرقم الرسمي لقيمة الليرة إلى 1507 ليرات للدولار الواحد، وهو ما تسبب بدوره في موجة من الغلاء الفاحش، والتآكل في القدرة الشرائية لعدد كبير من اللبنانيين، وفق تقرير لشبكة (بي بي سي) البريطانية.

واتهم حسن نصر الله، أمين عام (حزب الله) اللبناني، الولايات المتحدة، في خطابه الأخير، بأنها سبب نقص الدولار في لبنان، وقال: إن "واشنطن تمنع العملة الأجنبية من الدخول إلى لبنان، وتضغط على مصرفها المركزي، حتى لا يضخ مبالغ جديدة في الاقتصاد"، واصفاً أزمة الدولار بأنها: "قضية أمن قومي، ولم تعد مشكلة اقتصادية".

إلى ذلك، ردت السفيرة الأمريكية في لبنان، دوروثي شيا، على نصر الله خلال حديث لشبكة (LBCI) وقالت: إن بلادها لا تمنع دخول الدولارات إلى لبنان، والكلام عن أن أميركا وراء الأزمة الاقتصادية تلفيقات كاذبة، والحقيقة أن عقوداً من الفساد، ومن القرارات غير المستدامة في لبنان، تسببت بهذه الأزمة.

وتعقيبًا على ذلك، قال المحلل السياسي اللبناني، أمين حطيط: إنه يوجد عدة أسباب لتردي أوضاع الناس المعيشية، وأولها الإجراءات الأمريكية الإجرامية، ضد لبنان، ومنع الولايات المتحدة إدخال الدولار؛ ما أدى إلى اختفاء هذه العملة التي تعتبر العملة الأهم إلى جانب العملة المحلية، إضافة لمنعها منح لبنان المساعدات التي كانت في السابق.

وأضاف حطيط لـ"دنيا الوطن"، أن السبب الثاني هو الفساد المتفشي في الدولة اللبنانية وأركانها، فيما السبب الثالث هو الصراع السياسي القائم في البلاد بين الأطياف المتصارعة، وكذلك العقوبات المفروضة على سوريا، امتدت إلى لبنان، وتأثر بها اللبنانيون، بما فيها القانون الأخير (قيصر).

ووصف سوريا بأنها الرئة الأساسية للاقتصاد اللبناني، فتأثرها أضر بلبنان، ودهور الاقتصاد لكلا البلدين، مؤكدًا أنه مطلوب من الحكومة اللبنانية، وعلى الفور وقف الانهيار الحاصل على مستوى الاقتصاد.

وأشار حطيط إلى أن (حزب الله)، الأقل تضررًا بين الأحزاب اللبنانية، والسبب أن الأموال التي تأتيه من الآخر بعملة الدولار، بينما الدولة اللبنانية، هي المتضرر الأكبر، رافضًا في الوقت ذاته تحميل رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، مسؤولية ما يجري على مستوى تدهور الاقتصاد.

وقال: إن السياسة الحريرية منذ الحريري الأب، والحريري الابن، وعلى مدار 30 عامًا، كانت جزءًا من أزمات لبنان، مثلهم مثل باقي الأحزاب الأخرى، فمن المستحيل أن تجد حزبًا غير مسؤول عن أوضاع لبنان الحالية، فالكل مُتهم وعليهم أن ينتهوا من هذا الوضع، وتصحيح مسار الدولة، سياسيًا واقتصاديًا وماليًا واجتماعيًا.

بدوره، قال المحلل السياسي اللبناني، حسن منيمنة: إنه من حق المواطن اللبناني، وهو اليوم على مشارف انهيار غير مسبوق، قد تنتفي معه كافة مقومات الحياة العصرية، من كهرباء واستشفاء ووقود وأمن غذائي، أن يصرخ ويدين المستفيدين من النهب الممنهج- وهم بالفعل كثر- الطبقة السياسية برمّتها، قديمها وجديدها، وإن على تفاوت، والإقطاع الموغل بالاستدعاء الطائفي، وإلى العام 2005 التدخل السوري، من رأس هرمه إلى صغار معتمديه، ومن ثم الاحتلال الإيراني المضمر، على أن القائمة لا تقف عند هذا الحد.

وأضاف منيمنة، في مقال رأي: "هي مسؤوليات كبيرة للسياسيين والمتمولين والنافذين، من الذين مكنتهم منظومة النهب الممنهج من الاستيلاء على الأملاك العامة مقابل بدل متلاشٍ، ومن استحلاب هندسات مالية، هيّأت للبعض استدانة مبالغ ضخمة بفوائد منخفضة، وإيداعها الفوري في النظام المصرفي للحصول على عائدات مرتفعة، أي ما يشكل هبة متواصلة دون قيد، وأتاحت لهم الاستئثار بالعقود الكبيرة، ليصبح سائق سيارة الزعيم، وحارسه الشخصي، وكل صاحب حظوة لديه أثرى أثرياء البلد.

وأوضح أن الناشطين الإصلاحيين في لبنان، بناءً على تقديرهم لما هم عليه من معطيات قوة وضعف، لا يزالون عند المطالبة بالإصلاح، ومكافحة الفساد، وإعادة المال المنهوب وبالقضاء العادل المستقل، غير أنه من فائق الصعوبة، بل من المستحيل، تبيّن من هي الجهة القادرة على الشروع بتنفيذ هذه المطالب، أو الراغبة بالأمر ابتداءً.

وختم منيمة، حديثه، بالقول: "ربما أن الخطأ بالمقاربة هو اعتبار أن ما يعيشه لبنان هو مواجهة بين "فاسدين" هم الطبقة السياسية برمّتها، وشعب لبناني بوضع الضحية، استغفل ونهبت أمواله، وخدع فأعاد انتخاب ناهبيه".

التعليقات