"كورونا" ومخطط الضم..

"كورونا" ومخطط الضم..
"كورونا" ومخطط الضم..
فلسطين ما بين الحجر الصحي اللازم، والمواجهة الواجبة للاحتلال..

بقلم:عبد الفتاح دولة

واقع ملبد بالتحديات يعصف بالحالة الفلسطينة، ففي الوقت الذي يواجه فيه شعبنا الفلسطيني وباء الاحتلال الذي يستفحل في الجسد الفلسطيني قتلاً واعتقالاً واستيطاناً منذ (٧٢)عاما، واليوم مخطط بالضم.. جاء "كوفيد 19" ليضرب البشرية ومنها فلسطين، ليزيد الحمل على شعب فلسطين المثقل بوباء الإحتلال ثقلا مضاعفا.

كن من المفترض في خضم توحد العالم في مواجهة جائحة "كورونا" أن يجد الشعب الفلسطيني بمؤسساته المختصة المساحة الكافية للخلاص من انتشار وتفشي هذا الوباء في فلسطين المكلومة أصلا بقمع المحتل الذي لم يتوقف يوماً منذ النكبة، وأن تنجح بامكاناتها المتواضعه وقدرة شعبها على التحمل والصمود في التغلب على هذه الجائحة وتجنيب فلسطين وشعبها عبئاً إضافيا يثقل كاهلها المثخن بالجراحات. لكنه ضيق الحال وشح الامكانات وقصر اليد بسيطرة الإحتلال على الكثير من مفاصل حياتنا اليومية يشكل عائقاً ما بيننا وبين الخلاص من هذا الوباء.

أمّا وباء الإحتلال الذي لم تردعه الجائحة المتفشية في أواسطه ايضاً بل وينقلها إلينا، فبدل أن ينشغل كما باقي العالم في مواجهة المرض الذي يفتك بالانسانية، ينشغل كعادته في التوغل بوبائه الإستعماري ليسرق المزيد من أراضينا الفلسطينة _فهو خارج مربع الإنسانية التي تبرأ منها عندما اقتلع شعبنا وستوطن أرضه بقوة البارود والإرهاب_ وقد أخذ قراراً متجدداً بضم أراضي الاغوار الفلسطينية لدولة الإحتلال.

تحديان يفتكان بسلامة وحلم وحق شعب في الحياة والحرية والإستقلال، يزيدان أعباء المواجهة المزدوجة لكلا الوبائين؛ فمن ناحية يتتطلب التغلب على الوباء إجراءات صحية مشددة، وحجر منزلي، وإمكانات وتبعات ليست بالهينة ولا المتاحة ربما. ومن ناحية أخرى تتطلب مخططات الإحتلال مواجهة فعلية وحضور جماهيري على الأرض.

إنه إستغلال بشع من قبل أذرع إدارة المحتل في اختيار الزمان المشبع بالوباء لتمرير مخططاته الإحتلالية لسرقة المزيد من أراضي دولة فلسطين، غير أبه بالوباء تماماً كما إنكاره لحق أصحاب هذه الأرض في البقاء عليها بهويتهم وهويتها الكنعانية الفلسطينية.

فماذا يفعل الفلسطينيون أمام هذا الصلف الاحتلالي البشع؟!

إن سلامة شعبنا الفلسطيني هي جزء من مقومات الصمود والمواجهة التي لا يجب الإستهانة بها، فإنساننا الفلسطيني قيمة من قيم الوطن الذي نناضل من أجل تحريره والإنغراس فيه. لكن ترك المحتل إستغلال هذا الظرف أمر لا يجب السكوت عليه رغم الوباء. فقد قدّم شعبنا الفلسطيني التضحيات من عمره ودمائه وما يزال من أجل إستعادة حق مغتصب، وهو ما يضطره للمضي في طريق المواجهة حتى في زمن الوباء.

سيقول كثر: كيف نخرج لرفض مخطط "الضم" ونحن مطالبون بوقف كل أشكال التجمعات تفادياً لانتشار الوباء؟!

وهو في ذلك محق، فالتجمع مغامرة قد تشكل ثغرة لانتشار المرض الذي نبذل قصار جهدنا لتطويقه والتخلص منه.

لكنه مرض الإحتلال والضم أشد فتكاً ووجعاً لاشفاء منه. يجب مواجهته أيضاً حتى لا يصاب وطن كامل بالوباء.

هو تحد ليس بالسهل، وخيارات اهونها وباء، لكن شر الإحتلال وسرقة ما تبقى من الأرض والحلم أشد فتكاً.

نعم قد يضطر شعبنا للخروج في مواجهة هذا المخطط الإحتلالي في زمن الوباء، فهو رفض لا يمكن الصمت عنه، وليأخذ شعبنا كامل ما يستطيع من إحتياطات تمنحنه الوقاية، وتمنح بخروجه في وجه المحتل الوطن السلامة والحق في البقاء.

نحن نعبر منحدراً مميتاً، إن لم يكن بعدوى "الفايروس" فهو بجرائم الإحتلال المستفحلة في جسد الوطن، وهذا يتطلب منا حرصاً كبيراً أولاً، ومسؤولية فردية وجماعية، وخططاً مدروسة للمواجهة، كما يتتطلب حراكاً فاعلاً واعياً متواصلاً يوصل رسالة ذات تأثير فعلي، بأن لا يظنن المحتل أن استغلاله لزمن الوباء سيمكنه من المضي في تنفيذ مخططاته الإستعمارية، وأن الشعب الفلسطيني شعب حي ومستعد لتقديم التضحيات والخروج في وجه المحتل في كل الظروف والأزمان، فلم تكن طريق المواجهة معبدة يوماً بالورود.

التعليقات