أربع خطوات لتحصين وحدة الموقف بين فتح وحماس

أربع خطوات لتحصين وحدة الموقف بين فتح وحماس
 أربع خطوات لتحصين وحدة الموقف بين فتح وحماس

د. هاني العقاد

مؤتمر وحدة الموقف بين فتح وحماس شكل لطمة على وجه المنظومة الامنية الاسرائيلية وأحدث صدمة للمؤسسة السياسية التي كانت تراهن على استحالة اي شكل من اشكال الوحدة بين فتح وحماس او حتى بين فصائل (م ت ف) وباقي الفصائل التي لم تنضوي تحت رايتها. هذه الصدمة باتت بالغة لأنها جاءت مفاجئة ولم يسبقها اي تسريبات ولا حتى اي توقعات لأوساط فلسطينية سياسية او حتى مراقبة. لم يتوقع احد مثل هذا المؤتمر الذي اعلنت فيه اهم خطوة علي طريق استعادة الهيبة الوطنية واهم سبل المواجهة مع المحتل الاسرائيلي الذي يصر علي ضم ارضينا بالضفة الغربية والغور الفلسطيني وشمال البحر الميت , لعل هذا الاتفاق اخذ المحللين الاستراتيجيين في دولة الكيان لأبعد الحسابات وتوقع طبيعة المواجهة  مع الفلسطينيين وخاصة ان هذه المواجهة الان يقودها اكبر فصيلين فلسطينيين فتح وحماس,  ليس هذا فقط وانما باتوا يدرسون سبل اعاقة تقدم فتح وحماس قدما في تجسيد هذا الاتفاق علي الارض والاعلان عن خطوات اخري من شانها ان تقود الفصيلين الي انهاء الانقسام الطويل والاسود الذي منح اسرائيل مئات الفرص المجانية  لتنال من ارادتنا الفلسطينية وتشل اي خطوات تحرر علي الارض وتثري نار الفتنة وتعيق اي تطوير لمؤسساتنا الوطنية الواحدة في سبيل استكمال تحقيق المشروع الوطني . 

حماس اعلنت تجميد كل الخلافات مع فتح وفتح اعلنت انها تؤمن بان نوايا حركة حماس صادقة هذه المرة وبالتالي تؤمن بان يكون هذا اللقاء انطلاقة باتجاه مسار تحقيق الوحدة الوطنية , كل شيء بدا يدعو لمزيد من الامل الا ان هذه الخطة اولية  نسبياً مقارنة بالخطوات التالية المطلوبة مع اهميتها الاستراتيجية التي تشكل قاعدة كبيرة للانطلاق نحو الوحدة الشاملة . ولعل هذه الخطوة تحتاج الي تحصين لأنه ان لم يتعبها خطوات اخري. اعتقد ان هذا المؤتمر قد يمسي كما غيرة من المؤتمرات التي انطلقت فيها عبارات الامل وانهاء الانقسام الذي في كل مرة يقولا انه أصبح شيئا من الماضي ووراء ظهر الحركتين. ولعلي هنا أسجل اهم الخطوات التي من شأنها ان تحصن هذا الاتفاق وتجعل منه قاعدة صلبة للانطلاق نحو استكمال خطوات استعادة الوحدة الوطنية والخطوة الاولي المطلوبة هي اعادة الثقة للمواطن الفلسطيني بحسن النوايا هذه المرة بتحريم الاعتقال السياسي وإطلاق المعتقلين على خلفية سياسية دون اللجوء الي تلفيق اي تهم اخري مزعومة جنائية او غير جنائية لتحليل الاستمرار في هذا الاعتقال الذي يستنزف الارادة الوطنية وامكانية استعادة الوحدة الشاملة. والخطوة الثانية هي الاعلان عن تشكل قيادة وطنية موحدة لقيادة المواجهة مع اسرائيل وتوجيه اطر المقاومة  الشعبية وتطوير عملها وتحديث اساليب مواجهة الجماهير مع الاحتلال الإسرائيلي بما يحدث حالة من الاستنزاف لقوة جيش الاحتلال ومكوناته الارهابية وتعيق استمراره في توفير الامن للمستوطنات والأرض  التي ينوي ضمها .   الخطوة الثالثة الرئيسية المطلوبة هي الاعلان رسميا من قبل حماس بقبولها استكمال تطبيق اتفاق اكتوبر 2017 من الخطوة التي توقف عندها والسماح فورا للفرق الفنية بالعودة للعمل بحرية لتوحيد المؤسسات والوزارات والاجهزة الادارية المختلفة والاجهزة الامنية وصولا لشراكة وطنية كاملة يتبارى فيها الجميع وكل الفصائل لخدمة هذا المواطن الذي سحق الانقسام مستقبله. والخطة الرابعة المطلوبة هي اعادة هيكلة كافة مؤسسات (م ت ف)   انطلاقا من عقد اجتماع للاطار القيادي لمنظمة التحرير واعتبار ميثاقها ميثاق وطني جامع الخروج عنه خيانة و وضع جدول زمني ملزم لكافة  الفصائل للمضي في خطوات اعادة الهيكلة دون انتظار احد وهذا يأتي من خلال اعطاء الصلاحية الكاملة  للجنة التنفيذية للمنظمة والتي يعهد اليها وضع الاستراتيجيات اللازمة للوصول الي هيكل صلب وموحد للمنظمة لتقود مسيرة التحرر باتجاه تحقيق المشروع الوطني الجامع وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس  
لعل المضي قدما في تحقيق وحدة موقف ميدانية بين فتح وحماس علي الارض في مواجهة مخططات الضم الاسرائيلي التي لم تلغيه ولم تؤجله وانما وضعت له استراتيجية هادئة ومتدرجة وناعمة  للتطبيق لتفادي ردات فعل كبيرة علي المستوي الدولي والفلسطيني واهمها تلويح الاتحاد الاوروبي بفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية علي اسرائيل في حالة تنفيذ الضم الذي ينتهك القانون الدولي ويكتب شهادة وفاة حل الدولتين كاطار دولي متفق عليه لإنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتحقيق السلام العادل والشامل بما يعيد الامن والاستقرار للمنطقة . لكن اي انخراط في خطوات لوحدة الموقف يجب الا يكون على حساب استعادة شاملة للوحدة الوطنية لان وحدة الموقف هنا يمكن ان ينهار في اي لحظة ان لم يتم تحصينه بخطوات عملية سياسية وامنية واستراتيجية وخاصة ان اعداء وحدة الموقف كثر واولهم اسرائيل. ولعلني هنا احذر من مخطط احتلالي لإعاقة هذه المسارات التي تمثل حياة او موت للفلسطينيين الان في هذا الوقت الحرج , واخشي ان تكون اسرائيل وضعت الخطط الافتراضية لإحباط هذه الخطة وضربها في مهدها . لذا فان تحصين وحدة الموقف بالبدء بخطوات الوحدة الشاملة هي الضمان الحقيقي لوحدة موقف قوية ومتينة تجابه الضم والتهويد وتسقط صفقة القرن التي لن تتراجع امريكا ولا اسرائيل عن تطبيقها بل تضع كافة مقدرات الادارتين السياسية والامنية ومصالحهم وعلاقاتهم مع العرب التي من شأنها ان تصفي القضية الفلسطينية لصالح مشروع الدولة اليهودية الذي سيطور الصراع برمته الي صراع ديني .

[email protected] 

التعليقات