الولايات المتحدة وعداؤها للشعب الفلسطيني

الولايات المتحدة وعداؤها للشعب الفلسطيني
الولايات المتحدة وعداؤها للشعب الفلسطيني ..!
بقلم د. عبد الرحيم جاموس 
لماذا الإدارة الأمريكية تعادي حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في وطنه، الثابتة غير القابلة للتصرف والتي يقرها القانون والشرعية الدولية والتي تجد المناصرة والتأييد من جميع دول العالم ومن معظم الشعب الأمريكي الذي بات يدرك ويعرف خطأ إدارته في معاداتها للشعب الفلسطيني وانحيازها السافر لصالح المستعمرة الإسرائيلية ..؟! 
سؤال قد يبدو ساذجاً للوهلة الأولى، لكن أرى من الضروري طرحه، والطلب من الإدارة الأمريكية والأمة الأمريكية تقديم الجواب عليه، وأن لا نتسرع ونقدم أجوبتنا الجاهزة على هذا السؤال، والمستندة لمنظومتنا الثقافية والعقدية والتاريخية، نريد أن يأتينا الجواب من الإدارة الأمريكية نفسها ومن رئيسها دونالد ترامب ومن نخب المجتمع والشعب الأمريكي مباشرة الذي يمارس هذا العداء بإسمه من قبل إدارته ومؤسساته، علينا أن نترك المهمة لهم في البحث عن جواب مقنع لمبررات هذه المواقف العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني وتطلعاته الوطنية المشروعة في وطنه ..!
يوجد على سطح الكرة الأرضية مائة وثلاثة وتسعون دولة، وماذا يضير العالم والولايات المتحدة تحديداً أن يصبح عدد دول العالم (194) دولة ؟! لماذا تتنكر الولايات المتحدة لأن يكون للشعب الفلسطيني دولته شأنه شأن كل شعوب الأرض التي أسست دول وأصبحت عضوة في الأمم المتحدة ؟!
هل ستشكل هذه الدولة الفلسطينية الوليدة خطراً على الأمة الأمريكية ومصالحها فعلاً ؟! إني أشك في ذلك، لأن دولة صغيرة مثل دولة فلسطين إن ولدت ليس بإمكانها أن تشكل أي خطر على دولة كبرى مثل الولايات المتحدة لا ثقافياً ولا إقتصادياً ولا أمنياً ولا أي شكل من أشكال الخطر الذي يبرر للإدارة الأمريكية ومؤسساتها هذه العدائية السافرة، وأن يدفعها لإحتضان مشروع إستعماري مثل (الكيان الصهيوني) مناهض لكافة القيم الإنسانية المعاصرة، وفي مقدمتها القيم التي تنادي بها الأمة الأمريكية وإداراتها المتعاقبة وخصوصا منها حق تقرير المصير واحترام مبادىء حقوق الإنسان ..!
سوف نستمر في طرح هذا السؤال، لأن معاداة الولايات المتحدة للشعب الفلسطيني وتطلعاته في الحرية والإستقلال هي التي تمنح الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي الديمومة والإستمرار ولأنها توفر شبكة الأمان للكيان الغاصب لإستمرار عدوانه والحيلولة دون اخضاعه للقانون وللشرعية الدولية.
الإدارات الأمريكية لا تتعلم من تجاربها، التي كلفت شعوب العالم ملايين الضحايا، كما كلفت أمريكا مليارات الدولارات ومئات ألوف الضحايا وفي نهاية تلك الصراعات كانت الغلبة للحقائق التاريخية والإجتماعية وللقانون وللشرعية وللشعوب المعتدى عليها، والتجارب القديمة والحديثة تؤكد على ذلك من الهند الصينية في الفيتنام والكوريتين وكمبوديا وجنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية إلى الشرق الأوسط التي تورطت فيهن الولايات المتحدة في حروب دامية مباشرة وغير مباشرة منذ النصف الثاني من القرن العشرين وإلى الآن.
لقد انتصرت فيتنام وكمبوديا وانتصرت الحقائق التاريخية والإجتماعية والثقافية لتلك الشعوب على العدوانية الأمريكية التي أزهقت فيها ملايين الأرواح من تلك الشعوب وألحقت الدمار والخراب فيها، هل تسعى الولايات المتحدة أن تستمر في معاداة الشعب الفلسطيني من خلال إستمرار إنحيازها ضد تطلعاته، والإصطفاف والتبني الكامل للمشروع الصهيوني واستمرار عدوانه على الشعب الفلسطيني، إلى أن يسقط ملايين الضحايا من الأبرياء ويعم الخراب والدمار المنطقة برمتها، حتى تصل إلى النتيجة الحتمية أن لا مبرر وجيه لمعاداتها للشعب الفلسطيني، وأن مواقفها وسياساتها التي تتخذها وتمارسها وتعبر عنها خاطئة ولا فائدة منها تعود على الولايات المتحدة وشعبها، وأن الأضرار التي قد تلحق بأمريكا ومصالحها وبقية دول العالم ومصالحه، أكثر من أية عوائد قد تعود على الولايات المتحدة جراء تلك السياسات والمواقف العدائية من الشعب الفلسطيني وتطلعاته المشروعة؟!.
إن تجارب الشعوب وتاريخ الصراعات ما بينها وبين القوى الإستعمارية عبر التاريخ تعطي إجابة واحدة وهي حتمية الإنتصار على المستعمر وعلى المحتل، وزواله وإنقشاعه ...
كما تمكنت كافة الشعوب التي ناضلت من أجل الحرية والإستقلال من إنتزاع حريتها وإستقلالها من الجزائر إلى فيتنام ولاوس وجنوب إفريقيا إلى غيرها من الشعوب التي خاضت حروب التحرر الوطني وبأشكال وأساليب مختلفة، سوف يتمكن الشعب الفلسطيني من الإنتصار على خصومه وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية العاجزة عن تفسير سبب هذه العدوانية للشعب الفلسطيني، والإنحيازية المطلقة للمشروع الصهيوني الإستعماري، كما عبرت عنها ( صفقة القرن) والمواقف والقرارات التي إتخذتها الإدارة الأمريكية الهوجاء إزاء الشعب الفلسطيني وقضيته.
الفشل الذريع سيواجه صفقة القرن الأمريكية المنحازة للكيان الصهيوني والمجافية للقانون وللشرعية الدولية بسبب الرفض والمقاومة الفلسطينية والعربية لها وكذلك الرفض والمعارضة الدولية الوازنة لها والتي تتبلور في مواقف مختلف الدول المهمة من دول العالم وفي مقدمتها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وبقية المجموعات الدولية المختلفة التي تؤكد جميعها اعتماد مبدأ حل الدولتين ورفض ما تضمنته صفقة القرن من إجحاف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وتؤكد على ضرورة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية كأساس ومرجعية شرعية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ... هذه المواقف لم يجري التعبير عنها عبثا ... وإنما ترسل رسالة واضحة وقوية للعدو الصهيوني وللإدارة الأمريكية .. أن هذا المنهج المنحاز والأعوج والمقلوب والذي عبرت عنه مضامين صفقة القرن وتسعى الإدارة الأمريكية إلى فرضه من جانب واحد لن يقبل به وسيواجه بالمقاومة الشعبية الفلسطينية، ومرفوض من قبل المجتمع الدولي... 
بالتالي فإن الإدارة الأمريكية ستبقى عاجزة عن الوصول بالصراع العربي الاسرائيلي إلى تسوية دائمة ومقبولة من جميع الأطراف..
دون التراجع عن صفقتها المنحازة والمجافية لقواعد القانون والشرعية الدولية.
وللحديث بقية ....
د. عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
E-mail: pcommety @ hotmail.com

التعليقات