سعد يتحدث بالقمة العالمية الافتراضية رفيعة المستوى بشأن (كوفيد -19) وعالم العمل

رام الله - دنيا الوطن
تحدث الأمين العام لاتحاد العمال، شاهر سعد في القمة العالمية الافتراضية رفيعة المستوى بشأن (كوفيد -19).

وفيما يلي نص المداخلة التي وصل "دنيا الوطن" نسخة عنها:

تفتقر العديد من الدول العربية ومنها فلسطين، لنظام حماية اجتماعية فعال، بسبب عدم امتلاكها للحاضنة الأصلية المؤسسة لهذا النظام، وهي مؤسسة الضمان الاجتماعي، الأمر الذي يفسد كل محاولات الوصول للعدالة الاجتماعية التي ننشدها، لتبقى محاولات توسيع نطاق برامج الدعم، تدور ضمن دائرة المساعدات العينية والنقدية الطارئة، كالتي تنفذها وزارات الشؤون الاجتماعية على المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، أو التدخلات الطارئة التي تشارك فيها مؤسسات المجتمع المدني (بشكل غير منظم)

تلك المؤسسات، التي تتطلع لبناء شراكة منتجة مع الحكومات، لغايات تأصيل نظم الحماية الاجتماعية وترسيخها، الأمر الذي سيكون له عظيم الأثر في حال نجاحة، في ترسيم برامج حماية إجتماعية فعالة تتسم بالاستدامة والاستقرار، لكن للآن وللاسف لم يتم التوصل إلى ذلك يعود لإنعدام الثقة في الحوار الاجتماعي بين اطراف الانتاج، ما يُبقي القصور والعجز ملازمان لكافة محاولات إنجاز هذا المتطلب الوطني الإجباري، ذلك الفشل الذي يدفع ثمنه المجتمعات العربية، سيما فئاته التي تحتاج للعون والحماية الاجتماعية الطارئة والدائمة على حد سواء.

1ماذا نقصد بالحماية الاجتماعية ؟

هي منظومة تدخلات متسقة ومستدامة، تهدف إلى الحد من المخاطر الاجتماعية والاقتصادية والضعف، والتخفيف من حدة الفقر المدقع والحرمان، وتمكين الناس من حقهم في التعلم والعلاج والعيش الكريم، وحماية المعرضين لخطر فقدان مصادر أرزاقهم وعيشهم، والحد من الهشاشة الإجتماعية والإقتصادية للفقراء، والفئات غير المشمولة بنظام الضمان الاجتماعي؛ سيما العمالة غير المنظمة.

ما يبرز حاجتنا الماسة لامتلاك نظم حماية اجتماعية عصرية، لديها مرونة عالية في الاستجابة للكوارث والصدمات التي تلم بالشعوب ما بين الفينة والأخرى، وبسبب التزايد في أعداد الأفراد والأسر التي تحتاج للحماية الإجتماعية، سيما غير المشمولين بنظم الحماية المستقرة، التي يستفيد منها (الموظفين العمومين أو موظفي القطاع الخاص النظاميين، و الذين لديهم ايضا مؤسسة الضمان الاجتماعي)، وهذا احتياج يبرز كتحدي يومي أمامنا "على الرغم من التقدم الكبير في توسيع نطاق الحماية الاجتماعية في أنحاء العالم، إلا أن حق الإنسان في الحماية الاجتماعية لم يتجسد كما ينبغي له أن يكون لدى غالبية سكان العالم العربي".

حيث تشير بيانات التقارير العالمية الراصدة والمتابعة لحالة الحماية الاجتماعية، إلى أن 45% من سكان العالم يتلقون فعليًا إعانة اجتماعية واحدة على الأقل سنوياً، بمن فيهم 200000 أسرة فلسطينية تتلقى دعم وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية، وتحصل على مختلف خدمات الحماية الإجتماعية، سواء كانت نقدية أو تأمين صحي أو مواد غذائية". ( هذا كمثال في فلسطين)

دور نظم الحماية الاجتماعية في تمكين المجتمعات الهشة

تساعد نُظم الحماية الاجتماعية الأفراد والأسر، لاسيما الفقراء والضعفاء على مجابهة الأزمات والصدمات، والعثور على فرص عمل، وتحسين الإنتاجية، والاستثمار في صحة وتعليم الأطفال، وحماية كبار السن، إلى ذلك طالب الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، مع بداية تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994م، بإقرار قانون عصري للتأمينات الاجتماعية في فلسطين، وإنفاذ برامج حماية اجتماعية تطال بخيرها كل محتاج للمساعدة؛ وهو أمر محوري معزز لجهود إنهاء الفقر وتعزيز الرخاء المشترك.

و كمثال قرر المجلس التشريعي الفلسطيني قانون التأمينات الاجتماعية عام 2002 و قام البنك الدولي عام 2004 بالطلب بإلغاء القانون و هذا بسبب انعدام الحوار بين الاطراف.

على أن تتضمن تلك البرامج، تقديم مساعدات اجتماعية مدعمة بالمزايا المساندة، لمن هم في سن العمل، وفي حالة الأمومة أو العجز أو إصابات العمل أو لمن هم متعطلون عن العمل، وتغطية معاشات التقاعد لكبار السن، وتوفير التأمينات الاجتماعية، والمزايا الاجتماعية المومولة من الضرائب، وخدمات المساعدات الاجتماعية، وغيرها من البرامج التي تكفل توفير الدخل الأساسي.

ويعد السعي لتجسيد نظم الحماية الاجتماعية من قبل الحكومات الوطنية والمؤسسات الأهلية والنقابات، ذي أولوية قصوى، نظراً لمساهمتها في تحقيق التنمية المستدامة والمستقرة التي تتطلع لإشاعة مناخات العدالة الاجتماعية، عدا عن أنها تعد أحد أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، الساعية لإستحداث نظم وتدابير حماية اجتماعية ملائمة على الصعيد الوطني؛ ووضع حدود دنيا لها، وتحقيق تغطية صحية واسعة للفقراء.

وقد يكون لنظم الحماية الاجتماعية إذا ما أحسِن تصميمها وتنفيذها تأثير قوي على أوضاع عالمنا العربي في المستقبلين المتوسط والبعيد، من خلال مساهمتها في تعزيز رأسمالنا البشري، والحد من التفاوتات، وبناء القدرة على مواجهة الصدمات، وإنهاء حلقة الفقر ومنع توارثها بين الأجيال".

أزمة كورونا أظهرت حاجتنا الملحة للحماية الاجتماعية الشاملة
بطريقة أو بأخرى سلطت تبعات جائحة كورونا ويومياتها، مزيداً من الضوء على حالة العدالة الإجتماعية في الوطن العربي وفلسطين، وبرزت أمامنا مقاطع في منتهى السوء عن تلك الحالة.

وعندما تحدثت منظمة العمل الدولية عن فقدان 5 مليون وظيفة عمل في الوطن العربي بسبب جائحة كورونا و تحدث عن ذلك المدير العام جاي رايدر فهذا يعني بأننا فعلا نحو مستقبل مجهول لمستقبل العمل.

ما دفعنا للتساؤل معاً، عن ماهية (المعوقات الرئيسية التي تواجهها البلدان في زيادة الحماية الاجتماعية لجميع المحتاجين؟ كيف يمكن سد الفجوة الإنسانية - التنموية وضمان استمرار الاستجابة للحماية الاجتماعية الطارئة والمساهمة في تعزيز النظم الوطنية ؟)

آخذين بعين الإعتبار، أن الإجابة على هذا السؤال ستكون أوسع مما نتخيل بسبب الطبيعة التشاركية للأسباب التي لا تتوقف عن التداخل والتعقيد، ورفع نسب الفشل في وجه الخطط في عالم لا تتوقف فيه المخاطر عن التعاظم.

وصعوبة المهمة تنبع من أهمية المهام التي يجب أن تتحقق، لأنها تساعد في تكريس نظم الحماية الاجتماعية للأفراد والأسر في الظروف الطبيعة للدول، وفي ظل الكوارث الصحية والبيئية، والحروب الأهلية والنزوح وغير ذلك من إضطراب مسارات الحياة.

وتتقدم نظم الحماية الاجتماعية المُتكيفة مع المتغيرات، خطوة أخرى إلى الأمام من خلال المساعدة على ضمان عدم تقويض الاستثمارات الهامة في رأس المال البشري بسبب أزمة أو صدمة ما، وتشترك تلك النظم في العديد من السمات نفسها التي تتمتع بها نظم الحماية الاجتماعية العادية للمساعدة في تلبية الاحتياجات الحرجة، ولكنها تشمل أيضا سمات تسمح لنا بمعرفة ليس فقط من هم فقراء في الوقت الراهن، ولكن من هم عرضة للوقوع في براثن الفقر في مواجهة صدمة ما، وما قد يحتاجون إليه للتعافي، وكذلك كيفية تمويلهم وتقديم الدعم لهم في أوقات الأزمات، ومن ثم يمكن استخدام هذه النظم كمنصة للإجراءات التدخلية الأخرى في مجالات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية الأخرى.

توصيات الورقة

1- يستنتج من هذا العرض بأن الشعوب العربية وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال العسكري الإسرائيلي، بحاجة لاستراتيجيات واضحة وحقيقية من أجل وضع أرضية صلبة للحماية الاجتماعية، تكون شاملة وشفافة وقابلة للمحاسبة والمسائلة، بما يضمن الحد من البطالة والفقر وحماية الأسر الهشة عبر التصدي لمعضلة الحرمان اليومي، وذلك بالتعاون مع هيئات وكيانات الأمم المتحدة ذات الصلة والعلاقة.

2- تمكين الأسر والأفراد المحتاجين للدعم، من الوصول إلى مصادر الحياة الحرة والكريمة، المعززة ببيئة عمل لائقة وخدمات اجتماعية متاحة للجميع.

3- ما يؤكد على الحاجة الملحة لوجود مؤسسة ضمان اجتماعي عصرية، تقدم بأفضل الطرق؛ خدماتها الاجتماعية والصحة للجمهور، بما فيها منظومة خدمات التقاعد المدني والتنمية الاجتماعية ودعم السلع والتعليم وصندوق التنمية والتشغيل و الخدمات الصحية.

4- ندعو لتأسيس صندوق المعونة الوطنية وتفعيل شبكة الأمان الاجتماعي، وتصميم برامج محددة لمحاربة البطالة والفقر لكل الدول العربية الي لايوجد لديها قانون للحماية الاجتماعية ، تراعى تفعيل التكاملية بين تلك القطاعات والرقابة على تنفيذ التزاماتها في هذا الجانب.

5- للحصول في الخاتمة، على منظومة حماية اجتماعية مبنية على حقوق أساسية يكفلها القانون لجميع فئات المجتمع دون تميز، وفي كل مراحل الحياة، بحيث تشمل الحد الأدنى من الدخل ليكفل حياة كريمة للناس.

6- وهذا يعني، بأننا نرفض القبول أو التعايش مع غياب النظم الفعالة للحماية الاجتماعية، التي تترك الناس عرضة للمرض والفقر وعدم المساواة والاقصاء الاجتماعي طيلة حياتهم.

7- وعليه، ندعو إلى العمل على زيادة الإنفاق الاجتماعي على الحماية الاجتماعية لتوسيع نطاقها، وتوفير الحماية الاجتماعية والصحية للأطفال والنساء والرجال في سن العمل ولكبار السن من الرجال والنساء.