تجربة الحياة

تجربة الحياة
تجربة الحياة
 بقلم:د.يسر الغريسي حجازي

 "ان تجربة الحياة هي التعلم من كل شيء عانينا منه. علينا أن نفهم أن التجارب التي مرينا بها في الماضي، هي النضال الحقيقي لفهم الحكم والقبول بها".

هل سيتعين علينا تغيير الحياة التي اعتدنا عليها بعد مرور الخمسين سنة؟ هل تؤثر تجربة الحياة على أفكارنا وسلوكياتنا؟ ما هي هذه التجربة و ماذا تعلمنا منها كل هذا الوقت ؟ ان الخبرة المتراكمة على مدى سنوات في العمل، في داخل المجتمع والأسرة والاصدقاء، هي مصادر لا تقدر بثمن للتصورات والمعرفة الجديدة التي نكتسبها من خلالهم. تتيح لنا رحلة الحياة، الفهم من أجل التفكير بشكل أفضل  وتعلم نقل الأحداث التي تمر بها مشاعر مختلفة. غالبًا ما يُطلب منا خلال التدريب النظامي، التعبير عن العواطف والتحدث عن التجارب التي ساعدت في تغيير مواقفنا ومعتقداتنا بطريقة إيجابية. بعد مرور كل هذا الوقت، علينا التوقف قليلا لتقييم الوضع، وقياس المواقف التي مررنا بها، و الاستمتاع قليلا بالثروة التي جنيناها واختبار الشعور بالسوء أو التقدير لهذه الأحداث. كل ألم يجبرنا على التفكير بعمق، لتحليل المواقف و رؤيتها بشكل أفضل. لا يمكننا التعلم، دون أن نكون خاضعين لظروف صعبة. كما ان إعادة النظر في أحداث الماضي، تساهم في زيادة البحث عن معنى جديد، وذلك لفهم واستعادة الحدث بشكل واقعي. ان تجربة وضع انفسنا في مكان الشخص الذي قام باحرجنا في الماضي، يساعدنا علي فهم ما شعر به و ما اجبره علي تلك الموقف أو على عكس فهم شعوره وهو بناشد بنا.

الحالتان مختلفتان بالطبع: في الحالة الأولى من الإحراج، يمكن أن يكون توبيخًا قويًا يؤذينا ويحزننا. لذا من خلال إعادة السيناريو إلى النظام الانعكاسي و النقدي، نجد أنفسنا محصورين في منطق أقل واقعية وأكثر إرهاقًا. عندما نتساءل عن الآثار التي يمكن أن تنتجها تلك المواقف، ندرك أننا قمنا بتحفيز غضبا مبالغ فيه يمكن ان يؤذينا بالفعل. يتمحور السؤال حول انعكاسية التجربة الحية، وتحليل العواطف التي يمكن أن تغير في الحقائق. من الضروري تبني فرضيتين مع مواضيع متداخلة، ووضع معايير والتفكير في مكان الفاعلين لفهم الحدث الناتج بشكل أفضل. جميع حقائق وسلوكيات المواقف التي تم اختبارها، مشفرة في ذاكرتنا، وهي تنبض بالحياة في شكل خضوع الذات.

إن تقلبات هذه الأحداث المحفورة في ذاكرتنا، هي جزء من الاحتكاك البيئ كالعائلة والتعليم والعمل والخدمة الاجتماعية. بالإضافة إلى تجارب الحياة، يبدأ كل شيء ببناء المجاز الذي يتكون من نمذجة فكرة عن الحياة التي نرغب في الحصول عليها، والتي تتم ترجمتها بشكل تناظري من خلال صورة تستجيب تمامًا لطموحاتنا ورغباتنا ودوافعنا. يتعلق الأمر بتفسير تطلعاتنا، وفقًا للثقافات والاتصالات و الأشخاص النموذجيين في عيوننا، من أجل تحديد الرمز الأنيق الذي تريد إتباعه. وتستمر استعاراتنا بالتوضيح لغاية بعد سن الخمسين، لتعلمنا مرارًا وتكرارًا كيفية التغلب على القيود، من اجل النمو الروحي ومواصلة تحقيق رغباتنا. لا يعني تغيير الحياة بعد الخمسين أن نكون في شخصية أخرى،  بل أن نكون لدينا موضوعية أكبر ورؤية أفضل للحقائق والأحداث التي مررنا بها بالفعل. هذه الحقائق هي المغامرات التي خضناها، والنجاحات ، والفشل ، والأحزان والجروح التي تشكل قوقعتنا والخبرة المتراكمة. إنها مجرد نقطة انطلاق أخرى، وتقييمات شخصية وعائلية ومهنية من شيمها ان تساعدنا في تحديد المهارات والقيم و ما يمكن ان يساعدنا على التنفس بشكل أفضل. علينا أن نبدأ بمعرفة ما هو مهم لنا، وما يلهمنا ، وما يمنحنا الطاقة والسلام الداخلي. علينا أن نحب او ان نقبل بالماضي لنعيش الحاضر و المستقبلك بشكل أفضل.

التعليقات