في انتظار "أبو خريطة" الإسرائيلي!

في انتظار "أبو خريطة" الإسرائيلي!
في انتظار "أبو خريطة" الإسرائيلي!

توفيق أبو شومر

هو ليس رئيسَ حزبٍ سياسيٍ كبير، وليس خبيرا في اختراع مضادات وباء الـ"كورونا"، ولكنه أهمّ شخصية في هذا الوقت، لأنَّ كلَّ سياسيي إسرائيل ينتظرونه، من رئيس الحكومة نتنياهو إلى وزير البناء والإسكان، يعقوب لتسمان، إلى رئيس المستوطنين دافيد الحياني، هو مقربٌ جدا من حزب البيت اليهودي، كلُّهم ينتظرونه ليرسم لهم خرائطَ سرقةِ الضفة الغربية، (الضم)!
إنه عقيد في الجيش، رسم خرائط جدار العزل العنصري، هو مُصمم السور بين مصر وإسرائيل، وهو الذي اقترح جدار الفصل، تحت الأرض حول قطاع غزة، خرائطُه نفَّذها جيش الاحتلال بالتمام والكمال على الأرض.
خبير خرائط الفصل العنصري، هو أيضاً مطلوبٌ للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لإكمال جدار الفصل بين أميركا والمكسيك، أشار إليه، ترامب بإعجاب قائلاً لأعضاء الكونغرس: "إذا شككتم في جدوى السور، اسألوا إسرائيل"!
العقيد العسكري المتقاعد، كان رئيساً لشعبة التخطيط في الجيش، في الضفة الغربية، من العام 1994 - 2009، عُين عضواً في الوفد المفاوض مع الفلسطينيين، هو مستشار معظم رؤساء الوزارات في إسرائيل، بالإضافة إلى أنه مستشار وزير الدفاع، ومستشار في لجنة مكافحة الإرهاب، هو عضو مجلس بلدي في مستوطنة، كفار أدوميم، إنه، داني ترزا.
أطلق عليه الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، "أبو خريطة" في المفاوضات مع الإسرائيليين، لأنه كان عضواً رئيساً في الوفد الإسرائيلي المفاوض! 
هذا الخرائطي البارع، مبتكر خرائط العزل العنصري هو من أبرز الخبراء الديموغرافيين، يُضاف إلى خبراء رسم الخرائط ووضع استراتيجيات الحدود الجغرافية، هذا الخبير يُضاف إلى منظومة من الخبراء الإسرائيليين، منهم العقيد، شاؤول أرئيلي من جامعة تل أبيب، عضو حركة، ميرتس الإسرائيلية، هو اليوم عضو في مركز هرتسيليا للأمن القومي، وهو أحد أبرز الخبراء الديموغرافيين، عضو رئيس في المفاوضات مع الفلسطينيين في عهد حكومة إيهود باراك.
أما الخبير الآخر البارز، أرنون سوفير فهو خبير المياه الأول في إسرائيل، ولد العام 1935، هو مِن مؤسسي جامعة حيفا، عدو الفلسطينيين الأول في الجامعة، خريج كتيبة، الناحال الأصولية، التحق بها بعد تخرجه من الجامعة العبرية، هو عميد كلية العلوم الاجتماعية في حيفا.
وهو أول مَن اقترح تبادل الأرض بتجمعاتها السكانية الفلسطينية الكبرى منذ العام 1948، وضع مخططَه لإزاحة سكان وادي عارة، وإلحاقهم بالدولة الفلسطينية المزمع إنشاؤها، وفي المقابل إلحاق كل الكتل الاستيطانية الاحتلالية في الضفة الغربية بإسرائيل.
هو اليوم مشغولٌ برسم خريطة جديدة، يُكمل بها مسيرته الخرائطية، لتأسيس دولة الأسوار والمعازل العرقية، ليبنيَ سور إسرائيل الجديد، حول غور الأردن!
أما الخبير الثالث البرفيسور، سيرجيو ديلا فرغولا المولود في إيطاليا 1942 فهو خبير إحصاء السكان، هاجر العام 1966 إلى إسرائيل، حصل على الدكتوراه من الجامعة العبرية، وهو اليوم أبرز المحاضرين في جامعات العالم، أكسفورد، وكاليفورنيا، وشيكاغو، من أعضاء مركز، بيو للدراسات، مستشار رئيس دولة إسرائيل، كتب عشرات الكتب عن الجاليات اليهودية في أوروبا.
أخيرا، سأظلُّ أرجو أن يستفيد الفلسطينيون والعرب من خبراء الديموغرافيا، مع العلم أن علماء وخبراء الديموغرافيا هم مِن أكثر العلماء قدرة على رسم الخرائط، ووضع السياسات المستقبلية المعتمدة على هذا العلم الخطير، سأظل أذكر عبقري الأنثروبولوجيا العربي المصري، جمال حمدان، الذي اغتيل غدراً، لعبقريته في هذا العلم.
أتمنى كذلك أن نُزيل عقدةَ خوفِ المفاوضين السياسيين من هؤلاء العلماء، خشية أن يُضعِفوا منزلتَهم السياسية؟!

التعليقات