لا خلاف بين نتنياهو وترمب حول الضم

لا خلاف بين نتنياهو وترمب حول الضم
لا خلاف بين نتنياهو وترمب حول الضم 

د. هاني العقاد

عملية ضم اراضي الضفة الغربية والغور الفلسطيني وشمال البحر الميت تجري بهدوء وبشكل ناعم ودون جلبة اعلامية او سياسية ودون حاجة لإعلان ذلك من قبل نتنياهو او اي من اقطاب اليمين الحاكم في اسرائيل الذي يجمع كل اقطابه ان اسرائيل الان لديها فرصة تاريخية لن تتكرر لضم اجزاء من الضفة الغربية والغور وشمال البحر الميت. أعلن نتنياهو مؤخرا ان الاول من تموز هو التاريخ الفعلي لضم الضفة الغربية وبدء هذه العملية وهذا قد يستمر بعض الوقت اسابيع او أشهر قليلة. البعض يتصور ان نتنياهو قد لا يقدم على الضم بسبب عدم حصوله على الضوء الاخضر من واشنطن التي مازالت تعارض اقدام نتنياهو علي تنفيذ الضم بطريقته وبعيدا عن تنسيق المواقف مع الولايات المتحدة.  لا اعتقد ان نتنياهو يحتاج لضوء اخضر من ادارة ترمب لأنه حصل علي الموافقة بمجرد ان اعلنت الادارة الامريكية صفقة القرن بالرغم من ادعائه بان الادارة الامريكية لم تمنحه الضوء الاخضر بعد وتتهمه بتنفيذ ما يريد من صفقة القرن دون التطرق لباقي بنود الصفقة في تصوير ان بالصفقة شيئا مهما للفلسطينيين او هناك اي اشارات يمكن ان تعطي الفلسطينيين حقوق سياسية في كيان مستقل .

نتنياهو ابلغ قادة المستوطنين قبل ايام ان عملية الضم سيتم خلال اسابيع وقال " بأنه يعمل بموجب أجندة مواعيد ضيقة لضم "أقصى ما يمكن ضمه"، وتطرق الي موضوع الخرائط المشتركة مع الامريكية حيث اوضح انها غير جاهزة لكن يجب ان يغتنم الفرصة حتي لا يفسر ذلك من قبل ترمب ان الإسرائيليين غير مهتمين بتطبيق بنود خطة صفقة القرن . وطمئن نتنياهو المستوطنين انه بالرغم من حديث الامريكان عن دولة فلسطينية حسب الخطة الا انهم في اسرائيل لا يسمونها دولة ولن يصوتوا علي دولة فلسطينية في الكنيست واخبرهم بانه سيتم توسيع البؤر الاستيطانية المعزولة وربطها بالمستوطنات بشبكة طرق حديثة . في المقابل فان مبعوث ترمب لمحاربة " معاداة السامية" في الولايات المتحدة الامريكية (آلان كار) اكد ان تاجيل فرض السيادة علي اراضي الضفة لن يكون الا اذا قرر قادة اسرائيل ذلك وطمئن نتنياهو الذي بدأ قلقا في الايام الاخيرة بسبب الاحداث في الولايات المتحدة بعودة ادارة ترمب عن دعم قرارات الضم بأن الاحتجاجات العنيفة لن تؤدي الي تأجيل فرض السيادة الاسرائيلية علي الاغوار وشمال البحر الميت .

لا يوجد خلاف اساسي بين نتنياهو وادارة ترمب يتعلق بموضوع ضم اراض الضفة الغربية ولا يوجد تناقض بالأفكار فالأفكار هي ذاتها وضعها نتنياهو وفريدمان سفير امريكا في تل ابيب  سويا واتفقوا علي صغائر الامور والخرائط الجيوسياسية والامنية وقد يكون الاختلاف اجرائيا فقط ان سجل هناك اختلاف ,وكل من يصور ان هناك خشية اسرائيلية بتراجع ترمب عن دعم نتنياهو في ضم 30% من ارض الضفة يكون هذا بغرض دفع نتنياهو لتسريع الضم ليس اكثر  , انا اشك في ان يكون هناك اختلاف او معارضة امريكية الان لموضوع الضم فهذه ورقة ترمب الرابحة في الانتخابات امام اليهود الأمريكيين . ديفيد فريدمان يعمل بجهد مضاعف ليل نهار ليتم الضم كان قد حضر اجتماع الحكومة الاسرائيلية لمناقشة خطة الضم بحضور نتنياهو وبيني غانتس وزير الجيش وغابي اشكنازي وزير الخارجية وعمير بيرتس وزير الاقتصاد واتفقوا علي تبطيئ الضم في المرحلة الحالية. ادارة ترمب تريد ان يتم تبطيئ الضم وليس التأجيل حتي تنتهي لجنة الخرائط من ترسيم الحدود الجيوسياسية للمناطق الفلسطينية والتي تطلق عليها دولة ولا يعترف نتنياهو بها وهناك اشارات امريكية تفيد بان التأجيل لن يطول وسيكون هناك ايعاز امريكي بتنفيذ الضم بحدود سبتمبر القادم .

نتنياهو لا يكترث كثيرا بالموافقة الامريكية ولا حتي بموافقة وزير الجيش بيني غانتس رئيس حكول لفان الذي يري انه يجب ان تصل اسرائيل الي خطة متوازنة مع الادارة الأمريكية في موضوع الضم ولا تقوم حكومته بضم احادي الجانب مع انه اوعز للجيش بالاستعداد للضم في حدود الاول من تموز . بالرغم من كل هذه الاستعدادات واصرار نتنياهو فان الضم سيتباطأ علي الاقل في المرحلة القادمة ولن يكتمل او يعلن في الاول من تموز وهذا التباطؤ يأتي لإرضاء الامريكان اولاً وثانياً لكي يستكمل جيش الاحتلال استعداداته لاحتمالات تدهور امني كبير بالمناطق الفلسطينية ويعيد انتشاره في اطار الخطط التمهيدية للضم وثالثاً ان اسرائيل تريد ان يمرر الضم بهدوء حتي تتفادي ردات الفعل الدولية والعربية علي الاقل واهمها ردة فعل الاردن التي تعتبر الضم مسار صدام مع المملكة . وهناك سبب مهم جدا الذي بدورة قد يؤدي لإجبار نتنياهو وحكومته تبطيئ عملية الضم وهو انشغال الامريكان في انهاء الاحتجاجات الكبيرة والتي بدورها اثرت علي شعبية الرئيس ترمب ويسعي لان تهدأ الامور وتجهز خرائط الضم ويتم الاعلان من قبل نتنياهو ويعترف ترمب امام ناخبيه واركان حزبه الجمهوري ويحتفل بتطبيق خطة السلام المزعوم ليعوض تلك الخسائر التي سببتها الاحتجاجات وقمع الملونين بأصوات الانجليكيين اليهود في الانتخابات القادمة .

Dr.hani@[email protected]

التعليقات