الحوار الداخلي

الحوار الداخلي
الحوار الداخلي  
 بقلم:د.يسر الغريسي حجازي

 "كلما تحدثنا مع داخلنا، كلما أصبحنا أكثر وضوحًا مع أنفسنا ومع الآخرين. سنتعلم كيف نتعرف على أنفسنا، وسنكون صاديقين ومرتاحين."

من منا لا يتحدث مع نفسه بصوت عالي؟ هل هذا صحي أم مضر للصحة؟ لماذا نحتاج للتحدث مع أنفسنا؟ يجب أن نعرف اولا أن التحدث مع انفسنا بصوت عالي مفيد لنا، و هو بمثابة مرافقة عاطفية تساعدنا على التفكير بعمق ومراجعة السلوك والإدراك، وفهمها والتأثير عليهما. من منا لم يحدث له ذلك؟ لأنه من خلال التحدث بصوت عالٍ، نسعى لأن نكون مدركين لما نقوم به و واضحين بالنسبة للسلوك. لماذا نحرص ان يحصل ذلك في الخلوة حتي لا يرانا احدا ما، ونخجل من فعل ذلك؟ اننا نحاول إخفاء محاورتنا،  لأننا نخشى أن يسخروا منا الاخرين وان يعتبرونا من قوم المجانين. ومع ذلك، فإن التحدث مفيد ووفقًا للأستاذ الأمريكي في السيكلوجية إيثان كروس، فإن حقيقة الحوار الداخلي امرا في غاية الاهمية بسبب انه يساهم في التحليل المنطقي وتماسك التفكير. ويوضح أن هذه المحادثة الخارجية لها تأثير كبير، على فهمنا للأشياء وكذلك مواقفنا. لذا، كل شيء يدور حول العلاقة بين الذات والعقل الباطني. كما ان "الأنا" و"العقل الباطني "يبقيان في عمق البحث العلمي. في حين أن العقل الباطني يقاوم الادراك، فإن الحوار الداخلي، والتفاعلات والمعارضات مع الناس من حولنا، هي العوامل التي تخلق التعاليم (يونج ، كارل غوستاف ، 1973. حوار الذات والعقل الباطني).

وبحسب إيثان كروس، فإن حواراتنا الداخلية تجسد خطابًا تعليميًا وداعمًا، بحيث إن القول بصوت عالٍ "يمكنني القيام بذلك" هو أيضًا شكل من أشكال التحفيز والتشجيع. و نتحدث لانفسنا، لفهم الحديث مع الذات بشكل أفضل. و لا يجب علينا أن نخجل من ذلك، بسبب ان الحوار مع الذات هو جزءا من شخصية الانسان. ووضحت الابحاث ان غالبية الناس تمارس عادة الحوار مع الذات في كل مكان، في الحمام ، في السيارة ، وفي المكتب عندما يكونوا بمفردهم. هذا هو الحال و بشكل خاص، عندما نقوم بمراجعة المهام التي نحتاج إلى إكمالها، أو لما ندرك أن تصرفنا في موضع معين كان مبالغ فيه او غير عادل. لذلك، يمكن أن يكون الحديث مع الذات إيجابيًا وسلبيا. هذا يعني أننا ننضم إلى سلسلة أفكارنا، بينما نحاول الحفاظ على التوازنن العقلي والامن العاطفي. فجأة، يساعدنا الحوار الداخلي أيضًا على معرفة انفسنا، وتمييز ما يجعلنا سعداء وما يمكن أن يزعجنا أيضًا. الحديث مع النفس هو أيضًا مضاد للتوتر، لأنه يساعدنا على التغلب على مخاوفنا واستعادة السلام الداخلي.

بالنسبة للأستاذ الدكتور الأمريكي إيثان كروس (2013) في "الحديث عن الذات كآلية تنظيمية"، فإن تشجيع الذات بقول "يمكنك القيام بذلك" يساعد على تعزيز المهمة التي يجب علينا إنجازها.  

  إن حقيقة تكريس الوقت لمناقشة الذات، يساهم في إعادة تقييم الامور، والحفاظ على توازن الصحة الجسدية والروحية.  ويرفعنا ذلك الشيء إلى مرتبة الاستبصار الأخلاقي. وبالتالي، فإن الحديث عن الذات يحسن سياق الحياة، ويزيلنا من التحيزات ويجعل حياتنا بسيطة وسهلة العيش. هذا التنظيم الاستراتيجي والعقلي، يشحذ إحساسنا بالمسؤولية وكذلك ذكائنا العاطفي. علي سبيل المثال، في النزاعات الاجتماعية يساعدنا الحديث مع الذات على موازنة كلماتنا، تلك التي يمكن أن تحقق السعادة للآخرين وكذلك تلك التي يمكن أن تجرحهم. يساهم الحوار الهادئ وغير العنيف، في خلق جو من النور. عندما يرغب شخصان مختلفين في إيجاد حل لخلافهما، فسيتم تحفيزهما و تركيز جهودهما لإيجاد حل عادل. اما الحوار في حالة تبادل الاتهامات والانتقادات، لا يسبب سوي العراقيل ويؤثر سلبا على الحالة العاطفية مما يقلل من فرص نجاح الحوار.

المحادثة هي توضيح يمثل التأقلم والتنوير و القدرة على الحوار. ولكن مع ذلك، من الضروري الاعتراف بالطريقة التي ينظر إلينا الآخرون حتي نكون قادرون على تعديل سلوكنا. إن التحدث بصوت عالٍ, هو بمثابة تقنية للإقناع والطمأنينة والتحفيز.

فيما يلي التقنيات التي يمكن استخدامها للنجاح في الحديث مع الذات وتعزيز احترام الذات، ومواجهة تحديات الحياة:

يجب تحويل جملة "لن أصل إلى هناك" بجملة: "سأمزق كل شيء!"

"يمكنني تنفيذ ذلك!" "،" انا ذاهب الى هناك! "، " سوف افوز"  تاكيد

"أعتقد أني شخص جيد! "،" أنا فخور بنفسي "،" أنا أستحق أن أكون محبوبا!؛"

القول للذات في الأوقات الصعبة :"لن تدوم المشاكل طويلاً (إيثان كروس ، 2013) يساهم في الصبر وايجاد الحل وتسهيل الامور".

 يستخدم الحديث الذاتي أيضًا كعلاج، تم كشفه من قبل الأطباء النفسيين الأمريكيين هال وسدرة تون (1994) في الولايات المتحدة. إنها على أي حال تقنية إيجابية، تسمح بالحفاظ على الطاقة و تمنح الشعور بالمسؤولية، والتعاطف لأولئك الذين نحبهم في حياتنا. فقط يمكننا أن نكيف عقولنا، ونسيطر على عواطفنا وسلوكنا. كما ان الحديث مع الذات لا يسمح لنا فقط بتحقيق اللطف، ولكن أيضًا لتطوير الشخصية و الابتعاد عن الغضب والاكتئاب وتسهيل النجاح في الحياة.

التعليقات