يجب تقديم مبادرة سياسية بديلة لخطة الضم

يجب تقديم مبادرة سياسية بديلة لخطة الضم
يجب تقديم مبادرة سياسية بديلة لخطة الضم...

الكاتب: د. علي الأعور* 

بدأ نتنياهو كل حملاته الانتخابية على مدى ثلاث جولات انتخابية برفع شعار الضم والتوسع والاستيطان  في الأراضي الفلسطينية من اجل كسب أصوات المستوطنين  وفي الاتفاق الدي وقعه مع زعيم قائمة ازرق ابيض  بيني غانتس  اكد له  على ضرورة تطبيق الضم في الأول من يوليو القادم وعندما تم عرض ما يسمى بصفقة القرن مع ترمب في البيت الأبيض وعد نتنياهو  بان يقدم مشروع الضم وصفقة القرن على الحكومة الإسرائيلية  للمصادقة عليها ومن ثم نقلها الى الكنيست للتصويت عليها ولكن قبل ان يهبط نتنياهو  في  تل ابيب اعلن جاريد كوشنير بان الضم لن يكون في الفترة القريبة ويحتاج الى اشهر وبالتالي لم يتمكن نتنياهو من طرح مشروع الضم على اجندة الكابينت الإسرائيلي  وهذا يؤكد  بان قرار الضم هو قرار امريكي خاص وليس قرار نتنياهو وبالتالي فان نتنياهو لن يطبق قرار الضم لانه استوعب الرسالة أولا من جاريد كوشنير ممثل ترمب في الشرق الأوسط واستوعب الرسالة من الاتحاد الأوروبي  بجميع رؤساء أوروبا وفي مقدمتهم ماكرون وشافييز وجونسون وأخيرا المستشارة الألمانية ميركل الذين اكدوا جميعهم  بان الضم  يمثل انتهاك صارخ للقانون الدولي واستوعب نتنياهو  الرسالة الأهم التي بعث بها الملك عبدالله الثاني  عبر صحيفة دير شبيغل الألمانية واخر رسالة وصلته من رئاسة اركان جيشه" افيف كوخافي" بان الأرض الفلسطينية سوف تندلع بها انتفاضة ثالثة شاملة سوف ترسم ملامح جديدة للشرق الأوسط من خلال قرار الشعب الفلسطيني بالانتفاضة الثالثة، مما جعل نتنياهو وغانتس واشكنازي  يفكرون بجدية في عدم تطبيق وإعلان  الضم  بشكل رسمي او على الأقل تأجيل الضم من قبل نتنياهو.

 مند تولي ترمب الرئاسة الامريكية في يناير 2017 وهو يعمل على انكار وجود الشعب الفلسطيني وانكار حقوقه السياسية و قام بخطوات تمثلت بفرض القوة على الشعوب الضعيفة والمقهورة وقام بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الى القدس واوقف المساعدات الامريكية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا) لانه يريد شطب اللاجئيين الفلسطينيين من المعادلة الدولية التي تمنحهم حق العودة وفقا لقرار مجلس الامن الدولي 194 ،  اما على صعيد الدبلوماسية الامريكية فكان   اخرها تصريح بومبيو بان المستوطنات الإسرائيلية لا تنتهك القانون الدولي .

ببساطة مازال ترمب يعتبر  نفسه هو من يقرر مصير الشعوب و صاحب القرارات التي تتعلق بالشعوب وقمعها ودعم الاحتلال والاستيطان وكان اخرها طرحه ما يسمى بصفقة القرن التي تعمل على تصفية القضية الفلسطينية وانكار وجود اكثر من 13 مليون فلسطيني على وجه الأرض وتقديم دعما لا محدود لإسرائيل حتى جعل نفسه حليف وشريك لإسرائيل وليس طرفا محايدا لتحقيق الامن والسلام الدوليين.

القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس أبو مازن و فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس والجهاد الإسلامي جميعهم رفضوا  صفقة القرن واعتبروها ولدت ميتة ومكانها مزبلة التاريخ.

ولكن السؤال المهم : ماذا قدمت القيادة الفلسطينية وفصائل منظمة التحرير من بديل لخطة ترمب ؟

من المنطق عندما ترفض خطة للسلام سواء كانت دولية او إقليمية او أمريكية يجب تقديم خطة سلام بديلة وطرحها امام العالم حتى تجعل العالم يفكر في خطتين :

*خطة تقوم على مبدا القوة والقمع وفرض الامر الواقع ممثلة بخطة ترمب او ما يسمى بصفقة القرن المشؤومة .

*خطة فلسطينية  تقوم على قرارات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن الدولي وتتفق مع القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الرابعة عام 1949 وقت الحرب وبالتالي تجسيد حقوق الشعب الفلسطيني الممثلة في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية الى جانب إسرائيل من خلال قبول جميع الأطراف الدولية واللجنة الرباعية والأمم المتحدة بالحل السياسي الدي يقوم على حل الدولتين ووضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته التاريخية والقانونية والسياسية.

حتى ولو كان الجانب الفلسطيني هو الأضعف عسكريا ، ولكن الشعب الفلسطيني يملك من مقومات الحق التاريخي والقانوني  والديني على هده الأرض ما يمنحه القوة وما يفتقدها نتنياهو في وجوده الغير شرعي باعتراف جميع دول العالم ماعدا الولايات المتحدة الامريكية.

وبالتالي فان القيادة الفلسطينية مطلوب منها تقديم مبادرة سلام  بديلة لخطة ترمب  وتحدد فيها نقاط من شانها ان تقود الى دولة فلسطينية مستقلة في حدود الرابع من حزيران عام 1967  الى جانب إسرائيل  وفقا لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني  وهذا ما يجعل من القيادة الفلسطينية في موقف قوي وفي موقف ينال احترام جميع دول العالم على اعتبار انها قدمت خطة بديلة لخطة ترمب المزعومة والتي تسمى بصفقة القرن .

هناك الكثير من المبادرات التي قدمت لحل القضية الفلسطينية وكان اخرها مبادرة الملك عبدالله في قمة بيروت عام 2002 والتي اكدت على سلام عادل وشامل مع إسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة ، واليوم تستطيع القيادة الفلسطينية ممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية والرئيس أبو مازن بتقديم مبادرة سلام  تعتمد على المبادرات السابقة بوثيقة رسمية تقدمها للأمم المتحدة  ومجلس الامن الدولي  على اعتبار انها الفرصة الأخيرة امام المجتمع الدولي لتحقيق الامن والسلام الدوليين  وبالتنسيق مع قوى إسرائيلية تطالب وتنادي بانهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة  من خلال إعلانها ورفضها لخطة الضم التي يقودها نتنياهو من خلال المظاهرة التي خرجت في وسط تل ابيب  يوم السبت الماضي معلنة رفضها لكل مشاريع الضم والتوسع والاستيطان  وربما تقديم  اتفاق مباديء يعتمد على الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة  بالاتفاق مع باحثين ومفكرين إسرائيليين ومنظمات إسرائيلية واساتدة جامعات تطالب بانهاء الاحتلال  وقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية الى جانب اسرائيل.

*باحث وخبير في الشؤون الاسرائيلية

التعليقات