"فاطمة".. تابت عن ختان الإناث بعد 20 عاماً بعد هذه الفاجعة

"فاطمة".. تابت عن ختان الإناث بعد 20 عاماً بعد هذه الفاجعة
تعبيرية
داخل إحدى قرى محافظة أسوان بصعيد مصر، ما زالت نزعة الختان تسيطر على أحدهم، الذي قرر خداع بناته الثلاث بحجة إحضار طبيب بحجة تطعيمهن ضد فيروس كورونا، إلا أنه استغل صغر أعمارهن وعدم معرفتهن بالحقيقة الكاملة، ليتفق مع الطبيب ختان بناته وهن "س" 11 عاما، و"ل" 9 أعوام، و"ت" 8 أعوام.

لم يفكر في أمرهن الصحي، ولا النفسي، فقرر الكذب عليهن ليتواطأ مع طبيب قام بتشويه أجسادهن بحجة "العفة والشرف".

وكانت الدكتورة سحر السنباطي أمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة، أكدت أن خط نجدة الطفل (16000) التابع للمجلس، قد تلقى بلاغا واستغاثة عاجلة من أم لثلاث فتيات أطفال لم يبلغن السن القانونية من مركز جهينة بمحافظة سوهاج، حيث طلب الأب من طبيب القيام بإجراء ختان لبناتهم الثلاث، وأكدت الأم في بلاغها أن الجريمة وقعت بتاريخ 27 مايو الجاري بمنزلهم، بعد أن قام الأب بخداعهن بأنه جلب إليهن الطبيب لتطعيمهن ضد فيروس كورونا، وذلك دون علمها وعلى الفور تم تحرير بلاغ بالواقعة حمل رقم 13194 بتاريخ 31 مايو 2020.

فعلى الرغم من استسلام الأب لتفكيره، وربما جهله ببعض الأمور، الا أن الطبيب يعد الجاني الأساسي الذي وافقه طلبه، فأصلح كال "جزار" لم ينظر سوى لتشويه جسد أطفال صغيرة دون الالتفات للقسم أو حتى للمخاطر الطبية التي بالطبع يعلمها جميعا.

وعلى غرار واقعة الطبيب، نشرت مجلة "هن" حكاية "فاطمة" التائبة عن ختان الإناث بعد 20 عاما.

20 عامًا وهى تعمل في ختان الإناث، وارثة المهنة عن والدتها، تتحصل على قوت يومها مقابل قطع جزء حساس من جسد الفتيات بحجة الحفاظ على عفتهن، ولم يوقفها في أي مرة صراخ إحداهن، لم ينفطر قلبها على نزيف أي طفلة، خلال ختانهن بأدواتها الحادة.. فهذا ما وجدت عليه أمها وجدتها داخل إحدى المناطق الريفية.

غير أنها قررت أخيرا ذات يوم، قبل أكثر من 40 عامًا، التوبة، بعدما تسببت في مقتل فتاة عمرها 10 سنوات، خلال ختانها، فلم يتوقف النزيف حتى لفظت الطفلة أنفاسها الأخيرة، وفقدت حياتها، لتكون تلك الحادثة المأساوية هي طريقها للتوبة، والتمرد على عادات أهلها وبيئتها.

هكذا روت مينرفا حماد، صاحبة كتاب "سنلتقي في منتصف العالم"، التي سردت من خلاله حكايات 18 سيدة حول العالم، حاربن القيود والعنصرية من أجل البحث عن حقوقهن وإنسانيتهن، قصة السيدة الستينية  (فاطمة) وهو (اسم مستعار)، بعدما التقت بها عام 2014 بإحدى أحياء مدينة الإسكندرية، لتكون أولى قصصها التي بدأت بها كتابها، الذي صُدر مؤخرًا بفيينا باللغة الألمانية.

تقول مينرفا نقلًا عن فاطمة: "ختان البنات كان منتشر جدًا في الريف عندنا، كبرت لقيت أمي بيجيلها ستات القرية ببناتهم وبتختنهم عشان العفة زي ما فهمونا، وعلمتني المهنة وبقيت زيها، عمري ما فكرت إني بعمل حاجة غلط، وكنت بشوف عياط البنات حاجة عادية مبتأثرش بيها لأني بشوفها كل يوم تقريبًا".

تابعت: "فضلت شغالة بالمهنة دي 20 سنة، وفي يوم مقدرتش اتحكم في أعصابي، وأنا بختن بنت عندها 10 سنين قدام والدتها، فلاقيتها بتنزف جامد مقدرتش الحقها وماتت على طول، واتسجنت".

3 سنوات قضتهما "فاطمة" داخل جدران السجون، تُعاقب على جريمتها، القتل الخاطئ، فعلى الرغم من وحشية السجن إلا إنه كان بواباتها للتوبة، بل والتكفير عن ذنبها.

أشباح الماضي تطارد "فاطمة" داخل السجن"جوة السجن كانت أشباح الماضي بتطاردني، صريخ البنات عمره ما غاب عني، ولما خرجت منه اتعملت حاجات كتير منها إن الختان بيأثر على العلاقة الزوجية، وإنه ممكن يكون أداة لقتل الأطفال، وقتل متعتهن المشروعة بعد الزواج، وبدأت اتعلم أكتر، وقريت عن حكم الأديان والطب، ومن هنا قررت أنهي علاقتي بالموضوع تمامًا، وكمان أكفر عن ذنبي"، هكذا روت "فاطمة" التائبة عن ختان الإناث تفاصيل قصتها داخل أسطر الكتاب.

ونقلًا عن الكاتبة "مينرفا" قررت "فاطمة" عقب خروجها من السجن، بعد قضاءها مدة العقاب، ترك الريف الذي نشأت فيه، والانتقال للعيش بالإسكندرية، باحثة عن ضحاياها اللائي تعذبن تحت يديها قديمًا: "كنت بدون أسامي البنات اللي ختنهم في ورقة، بدأت أروح للي عرفت أوصل ليهم أطلب منهم السماح، وانقلهم اللي اتعلمته، وأعرفهم أضرار العادة السيئة وإزاي ممكن تأثر عليهم عشان ميكرروش التجربة مع بناتهم".

التعليقات