الحق في الحياة

الحق في الحياة
الحق في الحياة
 بقلم:د.يسر الغريسي حجازي

"قل دائمًا الحقيقة حول الحق في الحياة، الحق الذي يهمنا جميعًا. إنها أفضل طريقة للمساهمة في الإنسانية، والضمير الجماعي، ومعاقبة البطون الكبيرة. ستأتي السعادة عندما ينتشر الخير على الأرض". 

من نحن؟ ماذا يحق لنا؟ هل الإنجازات والأوسمة تخص الآخرين فقط؟ ماذا يعني الحق في أن نكون؟ دعنا نعلم أن القانون هو مجموعة من القواعد والاعراف التي تحكم العلاقات بين المواطنين في المجتمع، و يمنح القانون للفرد حرية التصرف دون تقييده. ان طبيعة الحق تكمن في ان نختار  ما نريده، و تحقيق طموحاتنا بدون عراقيل، وان ننعم بالخيارات التي تبني الثقة بالنفس والسعادة. وبالتالي فإن القانون يمثل إنجازًا سعيدًا في حياتنا، وطموحاتنا وقيمنا كفرد. وتجعل منا مواطنون بكامل حقوقهم في داخل المجتمع، مما يمنح التمتع بجميع خيرات البلد التي نعيش فيها. السؤال الذي نطرحه على أنفسنا باستمرار منذ طفولتنا، هل يحق لنا أن نكون سعداء؟ يمكننا أن نخلق سعادتنا بانفسنا بشرط ان لا تاتي شياطين الظلام لتقطع بنا كل سبل الحياة. لنفهم أولاً، أن السعادة التي نسعى إليها تتمحور حول القدرة على النجاح في جميع مراحل حياتنا: الدراسة، الحصول على الوظيفة التي نحبها، قضاء حياتنا مع الشريك الذي نحبه، خوض المغامرات والتجارب، و معرفة معناه الاجتهاد و التضحية و التحمل. ونريد ايضا ورؤية أبنائنا تنموا وتزدهر من اجل الوصول إلى الأبعاد الروحية والعقلية، وذلك في سبيل تعلم العيش و البناء في بيئة اجتماعية تليق بالجميع. ولكن كيف يمكننا أن نفسر للفقراء أن لهم الحق في أن يكونوا سعداء بدون موارد، عندما يعتقدون أن السعادة ملك المحظوظين والذين لديهم المال والسلطة؟ كيف نشرح لهم أن العالم ملك للجميع، وأن في حافز الأداء، يجب أن نسمح للأدرينالين بالوصول إلى السعادة والمتعة والفرح بكل بهائه. ان هرمون الأدرينالين التي تسكن في أجسامنا، مادة مثل الدوبامين أو الأوكسيتوسين، يجب أن تفي بوظائف الناقل العصبي لتحفيز السلوك، وتفعيل ردود أفعال البقاء لدينا، والحدس، وعاداتنا وإدارة حالتنا العاطفية سواء كانت جيدة أو سيئة. باختصار، نحتاج إلى تجربة التغيير لكسر الجدار الذي يمكن أن يقودنا إلى الاكتئاب. كما ان السعي لحياة افضل و البحث عن المغامرة ، يساهم في إنتاج الخبرة والمعرفة والابتكار. لا يمكننا أن نكون سعداء إذا لم تكون الأشخاص من حولنا سعيدة. لكن يمكننا أن نصبح اشخاصًا قاسين، إذا نتجاهل بالعمد حقوق الآخرين. هكذا، نفقد الحساسية والإنسانية والتعاطف الاخوي من بني البشر. من خلال العمل في المجال الاجتماعي لسنوات في المناطق ذو الخطورة العالية، لم أفهم كيف يمكن لنا أن نري الامور اعتيادية للغاية، وبكل بساطة نختار  تجاهل المأساة وابعاد الفقر.

بينما يعيش البعض في البذخ، يعيش عدد كبير من السكان في فزع تام. كيف نري الشر و الشرير و نتحدث عن القانون؟ الفقر لا يتوافق مع القانون ، لقد تجاوزنا كل حدود ما لا يطاق لارتداء الامبالاة ولعب دور المرسل الرحيم الذي يأتي من السماء لإنقاذ أولئك الذين تعرضوا لسرقته. ما نوع الكرم الذي نظهره؟ هل من الصعب ان نتمكن جميعًا من العيش في النزاهة، والحب، والتضامن، والإيمان، والضمير؟ الحقيقة هي أننا صنعنا هذا الكابوس بقواعده وتخصصاته، ويمثل القانون هنا قدرتنا على ضمان استمرارية هذه الاوضاع المأساوية وابقاء كل شيئ علي ماهو بمعني ازدياد حالة الفقر بالتوازي مع حالة البذخ. بينما ان جميع المواطنين لديهم القدرة على التصرف بحرية. والقانون في اصالته، يعني العدل في الانظمة والديناميات و الامتيازات للجميع. هؤلاء السكان الفقراء يخضعون لصورة الجلاد المقنع، الذي يمنح نفسه الحق في أن يتصرف وأن يقرر بحقوق الآخرين. لا يسمح لنا بالسؤال او المناقشة حتي. 

وإذا قررنا التحدث عن تلك العقد، فنحن الذين سنعاني بسبب اننا نعرض انفسنا الي اتهامات تنص اننا خطرين على البشرية جمعاء. علي أي حق يجب أن نتحدث لؤلائك الاطفال، الذين يعملون بعد المدرسة لمساعدة والديهم  غير القادرون علي اعالة  الاسرة؟ كيف سنشرح لهم أن لا يحزنوا و أن يذهبوا للمرح في اللعب مع الأطفال الآخرين؟ علينا أن نكون شهودا على المعاناة، من أجل الاستجابة لمأساة الاخرين. لماذا لا نمنحهم الأمل والقوة لكي يطالبوا بحقهم في الحياة؟ هؤلاء السكان يعانون و لا يعرفون طيف العواطف، ولا يوجد تحول هيكلي بحيث لا يتغير وضعهم. وبالتالي، فإن الحياة اليومية لهؤلاء الناس هي بمثابة القهوة المريرة للاستبعاد الاجتماعي، والضيق، وقطرة الدم المفقودة في المياه التي تتدفق بكثافة في المحيط. ليس من السهل تغيير عواطف أولئك الذين يفتقرون إلى كل شيء للعيش بشكل جيد، والتعاطف يمكن ان يكون جارح، بينما يمكننا مساعدتهم في المطالبة بالحصول على حقهم في الحياة. وهذا يتطلب الجهد الجماعي، والصراخ بصوت عالٍ للتنديد بالظلم و حالة التمييز المتعمدة، ومعاقبة أولئك الذين أنتجوا هذا التكوين بكل معاناته. ذلك يتألف من تعبئة الوقت والأفعال، والالتقاء بكل من له الحق في العيش بكرامة. عندما يأخذ الادراك ابعاده الكاملة، سيحكم السلام في كل مكان. هذه هي السعادة الحقيقية للبشر!

التعليقات