هل يؤجل نتنياهو خطة الضم؟

هل يؤجل نتنياهو خطة الضم؟
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
خاص دنيا الوطن - صلاح سكيك
بدأ في إسرائيل، الحديث عن أن الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، ستؤجل مشروع ضم الأغوار وأجزاء من الضفة الغربية، رغم أن نتنياهو ذاته، أكد قبل أسبوع، أن الضم سيبدأ بتاريخ الأول من تموز/ يوليو المقبل.

وكان نتنياهو، قال في مقابلة مع صحيفة (ماكور ريشون) يوم الجمعة الماضي، إن "إسرائيل ستفرض سيادتها على 30% من مساحة الضفة أو ما يعادل 50% من المنطقة المصنفة (ج)".

وقبل يومين، أكد الوزير في (كابينت) المقرب من نتنياهو، زئيف ألكن، احتمالية تأجيل عملية الضم الرسمي- فالضم الفعلي الزاحف قائم ومستمر- لعدة أسابيع، إضافة إلى ما تم نشره في وسائل إعلام إسرائيلية نقلاً عن مصادر مطلعة في الجيش من أن الدوائر الأمنية المختصة، لم تطّلع بعد على خرائط الضم، ولم تصدر إليها. 

وهذا الأمر، دعا وزير الجيش الأسبق، أفيغدور ليبرمان، للتشكيك في نوايا نتنياهو بالقيام بعملية الضم في موعدها المقرر في بداية تموز/ يوليو.

ووفق الإذاعة الإسرائيلية الرسمية (كان) فقد تزامن الحديث عن إمكانية تأجيل تنفيذ خطة الضم، بالاتصال الهاتفي الذي جمع نتنياهو بجاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث أوقف نتنياهو، مساء الاثنين الماضي، جلسة حزب (ليكود)، للحديث والرد على الاتصال الهاتفي لكوشنر.

وشارك في الاتصال الهاتفي إلى جانب نتنياهو وكوشنر، مستشار كوشنر والمسؤول عن ملف السلام في الشرق الأوسط آفي بركوفيتش، والسفير الأميركي لدى تل أبيب ديفيد فريدمان، والسفير الإسرائيلي في واشنطن رون درمر.

ورجحت (كان) أن الاتصال الأميركي بالجانب الإسرائيلي، يأتي على خلفية الضغوطات الدولية والإقليمية والأوروبية، التي تعارض خطة الضم، وتهدد بفرض عقوبات على إسرائيل في حال أقدمت على خطوة أحادية الجانب.

أكد الكاتب والمحلل السياسي، جهاد حرب، أنه بالرغم من التصريحات الكثيرة والمثيرة، التي صدرت عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حول ضم الأغوار وأجزاء من الضفة؛ إلا أنه في الوقت ذاته، نتنياهو يعي جيدًا حجم المخاطر التي من الممكن أن تنتج جراء هذا الإجراء، لذا الترجيح الأكبر هو تأجيل المشروع.

وقال حرب لـ"دنيا الوطن": إن إسرائيل قد تلجأ لخيارات أخرى، حتى لا يقال إنها تراجعت عن الضم، أولها خيار الضم التدريجي، من خلال ضم بعض والكتل الاستيطانية، والخيار الآخر، هو فرض القانون المدني الإسرائيلي على المستوطنات، مستدركًا: "لكن أيضًا لهذه الخيارات مخاطر تتعلق برد الفعل الفلسطيني والعربي والدولي".

وأشار إلى أن الائتلاف الحكومي بين بنيامين نتنياهو وبيني غانتس، هو أحد العقبات التي تقف في وجه الضم، في ظل أن بعض الوزراء، يؤكدون أنه لا داعي لضم أراض بالضفة بدون اتفاق فلسطيني- إسرائيلي، وهناك تخوّف إسرائيلي من أن تتحرك المحكمة الجنائية الدولية ضد هذا الضم.

وبيّن أن نتنياهو يأخذ الأمر بشكل شخصي، حيث يُريد أن يُتوج مشواره السياسي بضم الأغوار وأجزاء من الضفة، كما أن وجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يعتبر أمراً مشجعا لنتنياهو، وأيضًا يريد نتنياهو الحفاظ على قوة اليمين المتطرف في إسرائيل، لكن في كل الأحوال، والأغلب في هذه المرحلة أن إسرائيل ستُرجئ مشروع الضم.

وأوضح حرب، أن التنسيق الأمني قد يعود نتيجة لذلك، لا سيما وأن وقف التنسيق الأمني يعتبر رد فعل على الضم، وإنهاء الضم بشكل كامل يعني عودة التنسيق بين الجانبين على كافة المستويات، بما فيها الأمن.

واتفق المُطلع على الشأن الإسرائيلي، عمر جعارة، مع جهاد حرب، في إمكانية تأجيل الضم لتاريخ غير الأول من تموز/ يوليو المقبل، مبينًا أن بعض المحللين العسكريين، بدأوا يقولون إن الضم ليس لصالح إسرائيل من الجانب الأمني، حتى لو كان الهدف هو ضم وتوسعة المستوطنات.

وذكر جعارة لـ"دنيا الوطن"، أن الضم سيتم في حال كان هناك ضوء أخضر من قبل الولايات المتحدة، فإذا طلبت الادارة الأمريكية من نتنياهو عدم الذهاب أو تأجيل مشروع الضم، فلن يكون هناك ضم على الأقل خلال الفترة المقبلة.

وأشار إلى أن الأيام الماضية، شهدت رفضاً أمريكياً ربما غير معلن بأنهم يرفضون الضم، وهذا دعا نتنياهو للصمت، رغم أن حاخام المستوطنين يضغطون عليه من أجل السير في مشروعه، مضيفاً: "هذا الأمر دعا زئيف ألكن، ولربما بطلب من رئيس الوزراء، بأن يقول إن الضم قد يؤجل".

إلى ذلك، قلل جعارة من قضية مشروع الضم، لأنه على حد تعبيره إسرائيل تسيطر على كل شيء في الضفة الغربية، أمنيًا، وسياسيًا، وجغرافيًا، وتمتلك كافة الموارد، معتبرًا أن فرض السيادة مجرد فرقعات إعلامية يُطلقها نتنياهو لإثارة اليمين، وحاخام اليهود، للحصول على أكبر تأييد ممكن.

أما المحلل السياسي، حمادة فراعنة، فقد قال: إن مشروع الضم سيكون على أساس خارطة (صفقة ترامب)، ويقوم على عاملين وهما: الاحتلال والتوسع العسكري للأرض، والتمييز العنصري بين السكان في التعامل والتفريق في تأدية الخدمات وفرص الحياة، بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبين العرب والعبرانيين، وتضييق الخناق عليهم، وجعل أرضهم طاردة لهم بالإفقار، وسوء الخدمات والتمييز.

وأضاف فراعنة، في مقاله، أن الجديد في عمليات الضم أنها تقتصر على الأرض ولا تشمل أهلها وسكانها، كما حصل في الجولة الأولى من الضم عام 1948، حينما فرضوا الجنسية الإسرائيلية على أهالي الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، ولكن إجراءات الضم اللاحقة لم تشمل فرض الجنسية الإسرائيلية على أهالي القدس والجولان وسكان مناطق غرب الجدار، ولن يشمل أهالي الغور لاحقاً، فقد بقي أغلبية أهالي الجولان محتفظين بجنسيتهم السورية وقوميتهم العربية، وبقي أهل القدس بلا جنسية، وبقي سكان مناطق غرب الجدار محتفظين بجنسيتهم وهويتهم الفلسطينية، وقد أكد نتنياهو في تصريحه عن أهل الغور بقوله إنهم سيبقون فلسطينيين يحملون بطاقات الإقامة تحت الحكم والقانون، وسيادة المستعمرة الإسرائيلية.

وأكد أن ذلك يدلل على قلق وخشية زيادة العامل الديمغرافي السكاني، وعدد الفلسطينيين لدى مجتمع المستعمرة الإسرائيلية وسكانها، فقانون يهودية الدولة العنصري، الذي أقره (كنيست) يوم 19/7/2018 يؤكد على أن خارطة المستعمرة دولة مقتصرة على اليهود، وهي خيارهم دون الآخرين.

التعليقات