عامان على استشهادها.. كيف اغتالت إسرائيل "ملاك الرحمة" رزان النجار؟

عامان على استشهادها.. كيف اغتالت إسرائيل "ملاك الرحمة" رزان النجار؟
رزان النجار
رام الله - دنيا الوطن
شكّل استشهاد الفتاة الفلسطينية رزان النجار، قبل عامين في قطاع غزة، برصاص الاحتلال الإسرائيلي، صدمة لأسرتها، التي تسعى إلى المحاسبة وتحقيق العدالة للممرضة الشابة.

عامان مضيا على استشهاد المسعفة المتطوعة رزان النجار، ابنة الواحد والعشرين ربيعاً، بعدما كانت أولى المتطوعات لمساندة الطواقم الطبية في مسيرات العودة، داخل بلدة خزاعة شرقي مدينة خانيونس، في جنوب قطاع غزة الفلسطيني المحاصر.

استشهدت رزان رمياً برصاصة متفجرة لقناص إسرائيلي اخترقت صدرها وخرجت من ظهرها، وذلك عقب تواجدها رفقة زملائها المسعفين على بعد حوالي 100 متر من الشريط الحدودي، بعد محاولتهم إسعاف اثنين من المصابين، المحاصرين من قبل الاحتلال، شمال غربي مخيم العودة باحتجاجات غزة الحدودية 2018 شرقي خزاعة بمحافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة.

تقدمت رزان لإسعاف المصابين وإخراجهم رفقة زملائها المسعفين، عند الخامسة والنصف من مساء يوم الجمعة، فتوجهوا معلنين سلميتهم، مرتدين ملابس عليها شعار هيئة الإغاثة المحمية ببروتوكولات دولية، فتقدموا إلى نقطة الصفر، في هذه اللحظة كان يوجد خمسة جيبات عسكرية، اثنان منها تركيزها عليهم، فجأة خرج جنديان من الجيب العسكري ووجها قناصتهما تجاههم هم الأربعة، أطلقا النار عليهم، وبعد دقائق تمكنوا من إخلاء المصابين المحاصرين، ليتراجعوا للخلف ما يقارب الـ 20 متراً عن السياج الفاصل، عندها أطلقت عليهم قنابل الغاز، وبعدها أتت رصاصات الغدر فأصيبت رزان برصاصة متفجرة في شريانها الأبهر، وتم نقلها على وجه السرعة وتسليمها للطواقم الطبية لإسعافها.

 بعد وصول رزان إلى مستشفى غزة الأوروبي في خانيونس، أعلن الأطباء عن وفاة رزان في حوالي الساعة 7:00 مساءً، وقد أصيب زميلها المسعف رامي أبو جزر بعيار ناري في الرجل اليسرى، وشظايا في الرجل اليمنى واليد اليسرى، والمسعف ومحمود فتحي عبد العاطي، بشظايا متناثرة في ساقيه، والمسعف محمود قديح، والمسعفة رشا قديح باختناق بالغاز.

تعتبر رزان أول مسعفة فلسطينية متطوعة ميدانياً بقطاع غزة، وكانت الابنة البكر لأسرة متواضعة وفقيرة مكونة من أب وأم وأختين و3 أشقاء، وقد عانوا من الديون المتراكمة على أبيهم أشرف النجار منذ هدم محله لبيع قطع الدراجات بصواريخ في حرب غزة 2014 ما زاد وضعهم سوءاً.

درست رزان بجامعة الأزهر تمريض عام لكنها لم تكمل دراستها، فباشرت بأخذ دورات تدريبية وميدانية حول الإسعاف الأولي، وحصلت على عدد من الشهادات في الإسعاف على مدار عامين، وحاولت كسب خبرات بتطوعها بمجمع ناصر الطبي بدون أي مقابل، وبسبب نشاطها وتفاعلها الكبير تطوعت وعدد من زملائها ضمن الإغاثة الطبية في مسيرات العودة مع جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية.

شاركت الطواقم الطبية عملهم منذ انطلاق مخيمات العودة ومسيرات العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزة في الذكرى السنوية الثانية والأربعين ليوم الأرض الفلسطيني الموافق للثلاثين من آذار/ مارس، وبسبب قلة المعدات الطبية بالميدان اضطرت لبيع ما تملكه من هاتف وخاتم حتى تبتاع مستلزمات الإسعاف الأولي وتحملها معها خلال عملها في اسعاف الجرحى، فكانت مثالاً في التضحية وحب الحياة والناس، فواصلت الحضور يومياً من السابعة صباحاً إلى العاشرة مساءا وهي تبحث عن مصابين، فما أن ينقل الشبان أحد المصابين حتى كانت تهرع إليه، رفقة زملائها لتقديم الإسعافات الأولية له قبل تحويله عبر سيارات الإسعاف إلى أقرب مستشفى.

 أسعفت رزان رفقة زملائها أكثر من 70 مصاباً فلسطينياً منهم 15 حالة إصابة بالرأس، وكانت قد أصيبت أكثر من 10 مرات خلال مسيرات العودة، ولم يمنعها هذا الأمر من مواصلة مشوارها لأداء رسالتها الطبية السامية طوال 10 اسابيع متواصلة، دون أن تغادر ميدان عملها الاسعافي التطوعي خلال مسيرات العودة.

 وفي حديث سابق لها، قالت النجار إنها اختارت هذه المهمة كونها تعشق خدمة أبناء شعبها الذين يشتبكون مع جنود الاحتلال في الميادين كافة. أشارت إلى أنها تطوعت للمساعدة في علاج وإسعاف مصابي أحداث مسيرة العودة التي دعت لها الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار.

وخَلَّف استشهاد المسعفة رزان موجة سخط عارمة في غزة والضفة الغربية، وفي وسائل الإعلام العربية والأجنبية والمنظمات الحقوقية ومواقع التواصل الاجتماعي خاصة حسابها الخاص.

وبعد 7 أشهر على استشهاد رزان، كشف تحقيق موسع أجرته صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي، تعمدت إطلاق النار على المسعفة الفلسطينية على حدود غزة.

وخلص تحقيق الصحيفة الأمريكية إلى التأكيد بأن رزان كانت روحًا بريئة، تم إزهاقها دون داع، وأن جنود الاحتلال قتلوها بدم بارد، وهو ما اعتبرته الصحيفة جريمة حرب لم يعاقب عليها أحد حتى الآن.

التعليقات