التنسيق الأمني الفلسطيني

التنسيق الأمني الفلسطيني
بقلم: عبدالله عيسى  رئيس التحرير

في سبعينيات القرن الماضي، نجحت المخابرات الفرنسية في إقامة أول تنسيق أمنى مع جهاز الأمن الفلسطيني، بقيادة الشهيد أبو إياد، وقد قبلت فرنسا بشروط أبو إياد، ونجح التنسيق الفلسطيني والفرنسي، وحصل تقارب سياسي لسنوات طويلة، حتى اهتمت دول كثيرة بالعالم، بإقامة مثل هذا التنسيق الأمني مع الشهيد أبو إياد تحديداً وكان على رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية، ووجهت رسالة للمخابرات الأميركية المركزية، عبر وسطاء للشهيد أبو إياد، تتطلب فيه بإقامة علاقات تنسيق أمني، وكان رد الشهيد أبو إياد قاسياً، حيث قال لهم حرفياً: "لسنا عملاء لأجهزة المخابرات، وإننا نقيم التنسيق الأمني أسوة بالعلاقات مع فرنسا مع الدول التي تعترف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وأول هذه الحقوق الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وبدون هذا الاعتراف، لا يمكن القيام بأي تنسيق أمني". 

واستمر الرفض الفلسطيني، حتى انعقاد مؤتمر مدريد للسلام، حيث بدأ التنسيق الأمني مع الشهيد عاطف بسيسو، الذي أقام علاقات تنسيق أمنى مع أمريكا، فجن جنون إسرائيل، فأرادت إحباط التنسيق الفلسطيني- الأمريكي بالمهد، وتربصت لعاطف بسيسو في باريس، ثم اغتالته هناك، واتهمته بالإرهاب.

وقد ارتكب الشهيد عاطف بسيسو، خطأً جسيماً بأن اطمأن للإجراءات الأمنية بباريس، وعندما توجه من ألمانيا إلى باريس اعتقد أنه في مأمن من الموساد الإسرائيلي إلا أنهم انتظروه في باريس وقتلوه.

وأثارت العملية غضباً شديداً لفرنسا، بأن يقتل على أراضيها الشهيد عاطف بسيسو، فقامت فرنسا كرد فعل بالكشف للمخابرات التونسية عن العميل الإسرائيلي عدنان ياسين، حيث أبلغت الأمن  التونسي، بأن عدنان ياسين، يشتبه بتعاونه مع جماعات إسرائيلية حيث كان يشحن سيارة من فرنسا إلى تونس، وقام الأمن التونسي بتفتيش السيارة تفشياً دقيقاً، فاكتشفوا وجود أجهزة تنصت إسرائيلية في سيارة عدنان ياسين، فتم القبض عليه، واعترف بعلاقته بالموساد، وكيف تم تجنيده في باريس، وقامت زوبعة كبيرة لأن عدنان ياسين، حمل قطع أثاث لكبار المسؤولين في منظمة التحرير الفلسطينية، وكانت بقطع الأثاث هذه أجهزة تنصت إسرائيلية، ثم تم الإفراج عنه لاحقاً، وقامت منظمة التحرير الفلسطينية بإبعاده إلى دولة أوروبية.

ولاحقاً تأست على أرض الوطن، أجهزة الأمن الفلسطينية، ولا سيما المخابرات العامة، التي قام بتأسيسها كل من: أمين الهندي، وأبو رجب، ورغم التنسيق الأمني المزعوم بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، فقد شاركت المخابرات العامة في انتفاضة الأقصى، وسقط في الأشهر الأولى، سبعون شهيداً من رجال المخابرات الفلسطينية، أثناء مقاومتهم لاحتلال الإسرائيلي، كما أعلن في حينه، اللواء توفيق الطيراوي، حينما كان رئيس المخابرات الفلسطينية، فيما أثار سخط الجانب الإسرائيلي على المخابرات الفلسطينية، التي مازالت تدفع الثمن لغاية الآن.

وقد حاول ماجد فرج ترميم العلاقات مع المحافظة على الثوابت الفلسطينية، ولكن دون جدوى.

وقد جاءت مرحلة اللواء ماجد فرج في أدق مراحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، حيث أعلن ترامب عن ضم القدس لإسرائيل، ووجد ماجد فرج نفسه في حيرة، حتى اتخذت القيادة الفلسطينية قراراً بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل وأمريكا، فالتزم بقرار القيادة الفلسطينية.

التعليقات