نتنياهو الملك

نتنياهو الملك
الكاتب : د. علي الأعور*
دائما وابدا كانت إسرائيل تدعي انها تمثل واحة الديموقراطية في صحراء الديكتاتوريات العربية ، ولكن على ما يبدو أراد نتنياهو تغيير النظام السياسي برمته في إسرائيل وتحويله من نظام ديموقراطي تستقل فيه السلطات التشريعية عن السلطات القضائية وعن السلطة التنفيدية الى نظام ملكي وامسك السلطات الثلاث بكلتا يديه وخرج منتصرا من الازمة السياسية في إسرائيل والتي امتدت اكثر من خمسمائة يوم وقرر بنفسه رئاسة الكنيست في يد الليكود واختار اكثر المقربين له الوزير ياريف ليفين وهو الذي قاد المفاوضات مع قائمة ازرق ابيض والتي أدت الى اتفاق نتنياهو غانتس لتشكيل الحكومة الخامسة برئاسة نتنياهو.
حكومة خامسة برئاسة نتنياهو تتكون من 34 وزيرا ومن 34 نائب وزير وتسمية وزارات جديدة فصلها نتنياهو على مقاسه ووضع فيها وزراء ممن ايقنوا النفاق والتملق له ولم يترك مجال الا ومنحه وزارة وحتى في داخل وزارة الامن منح منصب وزير دولة للأمن ولكن المهم كيف تمكن نتنياهو ان يصبح الملك وصاحب القرار الحكومي والقضائي والتشريعي في نفس الوقت؟
بدأ نتنياهو معركته بالانتصار على خصومه خارج حزب الليكود بتفكيك قائمة ازرق ابيض وانفصل حزب " يوجد مستقبل " بزعامة يائير لبيد العدو الأول لنتنياهو والحريديم وانفصل حزب " تيلم " بزعامة موشيه يعالون الخصم البارز لنتنياهو وسياسته وبقي بيني غانتس رئيسا لقائمة ازرق ابيض ولديه خمسة عشر مقعدا في الكنيست وهكذا تمكن نتنياهو من تفكيك اكبر كتلة برلمانية كانت من الممكن ان تسن وتشرع قانون يمنع على أي عضو كنيست متهم بقضايا فساد وملفات جنائية من تشكيل حكومة جديدة والمعروف" بقانون نتنياهو "
واصبح الان في الكنيست لنتنياهو 72 عضو كنيست يصوتون له على كل التشريعات التي يريدها ويرفضون كل التشريعات ضد نتنياهو.
اما المعركة الثانية فقد كانت للتخلص من ضغط وابتزاز حزب اليمين الجديد برئاسة نفتالي بينت وايليت شاكيد وتمكن من تفكيك كتلة يمينا ونجح في ضم رافي بيرتس رئيس حزب " البيت اليهودي" وفصل له وزارة اسمها وزارة القدس" وهكذا تخلص نتنياهو من نفتالي بينت وتخلص من طرح مشاريع داخل الكنيست لا تتفق واستراتيجية نتنياهو السياسية والأيديولوجية التي يتبناها وفقا لتطورات الوضع في الشرق الأوسط .
اما المعركة الحاسمة والأخيرة فقد كانت في داخل حزب الليكود للتخلص من معسكر منافسه وخصمه اللدود " جدعون ساعر " وقام بتهميش اول عشرة أعضاء نجحوا في انتخابات حزب الليكود وعلى راسهم جدعون ساعر وافي ديختر وتساحي هنغبي وجلعاد اردان وقام بمنح وزارات مهمة وعلى رأسها وزارة الامن الداخلي الى " امير اوحانا" وهو اكثر المقربين له ومن دافعوا عن ملفات الفساد المتهم بها نتنياهو رسميا " ملف الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة " كما منح وزارات الى أعضاء في حزب الليكود ليست لديهم الخبرة الكافية في وزاراتهم حسب ما ذكرته وسائل الاعلام الإسرائيلية ، حيث منح وزارة المواصلات الى ميري رجيف ومنح وزارة الصحة الى يولي ادلشتاين مع عدم وجود خبرات كافيه لديهم في تلك الوزارات وكان نتنياهو يرغب النجاح المحدود للوزراء وترك المهام الصعبة في اتخاد القرارات له وحده وبذلك يكون نتنياهو قد جسد شخصية الملك وكل شيء في يده وخرج المنتصر الوحيد من الازمة السياسية في إسرائيل والتي استمرت لثلاث جولات انتخابية .
تمكن نتنياهو بشخصيته القوية ان يتحدى محكمة العدل العليا وهو متهم بثلاث ملفات فساد في التصويت بالإجماع لصالحة وان المحكمة لا تملك صلاحيات منع نتنياهو من تشكيل حكومة جديدة وردت جميع طلبات الالتماس التي طالبت بمنع نتنياهو من تشكيل حكومة جديدة بينما لم يصمد غريمه السابق " ايهود أولمرت " سوى بضع ساعات لتقديم استقالته عندما طلب منه نتنياهو رسميا والاعلام الإسرائيلي وأعضاء كنيست " بانه لا يحق لرئيس حكومة في إسرائيل مشتبه بقضايا فساد ان يستمر في إدارة وحكم إسرائيل " وبعدها استسلم ايهود أولمرت لتلك الدعوات وقدم استقالته قبل اتهامه رسميا وقبل ادانته ، بينما نجد ان نتنياهو متهم رسميا بملفات الفساد من قبل المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية " افيحاي مندلبليت" ولم يهتم نتنياهو بالأمر وخاض ثلاث جولات انتخابية وكان الجمهور الإسرائيلي يصوت الى نتنياهو لأنه يملك الشخصية الأقوى في إسرائيل ولم يهتم بالإعلام ولم يهتم بالدعوات التي طالبته باعتزال الحياة السياسية.
نجح نتنياهو في تشكيل حكومته الخامسة ولكن هذه الحكومة تشبه الحكومات العربية في اليات ونمط ومنهجية تشكيلها وتنصيب أعضائها ووزرائها حيث اعلنوا الولاء الكامل الى نتنياهو مسبقا وما عليهم الى تنفيد سياسة واجندة نتنياهو وعدم الخروج على الملك لأنه يملك قرار عزلهم وتعيينهم من جديد في النصف الثاني من حكومة غانتس التي لن ترى النور ابدا وسوف يتوجه نتنياهو الى انتخابات جديدة ولن يسمح لغانتس بتولي حكومة جديدة لان نتنياهو اصبح الملك ولن يقبل باقل من ذلك وربما بداية رسم خارطة جديدة للشرق الأوسط الجديد من حيث أنظمة الحكم والقضاء على الديموقراطية.
*باحث وخبير في الشؤون الإسرائيلية
الكاتب : د. علي الأعور*
دائما وابدا كانت إسرائيل تدعي انها تمثل واحة الديموقراطية في صحراء الديكتاتوريات العربية ، ولكن على ما يبدو أراد نتنياهو تغيير النظام السياسي برمته في إسرائيل وتحويله من نظام ديموقراطي تستقل فيه السلطات التشريعية عن السلطات القضائية وعن السلطة التنفيدية الى نظام ملكي وامسك السلطات الثلاث بكلتا يديه وخرج منتصرا من الازمة السياسية في إسرائيل والتي امتدت اكثر من خمسمائة يوم وقرر بنفسه رئاسة الكنيست في يد الليكود واختار اكثر المقربين له الوزير ياريف ليفين وهو الذي قاد المفاوضات مع قائمة ازرق ابيض والتي أدت الى اتفاق نتنياهو غانتس لتشكيل الحكومة الخامسة برئاسة نتنياهو.
حكومة خامسة برئاسة نتنياهو تتكون من 34 وزيرا ومن 34 نائب وزير وتسمية وزارات جديدة فصلها نتنياهو على مقاسه ووضع فيها وزراء ممن ايقنوا النفاق والتملق له ولم يترك مجال الا ومنحه وزارة وحتى في داخل وزارة الامن منح منصب وزير دولة للأمن ولكن المهم كيف تمكن نتنياهو ان يصبح الملك وصاحب القرار الحكومي والقضائي والتشريعي في نفس الوقت؟
بدأ نتنياهو معركته بالانتصار على خصومه خارج حزب الليكود بتفكيك قائمة ازرق ابيض وانفصل حزب " يوجد مستقبل " بزعامة يائير لبيد العدو الأول لنتنياهو والحريديم وانفصل حزب " تيلم " بزعامة موشيه يعالون الخصم البارز لنتنياهو وسياسته وبقي بيني غانتس رئيسا لقائمة ازرق ابيض ولديه خمسة عشر مقعدا في الكنيست وهكذا تمكن نتنياهو من تفكيك اكبر كتلة برلمانية كانت من الممكن ان تسن وتشرع قانون يمنع على أي عضو كنيست متهم بقضايا فساد وملفات جنائية من تشكيل حكومة جديدة والمعروف" بقانون نتنياهو "
واصبح الان في الكنيست لنتنياهو 72 عضو كنيست يصوتون له على كل التشريعات التي يريدها ويرفضون كل التشريعات ضد نتنياهو.
اما المعركة الثانية فقد كانت للتخلص من ضغط وابتزاز حزب اليمين الجديد برئاسة نفتالي بينت وايليت شاكيد وتمكن من تفكيك كتلة يمينا ونجح في ضم رافي بيرتس رئيس حزب " البيت اليهودي" وفصل له وزارة اسمها وزارة القدس" وهكذا تخلص نتنياهو من نفتالي بينت وتخلص من طرح مشاريع داخل الكنيست لا تتفق واستراتيجية نتنياهو السياسية والأيديولوجية التي يتبناها وفقا لتطورات الوضع في الشرق الأوسط .
اما المعركة الحاسمة والأخيرة فقد كانت في داخل حزب الليكود للتخلص من معسكر منافسه وخصمه اللدود " جدعون ساعر " وقام بتهميش اول عشرة أعضاء نجحوا في انتخابات حزب الليكود وعلى راسهم جدعون ساعر وافي ديختر وتساحي هنغبي وجلعاد اردان وقام بمنح وزارات مهمة وعلى رأسها وزارة الامن الداخلي الى " امير اوحانا" وهو اكثر المقربين له ومن دافعوا عن ملفات الفساد المتهم بها نتنياهو رسميا " ملف الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة " كما منح وزارات الى أعضاء في حزب الليكود ليست لديهم الخبرة الكافية في وزاراتهم حسب ما ذكرته وسائل الاعلام الإسرائيلية ، حيث منح وزارة المواصلات الى ميري رجيف ومنح وزارة الصحة الى يولي ادلشتاين مع عدم وجود خبرات كافيه لديهم في تلك الوزارات وكان نتنياهو يرغب النجاح المحدود للوزراء وترك المهام الصعبة في اتخاد القرارات له وحده وبذلك يكون نتنياهو قد جسد شخصية الملك وكل شيء في يده وخرج المنتصر الوحيد من الازمة السياسية في إسرائيل والتي استمرت لثلاث جولات انتخابية .
تمكن نتنياهو بشخصيته القوية ان يتحدى محكمة العدل العليا وهو متهم بثلاث ملفات فساد في التصويت بالإجماع لصالحة وان المحكمة لا تملك صلاحيات منع نتنياهو من تشكيل حكومة جديدة وردت جميع طلبات الالتماس التي طالبت بمنع نتنياهو من تشكيل حكومة جديدة بينما لم يصمد غريمه السابق " ايهود أولمرت " سوى بضع ساعات لتقديم استقالته عندما طلب منه نتنياهو رسميا والاعلام الإسرائيلي وأعضاء كنيست " بانه لا يحق لرئيس حكومة في إسرائيل مشتبه بقضايا فساد ان يستمر في إدارة وحكم إسرائيل " وبعدها استسلم ايهود أولمرت لتلك الدعوات وقدم استقالته قبل اتهامه رسميا وقبل ادانته ، بينما نجد ان نتنياهو متهم رسميا بملفات الفساد من قبل المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية " افيحاي مندلبليت" ولم يهتم نتنياهو بالأمر وخاض ثلاث جولات انتخابية وكان الجمهور الإسرائيلي يصوت الى نتنياهو لأنه يملك الشخصية الأقوى في إسرائيل ولم يهتم بالإعلام ولم يهتم بالدعوات التي طالبته باعتزال الحياة السياسية.
نجح نتنياهو في تشكيل حكومته الخامسة ولكن هذه الحكومة تشبه الحكومات العربية في اليات ونمط ومنهجية تشكيلها وتنصيب أعضائها ووزرائها حيث اعلنوا الولاء الكامل الى نتنياهو مسبقا وما عليهم الى تنفيد سياسة واجندة نتنياهو وعدم الخروج على الملك لأنه يملك قرار عزلهم وتعيينهم من جديد في النصف الثاني من حكومة غانتس التي لن ترى النور ابدا وسوف يتوجه نتنياهو الى انتخابات جديدة ولن يسمح لغانتس بتولي حكومة جديدة لان نتنياهو اصبح الملك ولن يقبل باقل من ذلك وربما بداية رسم خارطة جديدة للشرق الأوسط الجديد من حيث أنظمة الحكم والقضاء على الديموقراطية.
*باحث وخبير في الشؤون الإسرائيلية
التعليقات