الكشف عن أبرز اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على "الإبراهيمي" ومحيطه

الكشف عن أبرز اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على "الإبراهيمي" ومحيطه
رام الله - دنيا الوطن
أحمد الرجوب

تعود خطط الاحتلال للسيطرة على البلدة القديمة  والحرم الابراهيمي في الخليل الى عقود طويلة. فبعد الاحتلال الإسرائيلي للمدينة عام 1967م استغل كل حدث ومناسبة لتنفيذ خططه وانشاء مستوطنات غير شرعية في قلب مدينة الخليل، وبعد مذبحة الحرم التي ارتكبها المستوطن باروخجولدشتاين في الحرم الابراهيمي الشريف وعلى اثر ذلك سيطر الاحتلال على ثلثي الحرم وحوله لكنيس يهودي. واستمر تنفيذ هذا المسلسل حتى وصلت البلدة القديمة الى ما وصلت اليه من وضع في هذه الأيام لا يتسع هذا التقرير لسردها.

وبخصوص القرار المتعلق بمصادرة أراضي حول الحرم وانشاء مصعد ومسارات ملاصقة له بدعوى خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة من مستوطنين و زوار، حيث  تعود خطط الاحتلال الى العام الماضي وقد صادقت عليها حكومة الاحتلال في نهاية نيسان الماضي وتم نشره من قبل ما يسمى بمنسق وحدة ما يسمى بمنسق وحدة   أعمال حكومة الاحتلال في المناطق بتاريخ 12/4/2020م ، ويقضي هذا القرار بمصادرة أراض وقفية في محيط الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليلللبدء في إجراءات المصادرة غير الشرعية  والتي تأتي كجزء من المشاريع الاستيطانية التي تسعى الى تهويد الحرم الابراهيمي الشريف ومحيطه وفرض السيطرة الكاملة عليه. 

وفي هذا الصدد تجدر الاشارة الى أن دولة فلسطين سجلت البلدة القديمة في الخليل والحرم الابراهيمي الشريف على قائمة التراث العالمي وعلى قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر في عام 2017،  بسبب السياسات الاستيطانيةوالمخاطر التي تتعرض لها البلدة القديمة في الخليل والحرم الابراهيمي من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي. وهذا يعني أن الحرم الابراهيم الشريف هو جزء أساسي من موقع التراث العالمي ومسؤولية الحفاظ عليه وحمايته أصبحت مسؤولية دولية.

أثر قرار الاحتلال على الحرم من ناحية فنية
سوف يكون لهذا القرار أثر سلبي كبير على موقع التراث العالمي وعلى القيم العالمية الاستثنائية للحرم الابراهيم الشريف وهو يمس بسلامته وأصالته ويتسبب في أذى لا رجعة فيها.


دور وزارة السياحة والآثار ومندوبية فلسطين الدائمة في اليونسكو

تتابع وزارة السياحة والآثار مع جميع الأطراف والشركاء على الصعيد الوطني الاعتداءات الإسرائيلية وتوثقها حسب الأصول وتسلمها لمندوبية فلسطين لدى اليونسكو والتي تقوم بدور مهم ومحوري من حيث التنسيق مع لجنة التراث العالمي والمجموعة العربية ومخاطبة مدير عام  اليونسكو والطلب منه عمل كل ما يلزم لحماية التراث الفلسطيني والزام دولة الاحتلال بالحفاظ على التراث الفلسطيني وحمايته وفق الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.

الالتزامات الدولية
تعتبر المادة 6  من الاتفاقية المتعلقة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972 أن "كل دولة طرف في هذه الاتفاقية تتعهد بعدم اتخاذ أي تدابير مدروسة قد تضر بشكل مباشر أو غير مباشر بالتراث الثقافي والطبيعي  الواقع  على أراضي دول أطراف أخرى في هذه الاتفاقية ".و تنص المادة 7 على أن "الحماية الدولية للتراث الثقافي والطبيعي العالمي يجب أن تُفهم على أنها تعني إنشاء نظام للتعاون والمساعدة الدوليين مصمم لدعم الدول الأطراف في الاتفاقية فيما تبذله من جهود للحفاظ على هذا التراث وتحديد هويته". وبما ان دولة الاحتلال موقعة على هذه الاتفاقية فهي ملزمة بالحفاظ على الحرم الابراهيمي كجزء من التراث الإنساني. ويعتبر أي تدخل  ضد التراث الفلسطيني من قبل الاحتلال مخالف بشكل واضح وصريح للقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية خاصة اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 واتفاقية لاهاي لسنة 1954 الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح، وكقوة احتلال ملزمة بحماية التراث الفلسطيني للشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي.


التبعيات القانونية على المستوى الوطني

من ناحية قانونية يعتبر ما اتخذه الاحتلال من قرارات بشأن الحرم الابراهيمي ومحيطه مخالف للقوانين الدولية والوطنية خاصة وأن الحرم ومحيطه أراضي وقفية ولا تجيز هذه القوانين مصادرتها أو التعدي عليها. وبالتدقيق في قرار الاحتلال الأخير يبدو أن سلطات الاحتلال تحاول الالتفاف على هذه القوانين وتمنح مدة 60 يوما للاعتراض.

من هنا تصبح هناك معركة قانونية في ما يسمى بمحكمة العدل الإسرائيلية وكالعادة تقودها الوحدات القانونية في بلدية الخليل ولجنة الاعمار و وزارة الأوقاف، وهي بحاجة لدعم من مؤسسات دولة فلسطين خاصة  من الناحية السياسية، خاصة وأن التعدي على الحرم الابراهيمي الشريف قد يعتبر جريمة ضد الإنسانية وممكن ملاحقة الاحتلال في المحاكم الدولية ذات العلاقة. فالأمر بحاجة لدراسة قانونية وقرار سياسي فيما يخص تحويلها الى محكمة الجنايات الدولية.

الصعيد السياسي
يعتبر المحور السياسي مهم جدا لتجنيد الضغط الدولي على دولة الاحتلال للعدول عن مخططاتها. وهذا الضغط كان له أثر مهم في موقع بتير ،على سبيل المثال، وذلك عندما نجحت فلسطين بتجنيد ضغط دولي هائل وسجل الموقع على قائمة التراث العالمي  وأثر على قرار ما يسمى بمحكمة العدل الإسرائيلية العليا واتخذت قرار بتجميد الجدار في هذه المنطقة.

ويأتي القرار الإسرائيلي الأخير في اطار سياسات الضم التي تسعى اليها دولة الاحتلال منذ فترة طويلة، ونستذكر في هذا الصدد محاولة بنيامين نتنياهو ضم الحرم البراهيمي الشريف ومسجد بلال بن رباح لما يسمى بالتراث اليهودي  عام 2010 ومن هنا يأتي دور المؤسسة الفلسطينية  السياسي للتصدي لهذا القرار والقرارات السياسية الأخرى من خلال تجنيد الضغط الدولي المناسب واجبار دولة الاحتلال على العدول عن قراراتها.