مسجد الحسين في عيناتا.. ذاكرة للمقاومة ومساحة للتفاعل الحضاري الإنساني

مسجد الحسين في عيناتا.. ذاكرة للمقاومة ومساحة للتفاعل الحضاري الإنساني
رام الله - دنيا الوطن
محمود درويش

مسجد الامام الحسين الكبير في بلدة عيناتا في جنوب لبنان تحول  في زمن الكورونا الى مركز عبادي خدماتي  لتقديم الخدمات الاجتماعية للفقراء والمحتاجين من ابناء البلدة والمقيمين، حيث يتم تقديم المساعدات المالية العينية والصحية،  كما تم ايصال الوجبات الرمضانية على البيوت تخفيفا" لمعاناة الناس جراء الاحوال الاقتصادية الضاغطة .

ويعتبر المسجد الذي كان يؤم المصلين فيه  العلامة الراحل  السيد عبد اللطيف فضل الله  من المساجد التي اطلقت شرارة المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني في العام 1982 حيث كان يمثل قاعدة الانطلاق للشباب المؤمن وللنشاطات الثقافية والاجتماعية والرياضية والكشفية في زمن الاحتلال،   كما انه من المساجد التي تحولت الى مساحة للحلقات الفقهية واللغوية والاجتاماعية ،  وكان السيد عبد اللطيف فضل الله يعقد جلسات التدريس في  كنفه

ومما قاله من الشعر في ذلك الوقت:

والحق ضاع فان دعاك فقم به

أو نم جريح أسنة ونصال

ان الأبي اذا اصيب ابائه

باع الحياة لموقف الاذلال ..

 وقد اطلق السيد علي عبد اللطيف فضل الله امام البلدة ورئيس لقاء الفكر العاملي   في المسجد مجموعة من النشاطات والفاعليات من خلال تأسيس فوج كشفي تحت عنوان كشافة الرسالة الاسلامية  والذي ضم مئات العناصر التي تم تربيتها واعدادها روحيا" واخلاقيا" بما ينسجم مع ضرورات مواجهة الاحتلال،  وقد تميزت المرحلة بالتعاون بين السيد علي عبد اللطيف فضل الله والشهيد الحاج سمير مطوط  والشهيد محمد سعد والشهيد خليل جرادي .

وقد تم عبر المسجد اطلاق الدعوات الى مقاومة الاحتلال عبراقامة  مجالس عاشوراء التي تحولت الى اداة لرفض التطبيع ومقاومة الاحتلال  ومقاطعة العملاء .

لقد تحول المسجد الى ساحة مواجهة بين الاحتلال والشباب المؤمن الذي عمل تحت رعاية السيد فضل الله  الذي تصدى للاحتلال والعملاء اكثر من مرة ووقف في وجههم   مواجها" التعرض للسباب المؤمن ومانعا" من اعتقالهمم، وقد توج ذلك عندما قام السيد والشباب باقفال سجن للاحتلال في البلدة ،  وهذه واقعة من عشرات الحوادث التي حصلت في تلك الفترة،  وقد استمرت حالة التضييق  المحاصرة للسيد فضل الله نتيجة دوره في مقاومة الاحتلال مما ارغمه على ترك البلدة ،  وقد برز في هذه الحالة المسجديةالشهيد الجهادي عباس نعمة والشهيد الجهادي يوسف نصر الله  وغيرهم من المجموعات التي انطلقت لتأكيد نهج المقاومة في زمن الوهن والضعف والتطبيع .

والمعروف ان المسجد ما زال يحمل روحية المقاومة والتمرد على الاحتلال والظلم والفساد حيث يؤمه سماحة  السيد علي السيد  عبد اللطيف فضل الله  منذ تحرير الجنوب من الاحتلال ،  وهو من أهم المواقع التي تميزت   بالخطاب الديني المنفتح  والتمسك بنهج المقاومة.

ومن المواقف الواضحة التي اطلقها في مواجهة الفساد  الكثير ،  وهو المنحاز لقضايا الناس وشؤونهم بعيدا" عن كل الحسابات السياسية والطائفية والمذهبية وهو يمثل الملتقى لكل المتنورين الذين تجمعهم ثقافة الحوارو الاعتراف بالآخر ونبذ العصبيات .

ومن النشاطات التي تمت في المسجد تحت شعار التلاقي والسلام بين الاديان والتي تؤكد أيضا" على حالة الانفتاح هو تكريم الاب الراحل وليم نقولا  نخلة في مسجد عيناتا حيث تحول المسجد الى مساحة تضم جمهور المتنورين من مسيحيين ومسلمين في مشهد وحدوي حضاري مميز ..

 ان المسجد يعمل بروحية ونهج السيد نجيب فضل الله صاحب كتاب" جرثومة الفساد  وفرعون البلاد " كما يحمل روحية العلامة المرجع الفقيد الانساني السيد محمد حسين فضل الله.

واني من خلال متابعة أخبار المسجد خلال السنوات الماضية كنت شاهدا" على الكثير من المواقف التي اطلقها السيد فضل الله امام البلد.

وقد خالفت تلك المواقف  السائد ، وانطلقت بخيارات الناس التي تبحث عن قول حقيقي لتعبر عن ألمها ومعاناتها نتيجة الاهمال والفساد،  وان خطب الجمعة التي القاها السيد فضل الله في المسجد تطرح القضايا الوطنية وهي تمثل الخطاب الديني الجريء الذي يضع الاصبع على الجرح ويرتقي الى مستوى هموم الناس وشؤونهم.

باختصار شديد ان مسجد الامام الحسيين في عيناتا  ذاكرة المقاومة ومساحة للتفاعل الحضاري الانساني.


التعليقات