النموذج الياباني في الحد من انشار كورونا

النموذج الياباني في الحد من انشار كورونا
النموذج الياباني في الحد من انشار كورونا
المهندس: رائد عبد الفتاح مهنا

مع انتشار وباء كورونا (كوفيد -19) في جميع أنحاء العالم، حققت بعض الدول نجاحاً ملفتاً لاحتواء هذا الوباء. ومن تلك الدول تأتي في مقدمتها اليابان. 

على الرغم أن مقومات انشار الوباء في اليابان موجودة مثل النسبة الكبيرة لكبار السن وعدد السكان والمساحة الصغيرة مقارنةً بعدد السكان. كما أن العاصمة طوكيو تعد مركزاً نشطاً تجارياً ما بين اليابان والدول الأسيوية الجارة مثل الصين وكوريا الجنوبية اللتان انتشارا فيهما الوباء بصورة كبيرة. 
وفي أحدث الاحصائيات حتى تاريخ 15-4 سجلت اليابان: 8100 حالة مؤكدة (119 عدد الوفيات)، وهذا الرقم مقارنة ما بين اليابان ونظيراتها من الدول المتقدمة يعد رقماً ضئيلاً جداً.
وبالعودة إلى تاريخ انتشار الوباء في اليابان حيثُ سجلت الحالات الأولى من الإصابة بفيروس COVID-19 في منتصف يناير. وكانت هذه الحالات لمواطنين يابانيين عائدين من الصين وتحديداً من مدينة يوهان التي تعد بؤرة المرض. 

بعد تأكد السلطات المحلية في اليابان من الإصابات بالفيروس تصرف سريعاً حيث أغلقت المدارس فوراً بالإضافة إلى المراكز التجارية والأسواق الشعبية والشركات العامة. ويجدر الإشارة هنا إلى ان السلطة الفلسطينية اتخذت نفس التدابير التي اتخذتها اليابان وبنفس سرعة ردة الفعل، فمنذ ان اكتشفت وزارة الصحة الفلسطينية الحالات الأولى للإصابة بالفيروس أصدر فخامة الرئيس محمود عباس قراراً فورياً بإعلان حالة الطوارئ في دولة فلسطين والتي بموجبه أغلقت المدارس والمساجد والأماكن العامة فوراً مما حد بشكل كبير من انتشار الوباء في فلسطين.
وتمتاز اليابان بتوفير خدمات صحية عالية الجودة وخاصةً في مجال علاج الالتهابات الرئوية بل أن نظامها الصحي يعد واحد من أفضل الرعاية الصحية في العالم. واعتمدت اليابان نظاماً صحياً يتم بموجبه رعاية كبار السن في جميع الظروف وهذا كان معتمداً قبل الوباء.

يعتبر سكان اليابان من الشعوب الأكثر حضارة وانضباطاً وحرصاً على نظافتهم الشخصية في جميع الأوقات، حيثُ يعد مجال النظافة في اليابان من المجالات ذات المستويات العليا ويظهر ذلك جلياً في ثقافته اليابانيين من حيثُ نظافة المنزل وتعقيمه ونظافة اليدين في جميع الأوقات. وأولت الحكومة اهتماماً كبير في نظافة المرافق العامة والشوارع والمراحيض العامة والمدارس ... الخ.
كما لليابانيين ثقافة ارتداء الأقنعة في أوقات المرض، حيثُ يعد هذا السلوك معيار اجتماعي لليابانيين. حيثُ يعتبر اليابانيين أنه من الواجب لبسهم للأقنعة في حالة المرض. يزداد عدد الأشخاص المقنعين في شوارع المدن اليابانية خلال الحساسية الموسمية. كما وتستخدم الأقنعة أيضًا في اليابان للحماية من أشعة الشمس في الصيف. مثل هذه العادات أدت إلى حد كبير من انتشار الوباء ومن عملية انتقال العدوى. 

يجدر الإشارة هنا أن المصافحة ليست من التقاليد الثقافية في اليابان، فإلقاء التحية في اليابان عبارة عن انحناء فقط دون ملامسة. فالعناق سلوك غير مقبول حتى بين أفراد الأسرة. 
بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليابانية أدت إلى ردود فعل متباينة في العالم. حيثُ لم تقم اليابان بإجراء فحوصات موسعة على سكانها خلافاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية، وعلى سبيل المثال تقوم كوريا الجنوبية بفحص 6 ألف شخص من كل مليون شخص. بينما اجرت اليابان فقط 118 فحص لكل مليون شخص. واوضح المعهد الوطني الياباني للأمراض المعدية أنهم اختاروا نظام الاختبار هذا من أجل "تركيز الموارد الطبية المحدودة على أولئك الذين يحتاجون حقًا إلى المساعدة." ومما لا شك فيه أن معظم اليابانيون موافقون على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة.

ونجحت اليابان فعلاً بهذا النموذج بالحد من انتشار الوباء، ويمكنني القول هنا وبعيداً عن العواطف أن النموذج الفلسطيني أيضا يمثل نموذجا ناجحا دولياً في الحد من انتشار الوباء وبإشادة منظمة الصحة العالمية بالإجراءات المتخذة في فلسطين، وعلى الرغم من قلة الإمكانيات الطبية والمالية إلا ان الحكومة الفلسطينية اتبعت إجراءات ومعايير عالية الدقة والحزم في الحد من انتشار الوباء في فلسطين.

التعليقات