قانون ديوان الرئاسة الجديد بين المعلوم والمجهول

قانون ديوان الرئاسة الجديد بين المعلوم والمجهول
المحامي كنعان الصوراني
بقلم: المحامي والناشط الحقوقي كنعان الصوراني
لاشك أن للانقسام الفلسطيني تداعيات مختلفة على الشارع الفلسطيني، وأحد أهم هذه التداعيات.. القانونية التشريعية، وهي مستمرة باستمرار غياب أركان الحكم ومؤسسات الدولة، التي كان آخرها حل البرلمان الفلسطيني (المجلس التشريعي).

وبالأخذ بعين الاعتبار الصلاحيات التشريعية الممنوحة للرئيس الفلسطيني، بسبب أحداث الانقسام المستمر منذ عام 2007 حتى يومنا هذا، فقد تم إصدار العشرات من القرارات بقانون، والتي كان آخرها قانون ديوان الرئاسة رقم 5/ لسنة 2020 الصادر في 27/2/2020 والذي نُشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 19/3/2020 (الوقائع الفلسطينية رقم 165)؛ وهنا لابد لنا من الإشارة إلى بعض الأحداث القانونية المهمة ذات الصلة، قبل الخوض في مضمون القرار.

إن ديوان الرئاسة، وجوده القانوني منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية، على اعتبار أنه جزء من مكتب رئيس السلطة، كإدارة من إدارات الرئيس، بما يوازي مكتب الرئيس الخاص، وقد طرح سابقاً في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، العديد من الآراء والأفكار الخاصة بديوان الرئاسة، منها: إصدار قرارات من شأنها توضيح شكل ودور الديوان، والشكل الاعتباري له كمؤسسة رئاسية مستقلة؛ إلا أن الرئيس الفلسطيني في حينها، لم يقم بإصدار أي قانون بهذا الشأن، مع الأخذ بعين الاعتبار، أن نظام الحكم الفلسطيني في حينها لم يكن قد تم تعديله بعد؛ ليحتوي على مجلس وزراء، يرأسه رئيس وزراء، وكانت الصلاحيات التنفيذية كاملة بيد رئيس السلطة، بما في ذلك الأمنية.

في البداية.. لابد من توضيح، أن رئيس السلطة الفلسطينية، له صلاحيات رئاسية محددة، مذكورة نصاً في القانون الأساسي الفلسطيني، متوازنة بين مختلف سلطات ومؤسسات الدولة، بما في ذلك القضائية والتشريعية ومجلس الوزراء، دون منازعه أو تغول في الصلاحيات الممنوحة لكل منها، وهذا جوهر الرقابة، وصيانة الحكم.

وبالرجوع إلى القرار بقانون المذكور أعلاه، فهو يؤسس الشخصية الاعتبارية والأهلية القانونية لديوان الرئاسة، باعتباره واحداً من مؤسسات الدولة، على اعتبار أن القرار بقانون يمنح مؤسسة ديوان الرئاسة مركزاً مالياً مستقلاً ضمن الموازنة المالية، بما في ذلك تملك الأموال بمختلف أنواعها: المنقولة وغير المنقولة، وفتح حسابات بنكية، كما يمنح رئيسه راتب وزير بكل مميزاته، بما في ذلك كامل الحقوق المالية التقاعدية، ونائباً لرئيس الديوان، وعدداً كافياً من الموظفين والمستشارين، والأهم من ذلك؛ إمكانية فتح مكاتب فرعية في المحافظات، بقرار من السيد الرئيس.

وللتوضيح أكثر، فإن صلاحيات الديوان الرئاسي، قد توسعت لتشمل العمل مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، عدا عن التواصل والتعاون مع مؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية المحلية والدولية في المجالات الاجتماعية ورعاية الشعب، ويصادق السيد الرئيس على الأنظمة المالية والإدارية والتشريعية الخاصة بالديوان، بما في ذلك الموازنة السنوية والتشكيلات الوظيفية.

وبتمعن في القرار، يتضح لنا، أن نظام الحكم الفلسطيني، يتخذ منعطفاً تدريجياً لإعادة النظام الرئاسي، كما كان سابقاً قبل تعديله عام 2003 لكن بشكل جديد ومختلف، وذلك من خلال إنشاء مؤسسات رئاسية موازية لعمل الحكومة الفلسطينية، فالنظام السياسي لدينا ليس رئاسياً، والمؤسسات الرئاسية لا تمتلك صلاحيات العمل في المجالات التنموية والاجتماعية وغيرها، فهذه الصلاحيات المحددة للسيد الرئيس يساعده في تنفيذها مجلس الوزراء، وفقاً للقانون الأساسي المادة (46)، وهكذا قرار بقانون قد يُولّد في بعض الأحيان إشكاليات في عمل المؤسسات الحكومية والازدواجية في الصلاحيات، خاصة بحال وجود أفرع للديوان، فهي توازي عمل مديريات الوزارات المختصة، مما يُولّد تضارباً في هذه الصلاحيات بين الحكومة وديوان الرئاسة والأهم من ذلك، منح الديوان الرئاسي، حرية العمل باسم الرئاسة، والرئيس الفلسطيني، مما يعطيه نوعاً من أنواع الحصانة وقوة تنفيذية تتمتع بغطاء رئاسي بصورة أكبر من المؤسسات الحكومة الأخرى، ومن ناحية الرقابة والمسؤولية القانونية، وتنازع الصلاحيات، فإن ديوان الرئاسة لا يتحمل أي مسؤولية، نظراً لكون الديوان وأفرعه غير مسؤولة أمام البرلمان وإنما أمام السيد الرئيس.

وهنا لابد لنا، أن نطرح تساؤلات أهمها: موقف مجلس الوزراء وبالأخص دولة رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية، بالإضافة إلى تساؤلات أخرى منها: أسباب إصدار القانون وما هي الأهداف الوطنية منه، فلابد من إصدار بيان رئاسي للشارع الفلسطيني من مكتب السيد الرئيس محمود عباس، يوضح فيه الدافع والأسباب من إصدار القرار بقانون رقم 5/2020 بما في ذلك، توضيح وتفصيل الصلاحيات الممنوحة للديوان الرئاسي.

التعليقات