لا أحد يستعجل التاريخ

لا أحد يستعجل التاريخ
هل ستقدم اسرائيل على خطوة مجنونة كالضم ام لن تقدم؟؟
اللواء د. محمد المصري

هذا السؤال مرتبط بكثير من التغيرات التي أسهب كثيرون في تعدادها وسردها، وكل ما قالوه او كتبوه فيه بعض الحقيقة او كلها، ذلك ان اسرائيل ان اقدمت على مثل هذه الخطوة، فإنها ستجر الدب الى كرمها، بمعنى ان مفهوم الامن والجغرافيا والمخاطر الاجتماعية والديموغرافية ستنفجر في وجه اسرائيل، الى درجة التهديد الوجودي.

لماذا الضم اذن؟؟

برأيي ام مسألة الضم لا علاقة لها بالأمن، وهذا ما قاله كبار خبراء الامن الاسرائيلي، فضلاً عن مخاطر ذلك السياسية ومكانة اسرائيل في العالم وعلاقتها بالقانون الدولي. المسألة لا تتعلق بالأمن على الاطلاق، ولكن الضم يخدم ايدولوجيا اليمين العلماني القومي بجناحيه الشرقي والغربي، واطرافه الدينية المتعددة، الحريدية والمحافظة والصهيونية، بمعنى ان الضم يحقق لهذه الكتلة اليمينية ما تسميه وحدة الارض ليكتمل مع وحدة التوراة ووحدة الشعب، او ليكتمل الثالوث المقدس في مقدمة لتحقيق كل الاوهام او الاحلام او الاساطير.

الامم عادة ما تتصرف حسب الصورة الذهنية والنفسية التي تبنيها عن نفسها، وإذا كان هذا الجيل من الاسرائيليين يريد ان يحقق احلام الاجيال السابقة كما يقولون، فإن الضم هنا هي رغبة توراتية ليس الا.

بمعنى اننا نواجه اناساً مسكونين او مهووسين بالنصوص، وإذا كان الامر كذلك، فإنهم عملياً يدقون ابواب وطبول الحروب الدينية، وإذا انتقلنا الى هذا النوع من الحروب، فإن من الواجب القول ان ذلك سيواجه عندنا ايضاً بمنظومة كاملة ومكتملة ايضاً حول التاريخ ونهاياته. ولأنني لن اذهب بعيداً في هذا الكلام، اكتفي بالقول ان العالم الان يتغير، تتغير مواقع القوى ومراكز صنع القرار، هناك تحالفات تتفكك، وانظمة قد تتداعى، ويبدو ان العالم مقبل على وضع اسس جديدة لعصر جديد لن تكون فيه أمريكا شرطي العالم او حارسه الامين. ومن الواضح ان جائحة كورونا هي جزء او حلبة اخرى من حلبات الصراع الدولي الذي قد ينتهي بحرب او بحروب متعددة، هذا فضلاً عن التغيرات المتوقعة في عالمنا العربي، سلباً او ايجاباً، وكذلك ما قد تشهده اسرائيل نفسها من تغيرات عميقة نرى ملامحها منذ الان.

التغير والتبدل هو سنة التاريخ وقانونه الابدي. لا أحد يستطيع امتلاك الماضي والحاضر والمستقبل. لا تستطيع اسرائيل ان تحتفظ بالزمن وتقلباته ولا بالقوة واسبابها، ولا تستطيع – بالمفاجأة- ان تحتفظ بسيطرتها على الفلسطينيين الى الابد.

فكل متابع للمتغيرات التي تحصل داخل المجتمع الاسرائيلي، وعلى كافة الصعد، فلن يرى سوى دولة على ابواب الفشل، إن لم تكن دولة فاشلة، قادتها يدمرون الدولة من اجل حماية أنفسهم من دخول السجن، الفساد يعشش في كل مؤسسات الدولة، رئيس الحكومة ومن هم على شاكلته من اليمين المتطرف يدمرون سلطة القانون، ويعادون الاعلام، ويهاجمون النيابة العامة. بل أكثر من ذلك يريدون ان يجروا الدولة في مواجهات لا أحد يعرف نهايتها.

هذه الحالة التي تعيشها دولة الاحتلال، والخلافات تنخر المجتمع الاسرائيلي، الذي بدء يفقد الثقة في هذه القيادة المهووسة ببقاء نفسها بسدة الحكم، لذا نقول لكل المراهنين على دولة الاحتلال، رهانكم فاشل ولا أحد يمتلك الابد الا الذي خلقه. ولا أحد يستعجل التاريخ رجاءً.

التعليقات