المشاريع الصغيرة بالسلطة

المشاريع الصغيرة بالسلطة
بقلم: عبد الله عيسى
رئيس التحرير

في ثمانينيات القرن الماضي، بدأ رئيس الوزراء التونسي السابق محمد مزالي ببرنامج "المشاريع الصغيرة بتونس" ووفر لهذا البرنامج الدعم الكافي، ثم قام بجولات على مدن تونسية، واجتمع مع الشباب التونسي، ووعدهم بتمويل المشاريع الصغيرة بتونس، وحتى بعد إقالة رئيس وزراء تونس محمد مزالي، استمرت الحكومة في دعم برنامج المشاريع الصغيرة، وذات مرة أعلن محمد مزالي قائلاً: إنه كان يقضى 80% من وقته كرئيس وزراء في مواجهة الدسائس والمكائد من خصومه، و20% من وقته؛ لتسيير دواليب الحكومة، وهذا إعلان مؤسف جداً، وقد مررنا بالسلطة الفلسطينية بهذه التجربة بحذافيرها.

وقبل أيام أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني، دكتور محمد اشتية عن بداية برنامج دعم وتمويل للمشاريع الصغيرة، بقيمة إجمالية 300 مليون دولار من البنوك الفلسطينية، وأعتقد أنها خطوة جبارة للنهضة الاقتصاد الفلسطينية، ونعود للتجربة التونسية، وبعد ثلاثين عاماً نشرت مجلة اقتصادية عالمية هذا العام، أن الاقتصاد التونسي، أقوى اقتصاد بالعالم العربي، رغم عدم وجود موارد نفطية أو غيرها بتونس.

تنبهت مصر كدولة عربية ثانية إلى أهمية المشاريع الصغيرة، فأعلن الرئيس السيسي عن إطلاق برنامج عن المشاريع الصغيرة، وحصل تحسن كبير بالاقتصاد المصري، من حيث ما ترفده المشاريع الصغيرة لاقتصاد الدولة من ضرائب، وغير وذلك.

وفى السنوات الأولى للسلطة الفلسطينية، أعلن وزير فلسطيني عن إطلاق برنامج للمشاريع الصغيرة، فتطوعت ألمانيا، وبادرت بإرسال وفد إلى غزة، واجتمع مع الوزير الفلسطيني، وأبلغه أن حكومة ألمانيا، قررت تقديم دعم مالي، يقدر بخمسة وسبعين مليون دولار؛ لدعم المشاريع الصغيرة، فرحب الوزير بذلك، ولكنه اشترط شرطاً غريباً، حيث قال للوفد الألماني: أنني أرحب بمساهمة ألمانيا، ولكن شرطي أن تقدم الأموال عبر شركتي الخاصة، فقطع الألمان الاجتماع، وخرجوا غاضبين، وعندما وصلوا إلى مدير مكتبه، قال أحدهم لمدير مكتبه: وزيركم حرامي، وخرجوا، وفشل المشروع كله.

ولو استمر هذا البرنامج؛ لكان اقتصاد السلطة في وضع آخر تماماً، أي مثل الاقتصاد التونسي تماماً، ولكن هذه الحادثة التي رويتها كانت قبل أن يقوم الرئيس (أبو مازن) بإنشاء هيئة مكافحة الفساد، والتي تعتبر من أهم انجازات الرئيس (أبو مازن) حيث من الممكن أن تقضي جذرياً على الفساد، وقد وضع قاعدة لهيئة مكافحة الفساد بأنه لا أحد فوق المساءلة، والتزمت هيئة مكافحة الفساد بقرار الرئيس، التزاماً شديداً، حيث شكلت هذه الهيئة نقطة رعب لكل الفاسدين، وأصبح أي فاسد يفكر ألف مرة قبل أن تمتد يديه إلى المال العام، وأصبحت السلطة، محل ثقة من المانحين بالعالم.

التعليقات