نتنياهو لن يطبق قرار الضم

نتنياهو لن يطبق قرار الضم
نتنياهو لن يطبق قرار الضم

الكاتب : د. علي الأعور*

بعد الإعلان عن ما يسمى  بصفقة القرن في البيت الأبيض من قبل  ترمب ونتنياهو ، اعلن نتنياهو انه سوف يعرض على الحكومة الإسرائيلية   مشروع ضم الاغوار وشمال البحر الميت الى السيادة الإسرائيلية وفرض  السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة للمصادقة عليها ورجع نتنياهو الى تل ابيب ولم يقدم مشروع الضم للحكومة للمصادقة على مشروع الضم وفرض السيادة الإسرائيلية على اكثر من 30 في المائة من مساحة الأراضي الفلسطينية المحتلة  وحتى هده اللحظة لم يعرض مشروع الضم على الحكومة او الكنيست 23 التي تم عقد الهيئة العامة لها مند اكثر من شهر تقريبا  وعلى الرغم من أصوات وتصريحات السفير الأمريكي في تل ابيب "دافيد  فريدمان " بتعجيل والإسراع بضم المستوطنات  والاغوار وشمال البحر الميت الى السيادة الإسرائيلية،  الا ان الممثل الشخصي  للرئيس ترمب وصهره " جارد كوشنير " اعلن تأجيل ضم المستوطنات وكل مشاريع الضم بما فيها شمال البحر الميت والاغوار الى السيادة الإسرائيلية  وبالتالي فان قرار الضم اذا ما تم تنفيذه  سوف يصدر من البيت  الأبيض وليس من تل ابيب ، بمعنى ان نتنياهو لا يملك قرار الضم والتوسع  في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

يمتلك نتنياهو ما يكفيه من الدهاء والخبرة السياسية لاستقطاب المؤيدين له  والمعارضين على حد سواء، فقد تمكن من استقطاب المستوطنين واليمين الإسرائيلي  خلال حملته الانتخابية على مدى ثلاث جولات انتخابية وهو يرفع شعار الضم والتوسع  وفي الأسبوع الماضي تمكن من عقد اتفاق مع غانتس زعيم ازرق ابيض  لتشكيل حكومة طوارئ يمينية وطنية .

وكان اهم شروط  ذلك الاتفاق الموافقة على ضم المستوطنات والاغوار وشمال البحر الميت الى السيادة الإسرائيلية ويمنع على ازرق ابيض وغانتس  تشريع قانون يمنع الضم  والمصادقة على تنفيد مشروع الضم في يد نتنياهو  وهو صاحب القرار الأول والأخير  في تنفيذ هذا المشروع الاستيطاني .

ولو نظرنا الى بنود الاتفاق  لتشكيل الحكومة التي سوف يراسها نتنياهو في الفترة الأولى ومدتها 18 شهرا نجد في البند 28 و البند 29  هناك ثغرات في بنود الاتفاق حيث يتحدث البندان على ضرورة  احترام اتفاقيات السلام الموقعة مع الأردن ومصر ونقطة أخرى مهمة  "وهي الدفع باتفاق سلام مع جيراننا " والمقصود هنا الفلسطينيون  وبالتالي في حالة الضم لن يكون هناك أي إمكانية لتوقيع اتفاق مع الفلسطينيين أصحاب الأرض ومن يعيشون على هده الأرض ، بالإضافة  الى طرح اتفاق تشكيل الحكومة على الولايات المتحدة الامريكية والاطلاع على البند المتعلق بالضم وبالتالي فان قرار الموافقة على الضم سوف يصدر من البيت الأبيض .

ولو نظرنا الى الظروف التي تمر بها الولايات المتحدة الامريكية فان انتشار وباء كورونا وتأثيراته الصحية والاقتصادية  سوف تؤثر على القرار الأمريكي ناهيك  عن ان الرئيس ترمب سوف يكون مشغول في الحملة الانتخابية للانتخابات الامريكية في نهاية العام الحالي  وان كان ترمب يريد ان يكسب أصوات اليهود و المسيحين الانجيلين ،   فان الايباك المعارض لسياسة نتنياهو سوف يمنع ترمب من الموافقة والمصادقة على قرار الضم على الأقل لغاية انتهاء الانتخابات الامريكية  وبالتالي فان نتنياهو لن يتخذ قرار بمفرده بعيدا عن مصالح ترمب الانتخابية ولن يطبق قرار الضم حتى لو تمت المصادقة عليه من الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

و من ناحية أخرى لو نقلنا موضوع الضم الى أروقة الأمم المتحدة  والبرلمان الأوروبي ووزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ، فان قرارات الشرعية الدولية وجميع القرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي او الجمعية العمومية للأمم المتحدة فإنها تؤكد ان الأراضي الفلسطينية  هي أراضي  محتلة من قبل إسرائيل  وعلى دولة الاحتلال" إسرائيل" ان تنهي الاحتلال وتعمل على إزالة المستوطنات ومنح الفلسطينيين حقوقهم السياسية في مقدمتها  إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية .

اما مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي " جوزيف بوريل " فقد اكد اول امس ان أي خطوة إسرائيلية من قبل نتنياهو في الضم هي مدانة ومرفوضه ولن يقبلها الاتحاد الأوروبي وسوف يكون لها انعكاسات خطيرة على العلاقات مع إسرائيل ، اما وزير خارجية  المانيا وفرنسا وبريطانيا  وايرلندا في الاتحاد الأوروبي فقد ادانوا أي خطوة للضم من قبل نتنياهو.

  وقال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، إن هذه الخطة "تشكل خرقا سافراً للقانون الدولي، وضربة مدمرة لمبدأ حل الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية " ) 

و مهما يكن من امر فان العلاقة  الدبلوماسية مع الأردن سوف تجعل من غانتس كوزير للدفاع  وجابي اشكنازي كوزير للخارجية  ان يعملا معا ضد مشروع الضم  حرصا على  العلاقة واتفاقية السلام مع الأردن حيث أعلنت الأردن اذا  ما حصل  ضم الاغوار وشمال البحر الميت  سوف يتم الغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل.

اما الجانب الفلسطيني  سوف يكون رأس الحربة في مواجهة مشروع الضم وفرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة  شعبا وقيادة فلسطينية معا  حيث لن يتبقى أي جهة فلسطينية تدافع عن إمكانية تحقيق حل سلمي او اتفاق سياسي مع نتنياهو اذا نفذ مشروع الضم  في الأراضي الفلسطينية المحتلة وينتهي الحل السياسي المتمثل في حل الدولتين وربما نعود الى طرح مشروع الدولة الواحدة من جديد،  وسوف تكون هناك انعكاسات خطيرة لمشروع الضم  ربما تقودنا الى المجهول  وربما تعود إسرائيل  الى الاحتلال العلني والرسمي من جديد للأراضي الفلسطينية المحتلة ونعود الى عام 1987 ، وقتها سوف يعلم نتنياهو  انه اتخذ قرارا خطيرا يمس الثوابت الوطنية الفلسطينية  وربما ينتهي الانقسام الفلسطيني .. الفلسطيني عبر سياسات نتنياهو الاستيطانية والتوسعية.

وأخيرا ... اعتقد ان نتنياهو  لن يطبق قرار الضم والتوسع وفرض السيادة  الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة لأنه يعرف ان هذا القرار سوف ينهي  علاقاته مع كل الدول  العربية وخاصة  الأردن ومصر وسوف تتعرض علاقات إسرائيل مع دول أوروبا الى منعطف خطير  خاصة  ان وباء كورونا مازال منتشرا في العالم وربما يفرض قيم جديدة لدى أوروبا يجعلها اكثر قوة وانصافا للشعوب المقهورة . 

*باحث وخبير في الشؤون الإسرائيلية 

التعليقات