الأديبة سارة السهيل: الأدب والشعر يكونان شخصية الكاتب

الأديبة سارة السهيل: الأدب والشعر يكونان شخصية الكاتب
رام الله - دنيا الوطن
أكدت الأديبة سارة السهيل ان الأدب والشعر يكونان شخصية الكاتب من خلال الابداع والتحليق في سماء الفكر والغوص في معجم اللغة مما يساهم في اخراج نص كتابي او شعري يشكل شخصية الروائي أو الأديب

وأضافت أن تجربتها الأدبية شكلت شخصيتها الإبداعية وأثرث في كتاباتها حيث تستوحي الكاتبة من الواقع مع مزج الخيال وإشارات الي انها دائما تمزج الماضي بالحاضر بالمستقبل في كل رواياتها لتخرج نصا بعبر عن الحياة واليكم نص الحوار؛


‏‎كيف تقدمي نفسك للقارئ من خلال زاوية جديدة لم تذكر عنك عبر الكتابات السابقة التي تناولت سيرة وابداع الاديبة سارة السهيل ..؟

أتصور أني طائر محلق بسماء الحروف ودورب الكلمات يغرد بالامل وهو يتألم بألام الناس في الحروب وانين المطالبين بالحرية والكرامة والعيش في أمان وعزة اوطان هذا الطائر وهو يهاجر موطنه لبعض الوقت بحثا عن الدفء ينتظر تفريخ الاجيال
الجديدة وافكار الاصلاح الجديدة التي تعمر الاوطان والاكوان بمعاني الاخلاق والتطهير واعادة البناء على ارضية إقتسام الحياة مع الاخرين والتعاون معا من أجل النمو والتطور والازدهار وتحطيم دعوات الهدم، ونبذ العنف واعلاء انشودة التكامل من أجل عودة الغريب الى وطنه وانتشال الغريق من بحار ظلمات النفس والمجتمع، ولملمة شمل الاسرة التي فككتها اعاصير الحياة، والحنو على الارملة واليتيم ومساندته ليعبر نهر الحياة بسلام.

اتصورأني نحلة تشتم رحيق ازاهير افكار المبدعين من كل زهرة وكل بستان لتضع عسلها مخلوطا بتراث الماضي وافاق الحاضر ورؤية المستقبل وفقا لمعاني انسانية تنشد الحب والخير السلام والعدل والرحمة لكل مخلوق في هذا الكون الرحيب من
انسان وحيوان وجماد اهدف بكتاباتي دوما لنشر الفكر النير المتحضر انبذ العنف والعنصرية و العصبية بكل اشكالها أدعو للتطوير دون التخلي عن الجذور الأصيلةابحث دوما عن نفسي بين المشاعر الانسانية التي تتعاطف مع الطير و الشجر و
الحيوان بعد اهتمامها بقضايا الانسان في كل ارض وكل مكان فالإنسان عندي يستحق الحب و العيش بسلام مهما كانت قوميته او جنسيته او لونه او دينه او طائفته كتبت للاطفال و عن الأطفال وكتبت للكبار و عن الكبار و كتبت للأوطان و عن الأوطان فأنا لدي ثلاث اوطان العراق و الأردن و مصر حبهم في دمي الى ما لا نهاية.

‏‎تنوع انتاجكم في مجال كتابة قصص الاطفال والكتب العلمية في مرحلة الحضانة بخلاف الكتب الثقافية الأخرى للمراحل العمرية المختلفة- كيف جاء.. وايهم كان له السبق في بداية ابداعكم..؟

قال الله تعالي في محكم كتابه " وخلقانكم أطوارا " ففي هذ الآية الكريمة نجد مراحل تطور الانسان من نطفة ثم علقة ثم تكون مضغة، ثم تكون عظاما، ثم تكسى العظام لحما يشكل الجنين، كل ذلك يجري في رحم الام، وعندما يخرج الانسان الى الدنيا يعيش في اطوار ايضا من الطفولة وريعان الشباب الي الكهولة.

وكذلك في مجال الفكر والابداع يتدرج فيه الكاتب من طور الى اخر او من مرحلة لأخرى وكل مرحلة يكتسب فيها من الخبرات التي تحقق له الاشباع الفكري والعقلي والوجداني والابداعي، حتى تتوق نفسه الى تطوير ادواته فيعرج الي مناطق جديدة من التجريب وصولا الى الابتكار والتجديد، وهكذا كانت روحي مشبعة بالشعر منذ الطفولة ففاضت بالتعبير شعرا في محاولات اولى، وبعد قليل وجدتني عاشقة للاطفال ووجدت بداخلي طفولة تناجي كل طفل حولها فجاءت كتاباتي للاطفال معبرة عن هذا التلازم الروحي بالاطفال عبر قصص وكتب تعليمية مختلفة، ولكن سرعان ما تحول اهتمامي بالاطفال الى بحث مشاكلهم والعنف الذي يمارس ضدهم وانتهاك حرمتهم اما بالتهجير عبر الحروب او بانفصال الابوين او بيتم الاطفال او المتاجرة بهم
وغيرها من القضايا الخاصة بالطفولة فتحولت من النص الادبي الى النص المقالي لتعبر عن صرخة انسانية لانقاذ الطفولة وحمايتها من القسوة والعنف وامتهان براءتها.

ومع انتفاضة الشعر بداخلها يأخذني وطني العراق في ديوان " دمعة علي اعتاب بغداد " ، وياخذني الوجد الشعري فلسطين الذبيحة على ايدي المحتل فتنطلق الابيات دعما لشعب صامد أبي مقاوم ببسالة لتحرير وطن غالي ، وترجمت هذه المعاني في قصة "اللؤلؤ والأرض"؛ التي عبّرت فيها عن القضية الفلسطينية
وأطفالها.

وبين الكتابة للطفل والمرأة والشعر، يموج المجتمع الانساني بقضايا ساخنة عيش اشتعالها مثل قضايا البيئة وضرورة التعاون الدولي للحفاظ عليها، وبين فكر التطرف والغلو والارهاب، والمذهبية والطائفية، وكل مواجع انسانية لابد للكاتب ان يعبر عنه ويطلق صرخات التحذير من خطورتها حماية للمجتمع الانساني والحفاظ على أمنه وسلامه وهكذا تتنوع اطوار الكاتب حسب كل مرحلة بحسب تطور تجربته ونضجها وتنوع اهتماماتها التي تتسع بمرور الوقت لتشمل الكون.

ولأن الأم هي الحاضنة للاطفال فكان لزاما بحث مشاكلها والعنف الاجتماعي والفكري الممارس بحقها، وهو ما يؤثر سلبا في طريقة تعاطيها وتعاملها مع صغارها، وهو ما استلزم كتابة العشرات من المقالات و الأبحاث في هذا السياق لحماية المرأة والدفاع عن حقوقها المشروعة في الامان الاسري والاجتماعي الذي كفلته الاديان السماوية الثلاث والاتفاقيات الدولية في هذا الصدد. كما كتبت عن معاناة النازحين من خلال قصص قصيرة جدا كالومضات بعنوان تصريح دخول صدر من دار المعارف المصرية


‏‎للطفوله وريعان الصبا تاثير في تدرج النمو الفكرى للانسان.. كيف كانت طفولتكم ومرحلة الشباب الاولى.. وكيف كانت الاجواء العائلية..؟

لاشك ان للحاضنة التي ترعرت فيها كان لها أكبر الاثر في تشكيلي، فقد نشأت في اسرة تهتم بالفكر والثقافة والسياسة ايضا، فكان أبي يشجعني على قراءة القصص والرّواياتِ التي تحثُّ على حبّ الوطن والانتماء له، وبعض الأعمال الأدبية لكِبار الكُتَّابِ في الوطنِ العربي والعالَم، بينما كانت أمي تصطحبني للمكتبة لقراءة الكتب المتنوعة، بجانب دراستي الاولى بمدرسة الراهبات وتعلمي فيه قيم النظام والتسامح، كل هذه المعاني شكلت فضائي الانساني، فبدأت كتاباتي الاولي علي مقاعد الدراسة مثل ديوان “صهيل كحيلة ” باللهجه العاميه وديوان” نجمة سهيل” وديوان “دمعة على أعتاب بغداد”.

ولانني عشت طفولة يتيمة بوفاة ابي الشهيد، فأجدني أحيا بروح طفولة دائمة بداخلي تدفعني للاهتمام بالاطفال في كل مناسبة، واعتقد ان بداخلي نزوع فطري للكتابة للاطفال سواء من خلال كتابة القصص لهم او المؤلفات التعليمية او التعبير عن قضياها عبر المقالات النقدية التي تستهدف بها حماية الطفولة من اي عنف أو انتهاك.

وكانت قصة “سلمى والفئران الأربعة ” من اول تجاربي وتحولت لعمل مسرحي ، وقصة” نعمان والأرض الطيبة ” و طبعت بطريقة برايل للمكفوفين، و”ليلة الميلاد ” وكتب
المقدمة لها البابا شنودة بطريارك الكرازة المرقسية، و” قمة الجبل “، و” قصة حب صينية أوسور الصين الحزين ” باللغتين العربية والصينية، ” واللؤلؤ والأرض “مهداة للطفل الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وتم ترجمتها للغة الفرنسية و قصة
اميرة البحيرة التي تؤكد على دور المرأة و قدرتها للقيادة و قصة ندى و طائر العقاقير وغيرها الكثير من القصص عشت في بيئة وسطية صالحة نظيفة والدتي عملت على تكريس كل القيم الاخلاقية النبيلة بداخلي كما ان تضحيات والدي و نضاله
علمني حب الناس و العطاء لانه كان يبذل نفسه و ماله و روحه من اجل الاخرين ولم يرضى ان يقبض اَي ثمن ،في فترة مراهقتي عارض بعض من اهلي عملي و ظهوري ربما
خوفا علي لكن امي شجعتني ومن هنا تعرفت على معاناة المراة الكاتبة التي كونها امرأة محضور عليها الكثير و يقص من جناحاتها كل من مر بجانبها ،في البداية لم يشجعني احد غير امي و بعض رفاقي في مصر ،ولكنني تحديت الجميع تخيل حتى ان
البعض كان يتدخل بآرائي و توجهاتي وكأن الكاتب ناطق باسم العائلة و العشيرة وليس مفكر و اديب و باحث يعبر عن نفسه و عن المجتمع ولكن رغم كل هذا ارى بأعينهم الفخر و الاعتزاز بي لما وصلت اليه دون دعم من اَي شخص او اَي جهة.

التعليقات