الرئيس ريفلين ينقل التفويض الى الكنيست

الرئيس ريفلين ينقل التفويض الى الكنيست
الرئيس ريفلين ينقل التفويض الى الكنيست

بقلم: د. علي الأعور*

انتهت فترة التفويض ثلاثون يوما  التي منحت لبيني غانتس رئيس  حزب ازرق ابيض  لتشكيل حكومة طوارئ  قومية مع نتنياهو  منتصف ليلة الأربعاء ولم يتوصل غانتس ونتنياهو الى اتفاق  حول تعيين القضاة ومسالة التناوب على رئاسة الحكومة الجديدة .

وفي اعقاب انتهاء مدة التفويض  صرح غانتس لمقربيه وفقا لصحيفة يديعوت احرنوت" لم أت لتشكيل حكومة طوارئ  قومية من اجل التدخل في عمل محكمة العدل العليا او تجاوزها بل جئت للحفاظ على الديموقراطية في إسرائيل " بينما يصر نتنياهو على ضرورة تغيير القانون الذي  كان معمولا به سابقا في تعيين قضاة محكمة العدل العليا خوفا من تعيين " نيتسان شاي " عضو في قضاة محكمة العدل العليا كما يصر نتنياهو في حالة اعفاءه من منصبه كرئيس للحكومة في الفترة الأولى ان يتوجه الكنيست الى انتخابات رابعة وعدم تسلم غانتس رئاسة الحكومة الإسرائيلية  بقية الفترة المحددة له وقد تستمر ثلاث سنوات.

وهنا لابد من طرح السؤال المركزي: هل فعلا هناك مفاوضات لتشكيل حكومة طواريء  قومية؟ ام ان نتنياهو يعمل على إضاعة الوقت للذهاب الى انتخابات رابعة؟

على مدى عام ونيف مند انتخابات ابريل نيسان 2019 وإسرائيل تعيش ازمة سياسية ..ازمة حكم ولم تتمكن الأحزاب الإسرائيلية من تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة  وكان دائما نتنياهو يعمل على افشال تشكيلها من اجل الذهاب الى انتخابات تلو الانتخابات لأنه يريد ان يحصل على اغلبية يمينية في الكنيست من اجل تغيير كل القوانين المعمول بها في إسرائيل وفي مقدمتها قانون تعيين القضاة في محكمة العدل العليا وتغيير الجهاز القضائي في إسرائيل برمته من اجل هدف واحد وهو " اسقاط التهم الموجه له رسميا في المحكمة المركزية في القدس  وفي مقدمتها ملف الرشوة" واصبح الهدف الرئيسي لنتنياهو هو الهروب من المحكمة وتأجيل الانتخابات وكسب الوقت وهو مازال رئيسا للحكومة الإسرائيلية وربما يستمر في منصبه حتى نهاية العام الحالي وهو اجراء انتخابات رابعة ربما في شهر ديسمبر 2020.

ولكن مازال نتنياهو  في قبضة غانتس باعتباره رئيس الكنيست وبالتالي يستطيع غانتس دعوة الهيئة العامة للكنيست بكامل أعضائها لسن تشريع وهو " ما يعرف بقانون نتنياهو" منع  أي عضو كنيست من تشكيل حكومة إسرائيلية وهو متهم بقضايا جنائية " واذا ما صوت الكنيست بأغلبية 61 عضو كنيست سوف يتم المصادقة على القانون وبالتالي  لن يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل وهكذا سوف تنتهي الازمة السياسية  في إسرائيل على الحكم ولكن تبقى أزمات أخرى وهي انقسام الجمهور الإسرائيلي الى قسمين  احدهما يميني يطالب بسرعة تنفيد  خطة الضم والتوسع وإعلان السيادة الإسرائيلية على اكثر من 30 في المائة من مساخة الضفة الغربية الى السيادة الإسرائيلية ومن ضمنها المستوطنات الإسرائيلية وبالتالي سوف نشهد تفكك كتلة اليمين وخارطة سياسية جديدة للأحزاب الإسرائيلية من جديد والقسم الاخر يساري علماني يرفض  سياسة وهيمنة الحريديم على وزارة الداخلية ووزارة الصحة ورفض تطبيق السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة .

غدا الخميس سوف يوجه الرئيس ريفلين التكليف الى الكنيست  ويمنح الكنيست 21 يوم لاختيار عضو كنيست لتشكيل الحكومة او لدية اتفاق على تشكيل حكومة من عدة أحزاب وفي حال فشل الكنيست في تكليف عضو كنيست بتشكيل الحكومة سوف تحل الكنيست نفسها ويتم الاتفاق على موعد لانتخابات رابعة.

باعتقادي ان السيناريو الأكثر احتمالا هو التوجه الى انتخابات رابعة وهو ما يسعى اليه نتنياهو  لإعادة ترتيب أوراقه من جديد وإعادة حملته الانتخابية  من جديد معتمدا على  قضية " الحد من تفشي فيروس كورونا  في إسرائيل وإعادة الاقتصاد الإسرائيلي الى العمل من جديد باعتباره هو من يصدر التعليمات  وهو من اعلن حالة الطوارئ وبالتالي يصبح هو منقذ إسرائيل والجمهور الإسرائيلي من وباء كورونا.

ومهما يكن من امر فان نتنياهو تنتظره المحكمة ولديه ثلاث ملفات وثلاث لوائح اتهام وهي ملف الرشوة وملف الاحتيال وملف خيانة الأمانة وهذه الملفات لن يتمكن نتنياهو من تجاوزها الا في حالة واحدة  منع تشريع في الكنيست الحالية من منعه من تشكيل حكومة باعتباره متهما في قضايا فساد  وسوف يحاول نتنياهو الخروج من هذه التهم بشكل محترم وربما يتوصل مع الادعاء العام الى صفقة تسمح له باعتزال الحياة السياسية مقابل اسقاط التهم الموجه له وبالتالي امامه فرصة واحدة وهي ضرورة التوصل الى اتفاق مع غانتس خلال احدى وعشرون يوما لمنع التصويت على ما يعرف بقانون نتنياهو حتى  منتصف العام القادم ويبقى رئيسا للحكومة ثم يرشح نفسه رئيسا لإسرائيل حيث تنتهي ولاية الرئيس ريفلين منتصف العام القادم واذا ما وصل نتنياهو الى رئاسة الدولة تسقط جميع القضايا والملفات لان رئيس الدولة لا يجلس على كرسي الاتهام في قاعة المحكمة حيث الحصانة الكاملة له وبعد دلك يعلن نتنياهو انتهاء مدة رئاسته للحكومة بعد عام ونصف ويتوجه الى انتخابات جديدة وربما سن قوانين جديدة في الكنيست من خلال اليمين تسمح لرئيس الدولة بصلاحيات سياسية جديدة وهكذا يعود نتنياهو بقوة الى المشهد السياسي الإسرائيلي من جديد كما هو الحال في تركيا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية.

*باحث وخبير في الشؤون الاسرائيلية

التعليقات