ما مدى جاهزية إسرائيل لصفقة تبادل للأسري مع حماس؟

ما مدى جاهزية إسرائيل لصفقة تبادل للأسري مع حماس؟
ما مدى جاهزية اسرائيل لصفقة تبادل للأسري مع حماس ...؟

د. هاني العقاد

 تتضارب التصريحات والتقارير حول قرب التوصل الي صفقة تبادل للأسري بوساطة طرف ثالث بين حماس واسرائيل , فبعض التقارير تقول ان الطرفان باتوا علي وشك الاتفاق ووضع اللمسات الاخيرة وان الاتفاق بات في مرحلته الاخيرة ,وبعض التقارير تقول ان الوسيط مازال ينقل الرسائل بين الطرفين حول طبيعة الاتفاق ومراحله , قليل من المعلومات تتوفر من كلا من الطرفين وما يرشح متناقض وخاصة ما يصدر عن الاعلام العبري الذي يستبعد التوصل الي صفقة ما والبعض سماها "صفقة معلومات" كمرحلة اولي كصحيفة يديعوت احرنوت التي قالت انه تم نقل رسائل الي حماس بهذا الخصوص . بعض المصادر الاعلامية الاسرائيلية كالقناة 20 قالت ان صفقة تبادل بين اسرائيل وحماس لازالت بعيدة بالرغم من توارد انباء عن اتصالات متقدمة تجريها مصر لإطلاق سراح الاسري الاطفال  والمرضي  والنساء لكن هناك العديد من المعيقات تقف في طريق اتمام الصفقة وتوقعت القناة انه اذا ما تقدمت المفاوضات في اطار صفقة فان حماس سوف تدرج اسم الاسير مروان البرغوثي المحكوم عليه خمس مؤبدات علي قائمة الاسري المطلوب اطلاق سراحهم كما وتوقعت القناة ان يتم المطالبة بإطلاق سراح احمد سعدات الامين العام للجبهة الشعبية والاسير فؤاد الشوبكي العقل المدبر لمحاولة ادخال عشرات الاطنان من السلاح عبر "كارين أيه"  الي غزة  .

اكثر من وسيط يحاول الاتصال بالأطراف اي حماس واسرائيل فقد ذكرت صحيفة الاخبار اللبنانية ان الوسيط الالماني الذي انجز صفقة شاليط عام 2011 يحاول الاتصال بالأطراف وهندسة صفقة مماثلة وقالت الصحيفة ان حماس تلقت اتصالا من الوسيط الالماني وتعاطت معه بجدية كاملة في انتظار رد الحكومة الاسرائيلية وهناك وسيط  ثالث وهو الوسيط القطري الذي لم يغيب عن المشهد والعلاقة بين اسرائيل وحماس فهو يعمل دون ان يظهر ويبدو انه وسيط خفي  ليس في صفقة تبادل وانما بملف التهدئة ايضا  .  مهما اختلفت المصادر الا ان تقاطع المعلومات تفيد ان الصفقة ستكون بمرحلتها الاولي "صفقة معلومات" موثقة اي تسليم حركة حماس معلومات عن ما لديها من جثث واسري احياء واعدادهم مقابل ان تفرج اسرائيل عن 250 اسير من الاسري المرضي والنساء والاطفال والمصدر للأخبار اللبنانية , اما في المرحلة الثانية فأتوقع ان يتمحور موضوع المفاوضات حول  اعادة اطلاق سراح محرري صفقة شاليط الذين تم اعتقاله بعد الصفقة والتدقيق علي عدم تكرار إسرائيل لمثل هذه الاعمال التي من شأنها ان تنسف اي اتفاق نهائي . المرحلة الثالثة هي تسليم حماس ما لديها من جثث مقابل اسري قدامي وامناء عامون واصحاب المؤبدات والاحكام العالية , وباعتقادي ان هذه ستكون من اعقد المراحل التي ستمر فيها صفقة التبادل لان اسرائيل دائما لديها اعتراض علي اطلاق من حكموا بمؤبدات سواء كانوا امناء عامون او مقاتلين في صفوف المقاومة الفلسطينية علي اختلاف تشكيلاتها . وسوف تتضمن قائمة الاسري المنوي مطالبة حماس اطلاق سراحهم من تبقي من الاسري العرب في السجون والمعتقلات الصهيونية باعتبار ان حماس الان في مرحلة تفتح فيها افاق علاقات جديدة وكبيرة مع اكثر من طرف عربي .

كل هذا بات متوقعا لكن السؤال الاخر المتوقع هو هل اسرائيل جاهزة الان لتبدا في تنفيذ مراحل هذه الصفقة الان ام انها ماتزال تناور وكل المحاولات التي تدور الان لبدء المفاوضات بوساطة ثالثة ما هي الا محاولات تحتاج الي  وقت للوصول الي اتفاق تاريخي . الحقيقة ان اسرائيل غير جاهزة للدخول في مفاوضات هذه الصفقة بمراحلها الثلاثة لكنها ترغب في الحصول اولاً علي معلومات عن ما لدي حماس من جنود موتي او احياء دون ان تدفع ثمن كبير لكنها اصبحت امام اضطرار ان تقبل بالمرحلة الاولي وهي الافراج عن  القوائم التي تطالب بها حماس مقابل بعض المعلومات عن اسري إسرائيليين وبالتالي تلتقط مبادرة رئيس حركة حماس في غزة التي اعلن عنها كخطوة انسانية والا فان اسرائيل تعرف ان باب المفاوضات لن يفتح الا بعد هذه الخطوة في المستقبل وقد تنتكس اي محاولات واتصالات بين الطرفين . المفاوضات قد تستمر طويلا حتي يتم انجاز مراحل الصفقة ووصولها للمرحلة الثالثة وهي المرحلة الهامة والكبيرة لن يتم الا اذا تولي نتنياهو رئاسة الحكومة الاسرائيلية الجديدة اي لا اتوقع ان يتم التوصل لاتفاق شامل حول مراحل الصفقة   في ظل حكومة مؤقتة ومفاوضات حول حكومة موسعة يتولى رئاستها اولا نتنياهو ثم بيني غانتس .

الواضح ان اسرائيل غير جاهزة هذه الفترة لصفقة شاملة ولا تستطيع التقدم فيها للنهاية  لعدم وجود حكومة شرعية مخولة بذلك بالاضافة  للكورنا وانشغال الحكومة المؤقتة  في مواجهة الوباء الذي سكن اسرائيل, وهنا اعتقد ان اسرائيل سوف تستمر بالتلكؤ في هذا الموضوع وعدم حسم الامر فترة من الزمن حتي لو بدأت المفاوضات سراً فان اسرائيل دائما لا تفضل حسم الامور والتوصل الي اتفاقات سريعه لانها تعتقد ان اطالة زمن اي مفاوضات يمكن ان يحقق اضعاف للجهة المقابلة وتحقيق تنازلات اكبر وبالتالي تحقيق صفقة بشروط افضل, وهذا بالمناسبة اسلوب تم استخلاصة علي مدار جولات من المفاوضات بين اسرائيل والمقاومة الفلسطينية فيما يتعلق بالتهدئة وحتي مفاوضات اسرائيل الداخلية التي يقودها نتنياهو وطواقم الليكود للتوصل لصفقة يتم خلالها اعلان حكومة طوارئ وطنية يتولي رئاستها بالتناوب نتنياهو ومن ثم بني غانتس .

[email protected]    

التعليقات