تداعيات كورونا.. شبح أسوأ انكماش يخيم على الاقتصاد العالمي

فؤاد محجوب

يخيّم التشاؤم على مستقبل الاقتصاد العالمي ويلوح في الأفق أسوأ انكماش تاريخي قد يشهده، بعد أن أدّى تفشي فيروس كورونا إلى خسائر مالية فادحة، وأجمعت شتى التقديرات على جسامة التكاليف التي ستترتب مستقبلاً. في ظلّ الركود الحاصل، أو الذي يلقي بظلاله الثقيلة على مختلف الأنشطة الاقتصادية والتجارية في العالم، ما يتهدّد بإغلاق الآلاف من الشركات وشطب الملايين من الوظائف.

وشكلت تداعيات كورونا أكبر صدمة للاقتصاد العالمي، في ظل تعطل أو تراجع في نشاط المصانع الصينية. بالنظر لما تمثله الأخيرة كمصدر للكثير من المنتجات الصناعية وسلاسل التوريد العالمي. وتوقعت وكالة تابعة للأمم المتحدة أن تنكمش «صادرات الصين من قطع الغيار والمكونات الحيوية لمنتجات تتراوح من السيارات إلى الهواتف الخلوية، بنسبة 2 %، مقارنة مع شهر شباط/ فبراير الماضي، وهو ما يكلف دولا أخرى وصناعاتها نحو 50 مليار دولار».

وأثر التوقف المفاجئ للاقتصاد العالمي بشدة على عائدات البلدان الناشئة، ما تسبب في انخفاض أسعار النفط والمواد الخام والنشاط السياحي، في وقت واجت فيه البلدان الناشئة والأقل نمواً تسرباً كبيراً في رؤوس الأموال، التي هربت نحو أسواق أقل تقلباً.

آسيا تقرع جرس الإنذار!

وجرّاء تداعيات كورونا، أطلق بنك التنمية الآسيوي صفارات الخطر (3/4)، وحذر في تقريره السنوي عن «آفاق التنمية الآسيوية»، من أن الفيروس «كوفيد ـ 19» بات يشكل خطراً داهماً على توقعات النمو في آسيا.

وقد خفض البنك، الذي يقع مقرّه في العاصمة الفلبينية مانيلا، توقعاته بشأن معدل النمو الإقليمي إلى 2,2 % لعام 2020، مقارنة بتوقعات صدرت في شهر أيلول/ سبتمبر 2019، وتحدثت عن 5,5 %. كما صدرت تحذيرات من أنّ «النمو يمكن أن يصل إلى مستوى أقل، وأن يكون الانتعاش أبطأ مما نتوقعه حاليا».

وتوقع البنك أن تصل الخسائر العالمية الناجمة عن تعطل النشاط الاقتصادي، وتكاليف الرعاية الصحية، إلى 4,1 تريليون دولار (التريليون = 1000 مليار)، ونحو 4,8 % من إجمالي الناتج المحلي للعالم. وذكر التقرير أن نصيب الدول النامية في آسيا من هذه الخسائر، قد يصل إلى 36 %.

وقال أحد الخبراء في البنك إن السيناريو الأسوأ سيكون «في حال استمر الوباء لأكثر من ستة أشهر، وامتد إلى الاقتصاد الأوسع». وأضاف «يمكن أن تتعطل سلاسل التوريد، ويمكن أن يكون هناك تقهقر في العولمة والاندماج الإقليمي». وأنّ هذا من شأنه أن «يوجه صفعة لآسيا التي استفادت بشكل كبير من الاقتصادات المفتوحة والتجارة الحرة وتدفق رؤوس الأموال على مدار العقد الماضي».

وأشار التقرير إلى أن الوباء قد يتسبب في «صدمة أكبر للغاية لاقتصاد الصين»، الذي كان قد تأثر بالفعل جراء التوترات التجارية مع الولايات المتحدة خلال 2019. وتوقع أن يتراجع معدل نمو الاقتصاد الصيني إلى 2,3 % في 2020، قبل أن يعاود الانتعاش إلى ما بين 6,2 و 7,3 % في العام المقبل، على افتراض انتهاء الوباء وعودة النشاط إلى طبيعته. وأفاد التقرير بأن جميع المناطق في آسيا والمحيط الهادئ سوف تشهد نمواً ضعيفا في 2020 جرّاء تفشي الفيروس.

تهديد الأمن الغذائي

كما اتسعت وتيرة المخاوف العالمية من أن تمتد تداعيات فيروس كورونا إلى تهديد الأمن الغذائي للدول، لاسيما بعد إغلاق منافذ التصدير والاستيراد بين الدول، وغلق موانئ وخطوط بحرية وجوية كإجراءات للوقاية من الوباء.

وحذرت الأمم المتحدة (3/4)، من أن الوباء يهدد بالتسبّب بنقص الغذاء لدى مئات الملايين من الناس حول العالم، ومعظمهم في أفريقيا، ممن يعتمدون على استيراد المواد الغذائية والتصدير لدفع تكاليفها.

ووفقا لبرنامج الأغذية العالمي، تغذي تجارة الأرز وفول الصويا والذرة والقمح 2,8 مليار شخص في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 212 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي المزمن، و95 مليونا يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وحذر «البرنامج» التابع للأمم المتحدة من أن «العواقب الاقتصادية ستكون مدمرة بالنسبة للعديد من الدول الفقيرة أكثر من المرض نفسه». والقارة الأكثر تعرضا للتهديد هي أفريقيا، ولاسيما دول جنوب الصحراء. ويعد الصومال وجنوب السودان الأكثر تعرضاً لتعطيل إمدادات الحبوب، بينما تعتمد دول أخرى، مثل أنغولا ونيجيريا وتشاد، على صادراتها لدفع ثمن الواردات الغذائية.

وحسب المصدر نفسه، فإنّ الدول المصدرة للنفط مثل إيران والعراق، وكذلك اليمن وسوريا اللتين مزقتهما الحرب، هي أيضا من بين أكثر الدول المهدّدة بنقص الغذاء.

 

التعليقات