المغفل الياباني

المغفل الياباني
بقلم : عبدالله عيسى
رئيس التحرير
عندما أوشكت الحرب العالمية الثانية على الانتهاء، أمر قائد عسكري ياباني، أحد جنوده، أن يرابط في مكان ما في إحدى الغابات الفلبينية، فانتهت الحرب، ووضعت أوزارها، واتفقت جميع الدول المتحاربة على إنهاء الحرب، ووقف القتال، غير أن هذا الجندي الياباني، لم يسمع بما انتهت إليه الحرب، وبقي على حاله في إحدى الغابات الفلبينية، حاملاً سلاحه، ويطلق النار على الجيش الفلبيني، واضطر الجيش الفلبيني إلى أن يحاول أن يفهم هذا الجندي الغبي، بأن الحرب قد انتهت، وعليه أن يستسلم، ولكن الجندي الياباني رفض رفضاً باتاً أن يستسلم، وأن يلقي سلاحه.

واضطرت الفلبين لمخاطبة اليابان، وطلبت من القائد العسكري الياباني، أن يصل إلى الفلبين، وتوجه القائد العسكري الياباني إلى الغابة الفلبينية، حيث يتحصن الجندي الياباني، وفعلاً توجه القائد العسكري الياباني إلى الغابة، وخاطب الجندي الياباني، وأصدر أوامره للجندي الياباني، بأن يستسلم، ويلقي سلاحه، وفعلاً استسلم الجندي الياباني؛ تلبية لتعليمات القائد، وذلك في عام 1974 أي بعد عشرين عاماً من انتهاء الحرب، وبقي عشرين عاماً يتقاتل لوحده، حتى اكتشف الحقيقة المرة، بأن الحرب قد انتهت بهزيمة اليابان.

ويبدو أن الجندي الياباني، لم يكن وحده طوال عشرات السنين الماضية، فالصراعات قائمة بين الدول، سواء صراعات عسكرية أو غيرها بلا هدف واضح أو مقنع، وانما يتقاتلون على طريقة المغفل الياباني.

ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية لغاية الآن، اندلعت حروب كثيرة بين دول عديدة، وجميعها انتهت بدون أهداف، وإنما حرب من أجل الحرب، وأنفقت مقدرات الدول على الحروب، بدل أن تنفق على رفاهية الإنسان، وعلاجه من الأمراض.

وسيبقى هذا الجندي الياباني، شاهداً على غباوته، وغباوة الدول التي شنت الحروب سابقاً ولاحقاً، وها هو وباء (كورونا) يفترس العالم، وكان الأجدر بدول العالم أن تكرس إمكانياتها وجهودها من أجل مكافحة هذا الوباء، وأن تترك الصراعات جانباً كي ينجو العالم من هذه الجائحة.

التعليقات