ماذا يعني "موازنة طوارئ تقشفية".. وهل ستؤثر على رواتب موظفي السلطة؟

ماذا يعني "موازنة طوارئ تقشفية".. وهل ستؤثر على رواتب موظفي السلطة؟
صورة أرشيفية
خاص دنيا الوطن - أحمد العشي
أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني، الدكتور محمد اشتية، أنه سيتم العمل على موازنة طوارئ تقشفية وذلك لمواجهة وباء كورونا المستجد، وللحد من انتشاره، منوها إلى أنه سيتم الحفاظ على أربع فئات وهي الامن والصحة والتعليم والموظفين والفقراء.

الكثير لا يعلم ما هي موازنة الطوارئ التي تحدث عنها اشتية، وهل ما اذا كانت ستؤثر على رواتب الموظفين سواء في الضفة الغربية وفي قطاع غزة ام لا؟، "دنيا الوطن" تواصلت مع خبيرين في الشأن الاقتصادي وخرجت بالتقرير التالي..

أكد الدكتور سمير أبو مدللة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الازهر بغزة، أن موازنة الطوارئ تؤخذ في أوضاع الطوارئ، لافتا إلى أنه في علم الموازنة لا يوجد ما يسمى بموازنة الطوارئ، لكن تضطر إليها الدول، لأن الموازنة تكون سنوية، وتكون في وضع استقرار، كما أنها تحتاج دائما الى مصادقة من السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وقال أبو مدللة: "يتم اعتماد الموازنة من السلطة التشريعية اولا قبل بداية العام بثلاثة أشهر، ثم تعتمد من السلطة التنفيذية، ولكن هذه الموازنة تؤخذ في فترات الطوارئ، حيث أن السلطة الوطنية الفلسطينية اخذت عدة مرات موازنة الطوارئ قبل ذلك، وآخر مرة في عام 2019 بسبب أزمة أموال المقاصة، والتي تعتمد عليها السلطة في تمويل 60% من نفقاتها".

وبين أبو مدللة أنه بسبب وباء كورونا، فإنه لا يوجد اعتماد لهذه الموازنة حتى اللحظة، موضحا في الوقت ذاته أنه خلال الشهور الثلاثة الاولى ومنذ اعلان حالة الطوارئ، توقفت الكثير من المنشآت والمصانع عن العمل، وهذا سيؤثر على ايرادات السلطة، بالاضافة الى أن حركة التجارة مع الجانب الاسرائيلي تكاد تكون ضعيفة جداً وبالتحديد في الضفة، كما أن اسرائيل باحتجازها لأموال المقاصة، فإنها قد أدخلت السلطة في ازمة.

وقال: "بناءً على ذلك يتم اعتماد موازنة طوارئ، حيث ستكون تقشفية، وهذا يعني أنه سيتم الانفاق على القطاعات الاكثر عطاءً في هذه الفترة، وهي قطاع التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية والاسر المستورة، وبالتالي هذه الموازنة هو شيء ايجابي في ظل ما تعانيه السلطة".

وأَضاف: "منذ عدة سنوات الكل تحدث عن موازنة تقشفية، حيث أن افضل الموازنات هي الاقل انفاقاً، حيث أن هناك ظروف صعبة تمر، عنوانها انخفاض الايرادات بشقيها الداخلي والخارجي اي من الدول المانحة، حيث أن الكثير من الدول لم تف بالتزاماتها تجاه السلطة، والان دول الاتحاد الاوروبي تدعم السلطة في ظل توقف المساعدات الأمريكية، حيث لدى هذه الدول جائحة كورونا وظروف صعبة جداً".

وأشار أبو مدللة إلى أن هذه الموازنة ستكون في أضيق الحدود، بمعنى أنها ستكون بأقل الانفاقات، لافتا إلى أنه حسب ما يأتي للسلطة الفلسطينية من ايرادات سواء داخلية او من الصندوق الذي تم تشكيله من رجال الاعمال، وبالتالي يجب أن توجه هذه الموازنة نفقاتها نحو التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية والفئات الاكثر تضرراً، وتحديدا العمال في ظل ارتفاع نسبة البطالة.

في السياق، أكد أستاذ العلوم الاقتصادية، أن هذه الموازنة ستؤثر على رواتب الموظفين، حيث أنه في الوضع الطبيعي، فإن موظفين قطاع غزة وبالتحديد منذ عامين وثلاثة أشهر، فإن رواتب موظفي السلطة في قطاع غزة لا تزيد عن 60%، لافتا إلى أنه من الممكن أن يتم اتخاذ خطوة اجرائية، تتمثل في اقتطاع جزء من رواتب موظفي الضفة وتبقى لهم كمستحقات وقد تصل الى 50% او 60% ليتساوى الموظفين بين جناحي الوطن.

وقال: "من غير المعقول أن يتم الحديث عن موازنة تقشفية، ورواتب موظفي غزة لا تزيد عن 60% من الراتب الاساسي، بينما يتلقى موظفو الضفة رواتب بنسبة 100%، حيث أننا جميعا تحت الاحتلال ونمر في جائحة كورونا، وبالتالي يجب أن يكون هناك عدالة في توزيع الموارد باتجاه كل فئات الشعب وتجاه الموظفين بالتحديد".

وأضاف أبو مدللة: "تأثير هذه الموازنة سيكون بالتساوي بين الضفة وقطاع غزة، وستنعكس على الحركة التجارية الداخلية، وتحديدا في الاسواق التي تعاني اصلا من حالة ركود، وهذا سيزيد في الفترة المقبلة، حيث أن جزء كبير من الاسر لا تستطيع تلبية حاجاتها الأساسية".

وبين أن 80% من سكان قطاع غزة، يتلقون المساعدات سواء من وكالة (أونروا) حيث يتلقى  المساعدات منها مليون و60 الف شخص، او من السلطة الفلسطينية 73 الف اسرة شؤون اجتماعية، او جزء من برنامج الغذاء العالمي، وبالتالي تقارير البنك الدولي يقول ان أكثر من نصف سكان قطاع غزة فقراء، حيث تصل نسبة الفقر 53.3%، متوقعا أن تزداد نسبة الفقر والبطالة خلال الفترة المقبلة في ظل ازمة الموظفين على الضفة الغربية اذا ما تم مساواتهم مع موظفي غزة بالحصول على نسبة 60% من الراتب، ولن يستطيع جزء من الموظفين أن يفي بالتزاماته.

وأشار إلى أن هناك جزء سيتأثر وهم العمال الذين يعملون في الجانب الاسرائيلي، وبالتالي يجب ان يكون لدى السلطة الفلسطينية رؤية بتقديم مساعدات حتى لو كانت عينية لهذه الاسر حتى تستطيع تلبية حاجاتها الأساسية.

من جانبه، أوضح الدكتور نائل موسى أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة النجاح الوطنية، أنه في العادة تكون الموازنة العامة وحدة واحدة كاملة لكل السنة، وفيها المراكز المالية سواء الدفع او القبض، حيث يكون واضح نصيب كل مركز مالي من الايرادات والنفقات.

وقال موسى: "الموازنة الطارئة تكون الحكومة فيها مرنة بشكل أكثر، بمعنى أنها يتم اعدادها شهرياً، حيث سيتم هناك انخفاض كبير في موازنة السلطة بالمراحل المقبلة، وبالتالي هناك نقص حاد في الايرادات قد تصل الى حوالي 70%، وبالتالي الحكومة بحاجة لمرونة اكثر في ادارة هذه المالية".

وأضاف: "قانون الطوارئ يتيح للحكومة ان تقوم بموازنة شهرية، بمعنى حصر النفقات والايرادات لكل شهر، وهذه الموازنة ليست هي المرة الاولى التي تمارسها حكومة اشتية، حيث أن العام الماضي، عندما رفضت الحكومة استيلام اموال المقاصة من اسرائيل، أقرت موازنة لنصف السنة الاولى كموازنة طوارئ، وبالتالي موازنة الطوارئ فيها مرونة اكثر من الموازنة العادية".

في السياق، أشار موسى إلى أن حجم التأثر من هذه الموازنة في الضفة الغربية سيكون أكثر، ولكن من ناحية النسبة ستكون في طقاع غزة أكبر، لافتا إلى أن الموازنة عبارة عن نتيجة وليست سبب، حيث جاءت نتيجة للأوضاع الراهنة.

واوضح أستاذ العلوم الاقتصادية، أن موازنة السلطة مكونة من ثلاثة بنود، البند الاول هو ما يتم جمعه من الضفة الغربية، والبند الثاني يتعلق بأموال المقاصة، اما البند الثالث يتعلق بالمساعدات والمنح.

وقال: "يمكن القول بأن المساعدات والمنح قد انتهت لان كل دول العالم تمر بالازمة، اما المقاصة ستنخفض لأنه حركة الاستيراد ستنخفض، حيث أن هناك توقعات بأن ايرادت الحكومة ستنخفض نسبة 70%، وبالتالي هذا يخلق موازنة طارئة من اجل اعادة تركيب موازنة بشكل يتماشى مع الايرادات المتوقعة".

وأضاف: "بعد الخروج من الازمة، ستعود الموازنة العادية، حيث ان الموازنة الطارئة ستأخذ بعين الاعتبار اعادة التموضع على الموازنة الاساسية، حيث أن الخروج من ذلك يحتاج الى سياسة وطنية، حيث يجب التطلع لمكافحة المرض ولكن في المقابل عدم اهمال الدور الاقتصادي، لأنه ليس هناك حاجة لأن تحارب الحكومة هذا المرض، وفي النهاية تخلق قاعدة فقر كبيرة".

ورأى موسى أن الاجراءات القاسية لا تحد من المرض، ولكن هناك حاجة الى تحسين الاجراءات، مع بقاء سير الاقتصاد، لأنه اذا ما توقفت عجلة الاقتصاد، فشريحة البطالة والفقر ستزداد.

وأكد أن هذه الموازنة ستؤثر بشكل أكيد على رواتب الموظفين، لافتا إلى أن هناك الدكتور اشتية اكد انه سيتم المحافظة على ثلاثة شرائح وهي الامن والصحة والفقراء، متوقعا أن يحصل الموظفون على جزء من رواتبهم.

التعليقات