الكوفيد 19 والحجر المنزلي

الكوفيد 19 والحجر المنزلي
الكوفيد 19 والحجر المنزلي
 د. يسر الغريسي حجازي

"إن قانون الإنسانية هو قانون السلام، لأن المستقبل ينتمي إلى أولئك الذين يتحدثون ويتصرفون بقلب وإيمان. يتم تقاسم القيم الجميلة، وتجديدها لزيادة قوة ووعي العقول."

هل يمكن أن يؤدي الحجر الصحي إلى الاصابة بمتلازمات الإجهاد اللاحق للصدمة؟ هل يمكن أن يؤثر الحجر الصحي على التوازن العقلي لآلاف الأشخاص حول العالم؟ كيف يمكن استغلال هذا القيد المفروض علينا بشكل ايجابي؟ هل يمكن أن يكون ذلك دعوة من السماء لإجبارنا علي تغيير مواقفنا وسلوكياتنا؟ ما نعرفه هو أن الفيروس التاجي يثبت للعالم، أنه الأكثر خطورة في معدل انتشاره بين السكان كما أن الإجراءات الدولية لكسر سلسلة الوباء تأخرت إلى حد ما منذ بداية العدوي. ويستمر هذا الفيروس الملعون بضرب الألاف من الأشخاص، دون احتساب القتلى والناجين القلائل الذين لا يزالون يعيشون في صدمة عامة. والاكثر رعبا،  يكمن في مشاهدة  الناس يندفعون إلى محلات السوبر ماركت للمشتريات وذلك بكميات هائلة وتحسبا لاغلاق الكامل في الدول التي انتشر فيها الفيروس التاجي. فكلما زاد انتشار الوباء، أصبحت إجراءات النظافة والحجر المنزلي أكثر صرامة للسكان مما يفسر خوف الناس والهجوم على المشتريات.  هذا يبرز الارتباك وعصبية الناس، وذلك يرافقه الخوف الإضافي من العدوي و الإصابة بالمرض. من الآن فصاعدًا، لم يعد من الممكن عدم  الاهتمام  بما يجري حول العالم جراء الفيروس التاجي.  إننا نتحدث عنه طوال الوقت و نري النشرات الاخبارية على جميع وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية. بالإضافة إلى كل هذا، أعتقد شخصيًا أن معدل الأشخاص الساخرين بيننا أعلى بكثير مما يمكن للمرء أن يتخيله. و ذلك بمجرد انهم يثيرون الذعر في هذه الأوقات العصيبة، و يتمتعون بخوف الناس. وبالتالي ، فإن هؤلاء الناس لا يكلون على الشبكات الاجتماعية في تصنيع وصياغة معلومات سخيفة، بهدف نشر القلق والارتباك بين مستخدمي الإنترنت. 

من المستحيل ألا نسمع اخبار عن الفيروس التاجي كل يوم، بسبب اننا آملين بأن يأتي لنا خبر عاجل يتحدث عن ايجاد تطعيم او علاج ينهي بصفة نهائية هذا الوباء اللعين. ان عدم الاستماع إلى الضوضاء التي تنتشر هنا وهناك، سواء ان كان ذلك في الراديو أو في التلفزيون أو على الشبكات الاجتماعية يبقي الحل الانسب لتفادي الارهاق و الحيرة. كما أن معظم المعلومات الخاطئة تثير مخاوف عميقة، لأنها تساهم في بث الرعب وتزيد من الاجهاد. نحن بالفعل في حالة اضطراب شديد، لأن معظمنا يخاف من الإصابة أكثر من الوباء نفسه. من السهل أن نرى أن الحجر المنزلي يصبح أكثر صعوبة على الجميع ، وأن الضغط يزداد مع وسوسة غسل الأيادي كل ساعة و تطهير المنازل والملابس. كم من الوقت سوف يستمر هذا الحال؟ إلى متى ستستمر الفتاوي والاكاذيب حول ايجاد العلاج؟ كل الاطباء والشيوخ وجدوا العلاج ما عدا العلماء. والحيرة الاكبر تتمحور حول اذا كان هناك أجور للموظفين في نهاية كل شهر إذا استمر الوضع؟  ناهيك عن الأطفال الذين يشعرون بالملل في المنزل ، والأمهات المنهكات بين التنظيف والطبخ و الاولاد، والآباء الذين لا يمكنهم التوقف من التسوق من اجل توفير النواقص الأساسية التي ليس لها نهاية. في الواقع، إن التواجد في البيت قسرا يمنحنا القلق بسبب اعتيادنا علي العمل وتلك العادة حرمنا منها. الآن أصبح هذا الوضع مؤسفًا، بسبب ان المخاوف تشتد حدة لتتحول إلى كرب. و بدلاً من إبلاغنا بوجود حلًا لهذا الفيروس الملعون سواء كان دواء أو لقاحًا، يحيطنا  الاعلام  ليخبرنا عن ازدياد عدد المصابين و  والوفيات  في كل العالم وانه يجب علينا الاستعداد للوصول الي ذروة هذا الوباء. حتي نطلع من هذا الوضع المجهد، علينا فقط ان نعرف  أشكال القلق التي نخضع لها وهي كالتالي:

1-لدينا مخاوف أكثر من ذي قبل، لأننا لا نقبل ما يحدث لنا، و لا عملية الحجر المنزلي التي يجب علينا أن نحترمه بسبب انه يحمينا من التعرض للعدوي. و ذلك ما يفسر لماذا لم نتقبل حقيقة الوضع. مما يزيد من تأثير التوتر والقلق والسلوك المتهيج،

  2-مشاهدة جميع مقاطع الفيديو التي تنشر المعلومات المرعبة و الخاطئة حول وباء كوفيد19، مما يثير الذعر والارتباك في التفكير بشكل غير مسبوق،

3- يمكن للخوف أن يمنعنا من القيام بالأنشطة اليومية، وادارة الاسرة وذلك يؤثر سلبا علي أبنائنا. ذلك يساهم في تسميم اجواء المنزل و الأسرة بكاملها، مما يجعلهم مكتئبون و كثيرون الحركة و سريعون الغضب بدون سبب. وهكذا تدخل الاسرة في حالة غليان،

 4- ان القلق طوال الوقت يمكن أن يزيد فقط من الشعور بعدم الثقة بالنفس. كما ان الاستمرا لن نغير أي شيء ، لأن هذا الوضع عام

لذلك الخوف هو شعور تحذيري ، وردود فعل للحماية الذاتية لتحذيرنا من اتخاذ الاحتياطات اللازمة ، للسيطرة بشكل أفضل على الموقف المجهد الذي نجد أنفسنا فيه. ومع ذلك ، ما يمكن أن يزيد من الشعور بالخوف هو إنتاج الصور على وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية التي يمكن أن تغير تصوراتنا للواقع. يميل كل القلق إلى زعزعة استقرارنا ويجعلنا نفقد ثقتنا. 

لهذا من المهم اختيار المعلومات بعناية على مواقع الويب الرسمية. ندرك جميعًا أنفسنا في هذه المواقف من الخوف الشديد ، وكلنا نسأل أنفسنا نفس الأسئلة المتعلقة بالحياة والمرض والموت. ولكن من المهم أن تعيش في معالمك الخاصة ، حتى لا تفقد إيمانك أو توازنك. البقاء مشغولًا هو أفضل طريقة لحماية توازن حياتك والحفاظ على تفاؤلك. لدينا الوقت أيضًا لاعادة الذكريات الجيدة للطفولة والنكات والمواقف المجنونة التي مر بها الماضي أثناء تصفح كتاب قديم من الذكريات أو ألبوم صور. 

ما عليك أن تفهمه هو أنه إذا لم نفكر بشكل منطقي، فإننا نخاطر بالغرق في هاوية الخوف. يمكننا أيضًا التخطيط لما سنفعله بعد الحجر المنزلي، وكيف يمكننا إعادة تنظيم حياتنا وعائلاتنا. ربما يمكننا تعلم دروس حياة واستخلاص العبر، بسبب لا يمكن يحدث أي شيء مقابل لا شيء. أنا شخصياً أريد أن أصدق أن هذه رسالة مرسلة من السماء، لتحذيرنا من افعالنا وسلوكياتنا السطحية تجاه القيم الكونية. علي أن نكون أكثر اتحادًا مع بعض، وأن نفهم ان كل انسان يستحق الحياة وانه لا يوجد عبيد لخدمة الجشعين، وأن نتشارك لقمة العيش مع أولئك الفقراء. فلنكن أكثر سعادة ووحدة وإنسانية. أعتقد أنه من السهل جدًا تغيير مواقفنا، أن نكون أقل أنانية وسطحية، من اجل منح الفرص للاخرين. حان الوقت لتقدير كل شيء من حولنا: قياس سعادتنا مع الطبيعة والعائلة والأصدقاء والخبز الذي يسمح لنا بالعيش. يجب أن نعرف أيضًا، كيف نشكر الخباز الذي يعجن الخبز والمزارع الذي زرع بذور القمح. إننا نحتاج الي الإنسانية وهي التي تمنحنا الايمان و الحب، والعيش بكرامة و احترام و الضمير الكامل.

 فهم الحياة يحتاج الي التقدير و القناعة و مراعاة احتياجات قلوبنا، ثم احتياجات الآخرين لمنحهم  الحب و المساندة خاصة عندما يكونون في أشد الحاجة إليهما.

  يمكن أن يكون الحجر المنزلي تجربة قاسية، إلا انه ياتي في الوقت الذي نسينا فيه معني الانسانية وفضائل الحياة. كما ان تدفقات الطاقة السلبية التي يطلقها البشر في الهواء، قد عززت المكر وانه ما يصيبنا اليوم ياتي نتيجة الخبث والتلاعب بالمعادلات الكونية. 

بعد هذه المحنة الرهيبة، لن نكون هناك الاشاء مثلما كالسابق. ان العالم بحاجة إلى السلام! 

التعليقات