(كورونا) كشف الوجه الحقيقي للاقتصاد العالمي وسيطرة (الصين).. فهل ستغير الدول خططها؟

(كورونا) كشف الوجه الحقيقي للاقتصاد العالمي وسيطرة (الصين).. فهل ستغير الدول خططها؟
صورة أرشيفية
خاص دنيا الوطن- أمنية أبو الخير 
بالتزامن مع ضرب فيروس (كورونا) للصين، دخل الاقتصاد العالمي في مرحلة ركود فعلي، ليتفاجأ العالم، بمدى اعتماده على الصين، بأغلب الصناعات الخفيفة، كالأطعمة والملابس والأدوات الصحية الخاصة بمواجهة الأوبئة، كالكمامات، وأجهزة التنفس والمعقمات، وملابس الأطباء الوقائية.

الضربة كانت موجعة فعلاً لثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم وهي الصين، التي خسرت، ما يزيد على 140 مليار دولار، خلال فترة عطلة رأس السنة الصينية، ولكن ارتداداتها، وصلت العالم أجمع، وهنا يُطرح السؤال، هل أثبتت أزمة (كورونا) أن الاقتصاد العالمي يخرج من الصين ودول شرق آسيا.. فما الصناعات التي تنتجها الدول الكبرى، وما مصيرها بعد انتهاء الجائحة؟

هيكل اقتصاديات جديد 

قال الدكتور نصر عبد الكريم، أستاذ العلوم المالية والاقتصادية في كلية الدراسات العليا في الجامعة العربية الأميركية: في آخر 20 عاماً، أصبح هناك تحولاً في هيكل الاقتصاديات الصناعية الكبرى في أوروبا وأمريكا، وإلى حد كبير اليابان وإسرائيل، وهذه التحولات، أفضت إلى التخلي عن كافة السلع منخفضة القيمة والاستهلاكية والتقليدية، ومنها الغذاء والملابس والأدوات المنزلية.

وأشار خلال حديثه مع "دنيا الوطن" إلى أن تلك الدول، اتجهت أكثر نحو إنتاج سلع وخدمات ذات قيمة مضافة عالية، تعتمد أكثر على التكنولوجيا الحديثة، وعلى الإبداع والابتكار، وتخلوا عن الصناعات التقليدية.  

وأوضح، أنه لهذه الأسباب سيطرة الصين على بعض الصناعات، ولكن بمساعدة رأس المال وبمساعدة تكنولوجيا الغرب، متمماً: "الصين ليست لوحدها، لأن كثيراً من الشركات العالمية، هي شركات متعددة الجنسيات، وكثير من المستثمرين، نقلوا معظم أعمالهم وأنشطتهم الإنتاجية إلى الصين؛ للاستفادة من فرصها سواء أكان رخص القوى العاملة، أو الأسواق والمزايا الضريبية الأخرى. 

وأردف: هذه الأسباب، جعلت من الصين مركز إنتاج عالمياً، وأصبحت متواجدة في كل بيت في العالم، سواء إنتاجها، أو بتكليف من شركات أجنبية كبرى، وعندما تضررت الصين بسبب الوباء، وتعطلت الماكينة الإنتاجية، شعر العالم بالنقص في بعض السلع، وأبرزها السلع الطبية المتعلقة بمكافحة الأوبئة، كالكمامات والقفازات، وملابس الأطباء، والمعقمات.

وتوقع، أن تنتبه دول العالم بشكل أكبر بعد انتهاء وباء (كورونا)،
وتحاول أن تسد النقص أو الحاجة أو الضرر الذي لحقها، وقد ظهر ذلك من خلال تصريحات المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، عندما تحدثت بضرورة الاعتماد على أنفسهم بشكل أكبر في مسألة المستلزمات الطبية. 

واستطرد: سيكون هناك تحول كبير بعد أزمة (كورونا) في هيكل الاقتصاديات من جديد، وسترجع الدول للتركيز على السلع الحيوية، وبالأخص السلع التي لها علاقة بصحة الإنسان وغذائه، وسنرى ارتدادات جديدة لهذه الصناعات، بالأخص الدول الكبيرة كأمريكا، التي ركزت على السلع ذات القيمة المضافة الكبيرة، وهو ما صنع الاقتصاد الأمريكي. 

تشكل نظام دولي جديد  

وقال الدكتور نائل موسى، أستاذ علوم الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية: الصين واليابان في آخر 10 سنوات وأكثر، اعتمدت على إنتاج السلع المدنية للتصدير الخارجي، كالمستخدمات البسيطة الطبية والملابس وألعاب الأطفال.. الخ، بينما اعتمدت أمريكا على صناعة السلع الكبيرة كالأسلحة والسيارات والماكينات الضخمة، لأن سوقها كبير.  

وأضاف موسى لـ"دنيا الوطن": "الصناعات الكبيرة سواء العسكرية أو المدنية، تنتجها الدول الكبيرة كأمريكا وأوروبا ومعها أحياناً اليابان، بينما التزمت الصين بالسلع المدنية والأجهزة البسيطة، وداعمات الأجهزة (كالشواحن) وقطع الغيار، وكل الأمور المساندة". 

وتوقع بعد أزمة (كورونا) أن تظهر الدولة الوطنية والقومية بشكل أكثر، ويتشكل نظام دولي جديد، وتصبح الفلسفة الاستراتيجيات القائمة فيه مختلفة عن الاستراتيجيات التي كانت قائمة بالسابق، ويكون بالنظام قوة للدولة الوطنية.

وأردف: ستصبح كل دولة، تنظر إلى الداخل، أكثر مما تنظر للخارج، وتنظر للإنتاج المحلي والاستهلاك المحلي، أكثر مما تنظر إلى التصدير والاستيراد، وبذلك تؤثر على المنظومة التجارة العالمية بعد أزمة (كورونا).  

ترتيب المجال الصحي

وقال الدكتور محمود محمد صبرة، أستاذ الاقتصاد المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الأزهر: صحيح أن الصين ثاني أكبر اقتصاد بالعالم من حيث الناتج المحلي، وبالتالي حجم الإنتاج لديهم كبير، ولديها قدرة على المنافسة، وتقديم السلع للعالم، بنفس الجودة، وبسعر أقل.  

وأضاف صبرة لـ"دنيا الوطن": "لا نريد أن ننسى أن الأمر غير متعلق فقط بالصين، لأن القدرة الإنتاجية بالصين معتمدة بشكل كبير جداً على (الشركات متعددة الجنسية) وهي متواجدة بالصين على شكل استثمارات أجنبية مباشرة، وضخمة جداً، مملوكة للاقتصاديات الصناعية، وموجودة في الصين، بالتالي هي عبارة عن مركز إنتاج رئيسي في العالم، ويضاف إليها دول شرق أسيا".

وأوضح أنه لا يوجد تقصير من قبل الدول المتقدمة في صناعة الأدوات الوقائية الطبية، قائلاً: لم يكن قبل جائحة (كورونا) من الرشادة الاقتصادية والعقلانية، أن تقوم الدول بإنتاج أكبر من كمية الإنتاج التي كانت تنتج بالسابق، الولايات الامريكية، استهلكت كمامات بمعدل 250 ألف كمامة خلال العام، وبالتالي إنتاج أكثر من هذه الكمية قبل (كورونا) سيكون هدراً، لماذا تنتج الدول الرائدة بصناعة أجهزة التنفس الصناعي بشكل زائد عن حاجة الدول؟ وما كان أحدٌ مستعداً لوباء لم يضرب العالم منذ زمن. 

وتوقع، أن تكون عملية الإنفاق على المجال الصحي والوقاية الصحية وترتيبه، مختلفة على المستوى العالمي، بعد انتهاء جائحة (كورونا) وبشكل كبير جداً. 

التعليقات