الدور الرقابي لمواقع التواصل الاجتماعي

الدور الرقابي لمواقع التواصل الاجتماعي
الدور الرقابي لمواقع التواصل الاجتماعي
الإعلامي والاكاديمي : توفيق أبو جراد

كان لظهور منافذ الاتصال الجديدة دوراً مهماً في تغيير بنية المجتمع الفلسطيني، حتى أصبح لمواقع التواصل الاجتماعي التأثير القوي في تشكيل الرأي العام وتحدي اتجاهاته.

 في ظل الاستخدامات الكبيرة لواقع التواصل الاجتماعي من قبل الجمهور الفلسطيني ، ظهرت  صحافة المواطن أو المواطن الصحفي الذي تحول الى سلطة قوية وأداة لطرح القضايا والموضوعات التي  تستحوذ على اهتمام الناس، ونظرا لان مواقع التواصل الاجتماعي لا تخضع لقيود أو ضوابط يستخدمها النشطاء للتعبير عن أراءهم وايصال صوتهم بعرض حالات التجاوزات والاخطاء التي ترتكبها المؤسسات الاهلية و الحكومية وحتى المسؤولين من خلال المنشورات والصور ومشاهد الفيديو.

ان الدور الرقابي الذي تتمتع به مواقع التواصل الاجتماعي في ظل غياب الدور الرقابي البرلماني  يضعها في ترتيب متقدم في وسائل الضغط على صناع القرار الفلسطيني، ومن خلال المتابعة للقضايا التي شغلت الرأي العام الفلسطيني خلال الأيام المنصرمة نجد بان مواقع التواصل الاجتماعي كان لها الدور الأكبر في عملية التغيير.

 فالساحة الفلسطينية شهدت الكثير من الاحداث التي شغلت الراي العام المحلي، فقد كان النشطاء على موعد مع طرح قضية الحجر الصحي للقادمين عبر معبر رفح وايوائهم في المدارس التي لا ترتقي لأدنى مقومات الحجر الصحي، واستخدم النشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في التعبير عن سخطهم ورفضهم لهذه الظروف مما اضطر الجهات المسؤولة لتحسين الأوضاع الصحية لهم وتوفير كافة المستلزمات الكفيلة بحجرهم بطريقة صحيحة وملائمة.

 كما كان لمواقع التواصل الاجتماعي الأثر الكبير في وقف نشاط جمعية الفلاح الخيرية وتشكيل لجنة تحقيق في دخول الصحفيين للمستشفى الميداني الذي يمكث فيه المصابين بفايروس (covid 19 )  كورونا، وأيضا حالة الرفض الشعبي الكبير لاحتشاد المئات من المواطنين لاستقبال اسير محرر من سجون الاحتلال في جنين مما أضطر الجهات المسؤولة لتشكيل لجنة تحقيق لمعاقبة المتسببين في ذلك .

ان هذه الاحدث وغيرها شكلت منعطفا جديدا في تعاطي الجهات المسؤولة مع القضايا التي تثار عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت الأداة الأهم بيد الجمهور من اجل التعبير عن رفضهم او قبلوهم للعديد من القضايا.

ورغم الإيجابيات التي تتمتع بها مواقع التواصل الاجتماعي من خلال تشكيل الراي العام الا ان الاستخدام المتزايد والمفرط لها في كثير من الأحيان يجعل النقاش غير موضوعي وتبادل الآراء بحوار غير منطقي ولا يستند على حجج وبراهين واقعية حول القضايا الحساسة، انما يعتمد على الصور المتكونة للشخصيات او الأحزاب او المؤسسات المتعلقة بالحدث مما يشكل تأثيرا سلبيا على وعي وأدراك الجماهير.

كما أن الفضاء المفتوح لهذه المواقع لا يخلو من السلبيات المتعلقة بإتاحتها المجال لفئات لا تمتلك الخبرة والثقافة المناسبة لنشر مواد إخبارية ومعلومات دون الالتزام بضوابط واخلاقيات العمل الإعلامي وقد تفتقر هذه المعلومات الى الموضوعية والمصداقية والدقة وبالتالي تهدد أمن المجتمع وتماسكه.

ورغم ذلك فإن مواقع التواصل الاجتماعي شكلت نموذجا راقياً للرقابة على المجتمع، فقد أصبحت المؤسسات والشخصيات العامة تخشى من تأثيرات هذا الفضاء الإعلامي على تشكيل صورتها لدى الجمهور وتعمل بشكل جيد من أجل تصويب أوضاعها حتى لا تكون عرضة لانتقادات الراي العام الذي يشكل خلال هذه المواقع.

التعليقات